responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3255
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5198 - (عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: " «إِنَّكَ لَسْتَ بِخَيْرٍ مِنْ أَحْمَرَ وَلَا أَسْوَدَ إِلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ بِتَقْوَى» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5198 - (عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " إِنَّكَ لَسْتَ بِخَيْرٍ ") أَيْ: بِأَفْضَلَ (" مِنْ أَحْمَرَ ") أَيْ: جِسْمًا (" وَلَا أَسْوَدَ ") أَيْ: لَوْنًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ لَيْسَتْ بِلَوْنٍ دُونَ لَوْنٍ، وَإِنَّمَا خُصَّا بِالذِّكْرِ مَثَلًا لِكَوْنِهِمَا أَكْثَرَ وُجُودًا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا لَوْنُ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ، كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ جَزَمَ وَقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَحْمَرِ الْعَجَمُ، وَبِالْأَسْوَدِ الْعَرَبُ، (" إِلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ ") : بِضَمِّ الضَّادِ أَيْ: تُرِيدُ أَنْتَ أَحَدَهُمَا (" بِتَقْوَى ") : بِالْقَصْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّنْوِينِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 109] فَفِي قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ بِالتَّنْوِينِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَضِيلَةَ لَيْسَتْ بِالصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا بِالنِّسْبَةِ الْبَاهِرَةِ، بَلْ بِالتَّقْوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13] إِلَى أَنْ قَالَ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالضَّمِيرُ فِي تَفْضِيلِهِ عَائِدٌ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوَّلُهُمَا بِتَأْوِيلِ الْإِنْسَانِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُضِرٌّ، وَالتَّقْدِيرُ لَسْتَ بِأَفْضَلَ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِالتَّقْوَى، وَقَوْلُهُ: أَنْ تَفْضُلَهُ تَكْرِيرُ تَأْكِيدٍ اه. فَتَأَمَّلْ فِيهِ، فَإِنَّ جَعْلَ الضَّمِيرِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ دَلَالَتِهِمَا عَلَى الْعُمُومِ مِنَ الْجِنْسُ الَّذِي وَقَعَ الْمُخَاطَبُ فَرْدًا مِنْهُ عَنْ صَحِيحٍ، وَكَذَا تَأْوِيلُهُمَا بِالْإِنْسَانِ الْمُرَادِ بِهِ الْجِنْسُ فَتَدَبَّرْ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) : ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ، أَيْ: لَسْتَ بِأَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا حَالَ زِيَادَتِكَ عَلَيْهِ بِتَقْوَى مُعْتَبَرَةٍ فِي الشَّرْعِ، وَهِيَ لَهَا مَرَاتِبُ: أَدْنَاهَا: التَّقْوَى عَنِ الشِّرْكِ الْجَلِيِّ، وَأَوْسَطُهَا: عَنِ الْمَعَاصِي وَالْمَنَاهِي وَالْمَلَاهِي، وَعَنِ الشِّرْكِ الْخَفِيِّ، وَهُوَ الرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ فِي الطَّاعَةِ، وَأَعْلَاهَا: أَنْ يَكُونَ دَائِمَ الْحُضُورِ مِنَ اللَّهِ غَائِبًا عَنْ حُضُورِ مَا سِوَاهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا فَضَلَكُمْ أَبُو بَكْرٍ بِفَضْلِ صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَكِنْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي قَلْبِهِ» " ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ أَجِدْهُ مَرْفُوعًا وَهُوَ عِنْدَ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ، وَالنَّوَادِرِ مِنْ قَوْلِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ.

5199 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا زَهِدَ عَبْدُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَنْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ، وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ، وَبَصَّرَهُ عَيْبَ الدُّنْيَا وَدَاءَهَا وَدَوَاءَهَا، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِمًا إِلَى دَارِ السَّلَامِ» ". (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5199 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا زَهِدَ ") : بِكَسْرِ الْهَاءِ (" عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا ") أَيْ: زِيَادَتُهَا عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ (" إِلَّا أَنْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ ") أَيْ: أَنْبَتَ الْمَعْرِفَةَ الْمُتْقَنَةَ (" فِي قَلْبِهِ، وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ، وَبَصَّرَهُ ") : بِتَشْدِيدِ الصَّادِ مِنَ الْبَصِيرَةِ أَيْ: جَعَلَهُ مُعَايِنًا (" عَيْبَ الدُّنْيَا ") أَيْ: مَعَايِبَهَا مِنْ كَثْرَةِ عَنَائِهَا وَقِلَّةِ غَنَائِهَا وَخِسَّةِ شُرَكَائِهَا وَسُرْعَةِ فَنَائِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَتْعَابِ الْبَدَنِ وَإِكْثَارِ الْحُزْنِ وَإِشْعَالِ الْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ الرَّبِّ.
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي: لَمَّا زَهِدَ الدُّنْيَا لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ بِعُيُوبِ الدُّنْيَا أَوْرَثَهُ اللَّهُ بِهِ بَصِيرَةً، حَتَّى حَصَلَ لَهُ بِهَا حَقُّ الْيَقِينِ. (" وَدَاءَهَا ") أَيْ: عِلَّةَ مِحْنَتِهَا وَسَبَبَ طِلْبَتِهَا (" وَدَوَاءَهَا ") أَيْ: مُعَالَجَتَهَا بِمَعْجُونِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَالِاحْتِمَاءَ عَنْهَا بِالصَّبْرِ وَالْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِمَا قُسِمَ لَهُ مِنْهَا. (" وَأَخْرَجَهُ ") أَيِ: اللَّهُ تَعَالَى (" مِنْهَا ") أَيْ: مِنَ الدُّنْيَا وَآفَاتِهَا وَبَلِيَّاتِهَا (" سَالِمًا ") أَيْ: بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْعُقْبَى (" إِلَى دَارِ السَّلَامِ ") : وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَزْهَدْ فِيهَا وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِهَا وَدَائِهَا وَدَوَائِهَا لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ أَصْلًا، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِسَلَامٍ، بَلْ بَعْدَ سَابِقَةِ عَذَابٍ أَوْ لَاحِقَةِ حِجَابٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) : وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: " «مَا زَانَ اللَّهُ الْعِبَادَ بِزِينَةٍ أَفْضَلَ مِنْ زَهَادَةٍ فِي الدُّنْيَا وَعَفَافٍ فِي بَطْنِهِ وَفَرْجِهِ» ".

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست