responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3271
5227 - «وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ، خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: " يَا مُعَاذُ! إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا وَقَبْرِي " فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِيَ الْمُتَّقُونَ، مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا» " رَوَى الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5227 - (وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: لَمَّا أَرَادَ إِرْسَالَهُ قَاضِيًا أَوْ عَامِلًا (إِلَى الْيَمَنِ، خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِيهِ) : بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّدُ (وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ) أَيْ: بِأَمْرِهِ (وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ) أَيْ: تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَتَلَطُّفًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ اسْتِحْبَابُ مُشَايَعَةِ الْأَصْحَابِ، (فَلَمَّا فَرَغَ) أَيْ: مِنَ الْوَصِيَّةِ (قَالَ: " «يَا مُعَاذُ إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا وَقَبْرِي» ") أَيْ: مَعَ قَبْرِي عَلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى " مَعَ " ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَى مَسْجِدِي، وَالتَّقْدِيرُ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا وَبِقَبْرِي أَيْضًا، وَأَبْهَمَهُ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ حِينَئِذٍ عَلَى مَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عَسَى مَعْنَاهُ التَّرَجِّي فِي الْمَحْبُوبِ وَالْإِشْفَاقُ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: 216] وَأَمَّا لَعَلَّ فَمَعْنَاهُ التَّوَقُّعُ وَهُوَ تَرَجِّي الْمَحْبُوبِ وَالْإِشْفَاقُ مِنَ الْمَكْرُوهِ نَحْوَ: لَعَلَّ الْحَبِيبَ وَاصِلٌ، وَلَعَلَّ الرَّقِيبَ حَاصِلٌ، وَيَخْتَصُّ بِالْمُمْكِنِ بِخِلَافِ لَيْتَ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُحَالِ نَحْوَ: لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ، فَاسْتِعْمَالُ عَسَى وَلَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ، ثُمَّ فِي الْمُغْنِي يَقْتَرِنُ خَبَرُ لَعَلَّ بِأَنْ كَثِيرًا حَمْلًا عَلَى عَسَى كَقَوْلِهِ:
لَعَلَّكَ يَوْمًا أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ عَلَيْكَ ... مِنَ اللَّائِي يَدَعْنَكَ أَجْدَعَا
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: اسْتِعْمَالُ لَعَلَّ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاغِبًا لِلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَدْخَلَ أَنْ فِي الْخَبَرِ تَشْبِيهًا لِلَعَلَّ بِعَسَى تَلْوِيحًا إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] (فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: جَزَعًا وَفَزَعًا، فَفِي النِّهَايَةِ الْجَشَعُ أَجْزَعُ لِفِرَاقِ الْإِلْفِ فَقَوْلُهُ: (لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِلتَّجْرِيدِ (ثُمَّ الْتَفَتَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُعَاذٍ (فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ) : تَفْسِيرٌ لِلِالْتِفَاتِ، وَلَعَلَّ وَجْهُ الِالْتِفَاتِ بِإِدَارَةِ وَجْهِهِ الشَّرِيفِ عَنْ مُعَاذٍ لِئَلَّا يَرَى بُكَاءَهُ وَيُصَيِّرَهُ سَبَبًا لِبُكَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيَشْتَدُّ الْحُزْنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مَعَ الْإِيمَاءِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُفَارَقَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْمُوَاجَهَةِ فِي الْعُقْبَى، فَسَلَّاهُ فِعْلًا وَوَصَّاهُ قَوْلًا، حَيْثُ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّكَ تُفَارِقُنِي وَتُفَارِقُ الْمَدِينَةَ وَتَتْرُكُ الْمَدِينَةَ وَلَا تَرَانِي، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ مَجْمَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَتْقِيَاءِ فِي دَارِ الْبَقَاءِ. (فَقَالَ: " إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي ") أَيْ: بِشَفَاعَتِي أَوْ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَى مَنْزِلَتِي (" الْمُتَّقُونَ، مَنْ كَانُوا ") : جَمَعَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى مَنْ، وَالْمَعْنَى كَائِنًا مَنْ كَانَ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ شَرِيفًا أَوْ وَضِيعًا (" وَحَيْثُ كَانُوا ") أَيْ: سَوَاءٌ كَانُوا بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَوْ بِالْيَمَنِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَسَّرَهُ، فَانْظُرْ إِلَى رُتْبَةِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ بِالْيَمَنِ عَلَى كَمَالِ التَّقْوَى، وَحَالَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَكَابِرِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مِنْ حِرْمَانِ الْمَنْزِلَةِ الزُّلْفَى، بَلْ مِنْ إِيصَالِ ضَرَرِهِمْ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مِنْ بَعْضِ ذَوِي الْقُرْبَى، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّكَ بُعْدُكَ الصُّورِيُّ عَنِّي مَعَ وُجُودِ قَوْلِكَ الْمَعْنَوِيِّ بِي، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّقْوَى كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ إِطْلَاقِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعِ إِنْسَانٍ فَفِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى التَّقْوَى الْمُنَاسِبَةِ لِلْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131] مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّسْلِيَةِ لِبَقِيَّةِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ لَمْ يُدْرِكُوا زَمَنَ الْحَضْرَةِ وَمَكَانَ الْخِدْمَةِ هَذَا الَّذِي سَنَحَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ حِلِّ الْكَلَامِ عَلَى ظُهُورِ الْمَرَامِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست