responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3306
هُوَ الْمُنَاسِبُ لِعُنْوَانِ الْبَابِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي غِنَى النَّفْسِ، فَإِنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْغِنَى وَالْفَرْدُ الْأَكْمَلُ فِي الْمَعْنَى، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غِنَى الْيَدِ الْمُوجِبُ لِتَحْصِيلِ الْخَيْرَاتِ وَالْمَبَرَّاتِ فِي الدُّنْيَا، وَوُصُولِ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَاتِ فِي الْعُقْبَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ لِمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَتَحَقَّقَ بُرْهَانُهُ. (" الْخَفِيَّ ") . بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ: الْخَامِلَ الْمُنْقَطِعَ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ الْمُشْتَغِلَ بِأُمُورِ نَفْسِهِ، أَوِ الْخَفِيَّ الْخَيْرِ بِأَنْ يَعْمَلَهُ وَيَصْرِفَ مَالَهُ فِي مَرْضَاةِ رَبِّهِ حَيْثُ لَا يُطْلِعَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، الشَّامِلَ لِلْفَقِيرِ أَيْضًا، كَمَا وَرَدَ: «حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَرُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ أَيِ: الْمُشْفِقَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَعْنَاهُ الْوَاصِلُ لِلرَّحِمِ اللَّطِيفُ بِهِمْ وَبِغَيْرِهِمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ: الِاعْتِزَالُ أَفْضَلُ مِنَ الِاخْتِلَاطِ، وَمَنْ قَالَ بِتَفْضِيلِ الِاخْتِلَاطِ تَأَوَّلَ هَذَا بِالِاعْتِزَالِ فِي وَقْتِ الْفِتْنَةِ. أَقُولُ: أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَاطِ أَرْبَابِ الْبَطَالَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلِكِ: أَرَادَ بِهِ الْخَفِيَّ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فِي نَوَافِلِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الرِّيَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْ لَا يَتَكَبَّرُ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَفْتَخِرُ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ، بَلْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مُنْكَسِرَةً مِنَ التَّوَاضُعِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ قَلِيلَ التَّرَدُّدِ وَالْخُرُوجِ إِلَى نَحْوِ الْأَسْوَاقِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، ذَكَرَهُ الْجَزَرِيُّ. وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ أَلْحَقَ بَعْدَ قَوْلِهِ: التَّقِيَّ، النَّقِيَّ بِالنُّونِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَشَرْحِهِ، وَلَا فِي الْحُمَيْدِيِّ وَجَامِعِ الْأُصُولِ.
(وَذُكِرَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: " «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَيْنِ ") أَيْ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا» (فِي " بَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ ") : صَوَابُهُ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْحَدِيثُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْمُنَاسِبَيْنِ لِلْبَابَيْنِ بِاعْتِبَارِ الرَّجُلَيْنِ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِفَضْلِ الْقُرْآنِ خُصَّ بِهِ أَوَّلًا مُقَرَّرًا وَصَارَ الثَّانِي مُسْتَدْرَكًا مُكَرَّرًا.

الْفَصْلُ الثَّانِي
5285 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: " مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ ". قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: " مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
5285 - (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) : بِالتَّاءِ (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ) أَيْ: أَيُّ أَصْنَافِهِمْ (خَيْرٌ) أَيْ: أَخْيَرُ (قَالَ: " مَنْ طَالَ عُمُرُهُ ") بِضَمَّتَيْنِ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْصَحُ الْوَارِدُ فِي كَلَامِهِ سُبْحَانَهُ، وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ تَخْفِيفًا، وَفَتْحُ الْعَيْنِ وَسُكُونُ الْمِيمِ لُغَةٌ فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] وَفِي الْقَامُوسِ: الْعُمُرُ بِالْفَتْحِ وَبِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ الْحَيَاةُ. (" وَحَسُنَ عَمَلُهُ " قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ) ؟ أَيْ: أَشَرُّ (قَالَ: " مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ ") . قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَوْقَاتِ وَالسَّاعَاتِ كَرَأْسِ الْمَالِ لِلتَّاجِرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْجُرَ فِيمَا يَرْبَحُ فِيهِ، وَكُلَّمَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِ كَثِيرًا كَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ، فَمَنْ مَضَى لِطَيِّبِهِ فَازَ وَأَفْلَحَ، وَمَنْ أَضَاعَ رَأْسَ مَالِهِ لَمْ يَرْبَحْ وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا، انْتَهَى. وَبَقِيَ صِنْفَانِ مُسْتَوِيَانِ لَيْسَ فِيهِمَا زِيَادَةٌ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَهُمَا: مَنْ قَصُرَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ أَوْ سَاءَ عَمَلُهُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَالدَّارِمِيُّ) : وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ مَرْفُوعًا " طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ " وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالًا ".

5286 - وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ بَعْدَهُ بِجُمُعَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا قُلْتُمْ؟ " قَالُوا: دَعَوْنَا اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيَرْحَمَهُ وَيُلْحِقَهُ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَعَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ؟ " أَوْ قَالَ: " صِيَامُهُ بَعْدَ صِيَامِهِ ; لِمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست