responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3280
(فَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوَ فِي هَذَا أَنْتَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ بَعْدَ اسْتِفْهَامٍ إِنْكَارِيٍّ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ أَيْ: أَتَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ وَأَنْتَ إِلَى الْآنَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَكَ التَّرَقِّي إِلَى فَهْمِ الْمِرَاءِ؟ وَقِيلَ قُدِّمَ الِاسْتِفْهَامُ لِصَدَارَتِهِ، وَالْوَاوُ لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ بَيْنَ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ (" يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ") ؟ قِيلَ فِي خِطَابِهِ بِابْنَ الْخَطَّابِ دُونَ عُمَرَ إِيذَانًا بِأَنَّ الِالْتِذَاذَ بِطَيِّبَاتِ الدُّنْيَا مِنْ خِصَالِ ذَوِي الْجَهْلِ وَالْعَمَى، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: يَا ابْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ بِطَيِّبَاتِ الدُّنْيَا الْغَافِلِ عَنْ نَعِيمِ دَارِ الْعُقْبَى (" أُولَئِكَ ") : أَيْ فَارِسُ وَالرُّومُ وَسَائِرُ الْكُفَّارِ (" عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ") أَيْ: كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخِطَابِهِ حَيْثُ قَالَ: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: 20] هَذَا، وَقَدْ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَوْلُهُ: (فَلْيُوَسِّعْ) الظَّاهِرُ نَصْبُهُ لِيَكُونَ جَوَابَ الْأَمْرِ، أَيِ ادْعُ اللَّهَ فَيُوَسِّعَ، وَاللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ، وَالرِّوَايَةُ الْجَزْمُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ لِلْغَائِبِ كَأَنَّهُ الْتَمَسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ لِأُمَّتِهِ بِالتَّوْسِعَةِ، وَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ الْإِجَابَةَ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِيُوَسِّعَ عَلَيْكَ، فَعَدَلَ إِلَى الدُّعَاءِ لِلْأُمَّةِ إِجْلَالًا لِمَحَلِّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِبْعَادُ الْمَنْزِلَةِ مَنْ رُسِّخَ لِلنُّبُوَّةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا الدَّنِيءَ الْخَسِيسَ لِنَفَسِهِ النَّفِيسِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ هَذَا الْإِنْكَارَ الْبَلِيغَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي هَذَا؟ مَدْخُولُ الْهَمْزَةِ مَحْذُوفٌ أَيْ: فَطَلَبَ هَذَا وَفِي هَذَا أَنْتَ، وَكَيْفَ يَلِيقُ بِمِثْلِكَ أَنْ يَطْلُبَ مِنَ اللَّهِ التَّوْسِعَةَ فِي الدُّنْيَا؟ (وَفِي رِوَايَةٍ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا ") أَيْ: مُوَسَّعَةً خَاصَّةً (" وَلَنَا الْآخِرَةُ ") أَيْ: مُرْضِعَةٌ خَالِصَةٌ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ الرِّوَايَةَ الْأَخِيرَةَ.

5241 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رُبِطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5241 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ: مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَهُمْ كَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ تَهَيَّأُوا لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْخُرُوجِ فِي السَّرَايَا لِقِتَالِ أَهْلِ الطُّغْيَانِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَاظِرَهُمْ وَنَقِيبَهُمْ وَمُتَفَقِّدَ حَالِهِمْ وَرَقِيبَهُمْ، وَكَانُوا يَأْوُونَ فِي صُفَّةٍ آخِرَ مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ نَزَلَ فِي حَقِّهِمْ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] أَيْ: أَصْلًا بَلْ كَانُوا مُتَوَكِّلِينَ وَمُتَقَنِّعِينَ بِالْتِقَاطِ النَّوَاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ جِهَةِ الزَّادِ لِلْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْكُسْوَةِ فَكَمَا بَيَّنَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ: (مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ) ، فَفِي النِّهَايَةِ: هُوَ الثَّوْبُ أَوِ الْبُرْدُ الَّذِي يَضَعُهُ الْإِنْسَانُ عَلَى عَاتِقِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ.
قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: فَوْقَ ثِيَابِهِ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا الرِّدَاءُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ أَعَالِيَ الْبَدَنِ فَقَطْ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ) أَيْ: إِزَارٌ وَاحِدٌ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَإِمَّا كِسَاءٌ وَاحِدٌ يَشْتَمِلُ بِهِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (قَدْ رَبَطُوا) أَيْ: طَرَفَهُ (فِي أَعْنَاقِهِمْ) ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبٌ يَتَرَدَّى بِهِ، بَلْ كَانَ لَهُ إِمَّا إِزَارٌ فَحَسْبُ وَفِي الْعُدُولِ عَنْ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ إِلَى الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: قَدْ رَبَطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ قَدْ رَبَطَهُ فِي عُنُقِهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ حَالَ جَمِيعِهِمْ كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، كَمَا يُفِيدُهُ تَنْكِيرُ رَجُلٍ وَاسْتِغْرَاقُ النَّفْيِ مَعَ زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ بِزِيَادَةِ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: (فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ) : مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْكِسَاءِ وَالْإِزَارِ بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِيَّةِ فِي الْأَكْسِيَةِ وَالْأُزُرِ، أَوِ الْأَكْسِيَةِ وَحْدِهَا لِقُرْبِهَا وَلِمُقَايَسَةِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا، وَلَهَا نَظَائِرُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست