responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3283
يُرَادُ بِهَذَا أَنْ يَجْعَلَ قُوَّتَهُ كَفَافًا وَلَا يَشْغَلَهُ بِالْمَالِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ فِي حَقِّ الْمُقَرَّبِينَ مُؤْنَةٌ مِنَ الْمَآلِ وَخُشُونَةِ الْحَالِ. (" وَأَمِتْنِي ") : وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ: وَتَوَفَّنِي (" مِسْكِينًا ") : دَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى وَصْفِ الْمَسْكَنَةِ إِلَى آخِرِ الْعُمُرِ، (" وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ ") . أَيْ فَرِيقِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لَا تَخْفَى لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاحْشُرْهُمْ فِي زُمْرَتِي لَكَانَ لَهُمْ فَضْلٌ كَثِيرٌ وَعُلُوٌّ كَبِيرٌ، وَنَظِيرُهُ مَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» " حَيْثُ لَمْ يَقُلْ كَفَضْلِي عَلَى أَعْلَاكُمْ، هَذَا وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ سَلَاطِينِ الْإِسْلَامِ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالصُّلَحَاءِ الْكِرَامِ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ مَحَبَّتُنَا تَرْكُ الدُّنْيَا وَعَدَاوَتُنَا تَرْكُ الْعُقْبَى، فَجَاوَزَهُمْ وَتَجَاوَزَهُمْ وَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ، وَقَالَ: نَحْنُ لَمْ نَقْدِرْ عَلَى مَحَبَّتِكُمْ وَلَا طَاقَةَ لَنَا عَلَى عَدَاوَتِكُمْ.
(فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) أَيْ: لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتَ هَذَا الدُّعَاءَ وَاخْتَرْتَ الْحَيَاةَ وَالْمَمَاتَ وَالْبَعْثَةَ مَعَ الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ دُونَ أَكَابِرِ الْأَغْنِيَاءِ؟ (" قَالَ: " إِنَّهُمْ) : اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ: لِأَنَّهُمْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ بَقِيَّةِ فَضَائِلِهِمْ وَحُسْنِ أَخْلَاقِهِمْ وَشَمَائِلِهِمْ (" يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ ") أَيْ: زَمَانًا وَمَكَانًا وَمَكَانَةً (" بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا ") ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَوْعُودٍ فِي مُدَّةٍ لِمُسَابَقَةٍ كَمُضَاعَفَةِ الْحَسَنَةِ بِالْعَشَرَةِ فِي الطَّاعَةِ (" يَا عَائِشَةُ! لَا تَرُدِّي الْمِسْكِينَ ") أَيْ: لَا تَرُدِّيهِ خَائِبًا بَلْ سَامِحِيهِ جَائِيًا وَآيِبًا وَأَحْسِنِي إِلَيْهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (" وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ") أَيْ: بِنِصْفِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا أَوْ رُدِّيهِ رَدًّا جَمِيلًا تَسْتَحِقِّي بِهِ جَزَاءً جَزِيلًا، وَلِذَا لَمَّا وَقَفَ مِسْكِينٌ عِنْدَهَا وَأَعْطَتْهُ حَبَّةَ عِنَبٍ بَقِيَتْ فِي يَدِهَا وَعَاتَبَ الْمِسْكِينُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا أَلْقَى مِنَ الْفَهْمِ إِلَيْهَا قَالَتْ قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] . وَالْحَبَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مِقْدَارِ كَذَا مِنَ الذَّرَّةِ. (يَا عَائِشَةُ! أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ) أَيْ: بِقَلْبِكِ (" وَقَرِّبِيهِمْ ") ، أَيْ: إِلَى مَجْلِسِكِ حَالَ تَحْدِيثِكِ (" فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ") . أَيْ: بِتَقْرِيبِهِمْ، تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (رَوَاهُ) أَيِ الْحَدِيثَ بِكَمَالِهِ (التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي: " شُعَبِ الْإِيمَانِ ") أَيْ: عَنْ أَنَسٍ.

5245 - وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِلَى قَوْلِهِ (فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5245 - (وَرَوَى) : وَفِي نُسْخَةٍ وَرَوَاهُ (ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِلَى قَوْلِهِ: " زُمْرَةِ الْمَسَاكِينَ ") : قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ الْمُنْذِرِيِّ: وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَزَادَ: " «وَإِنَّ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ» ". وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَحْمِلَنَّكُمُ الْعُسْرُ عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي فَقِيرًا وَلَا تَوَفَّنِي غَنِيًّا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ» " قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: زَادَ عَلَيْهِ غَيْرُ أَبِي زُرْعَةٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَلَا تَحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْأَغْنِيَاءِ. قُلْتُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ آخَرُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ لَكَفَى حُجَّةً وَاضِحَةً وَبَيِّنَةً لَائِحَةً عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنَ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ: الْفَقْرُ فَخْرِي وَبِهِ أَفْتَخِرُ فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحُفَّاظُ مِثْلَ الْعَسْقَلَانِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ: كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَقْرِ الْقَلْبِيِّ الْمُؤَدِّي إِلَى الْجَزَعِ وَالْفَزَعِ بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى تَقْسِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» " وَقَدْ رُوِيَ: «الْفَقْرُ أَزْيَنُ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنَ الْعِذَارِ الْحَسَنِ عَلَى خَدِّ الْعَرُوسِ» ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ.
وَرُوِيَ: «الْفَقْرُ شَيْنٌ عِنْدَ النَّاسِ وَزَيْنٌ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ أَنَسٍ. وَرُوِيَ: «الْفَقْرُ أَمَانَةٌ فَمَنْ كَتَمَهُ كَانَ عِبَادَةً، وَمَنْ بَاحَ بِهِ فَقَدْ قَلَّدَ إِخْوَانَهُ الْمُسْلِمِينَ» . رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عُمَرَ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست