responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3228
الدُّنْيَا، وَبِأَنْ يُجْزَى وَيُثَابَ فِي الْآخِرَةِ، وَالْكَافِرُ إِذَا اكْتَسَبَ حَسَنَةً فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَفُكَّ أَسِيرًا أَوْ يُنْقِذَ غَرِيقًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَلَا يُجْزَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ اللَّهَ يُقَابِلُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْفَضْلِ، وَالْكَافِرَ بِالْعَدْلِ، وَلَا يُسْئِلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20] (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُعْطَى عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَيُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُعْطَى بِهَا خَيْرًا» " اهـ.
وَمُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجْزَى بِسَيِّئَاتِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمِحْنَةِ وَالْمَشَقَّةِ وَالْبَلَايَا وَالرَّزَايَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَيِّئَةٌ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا» ". وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ أَنَّهُ «لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَمَنْ يَنْجُو مِنْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَحَرُّرُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ " قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " هُوَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ» ". وَقَدْ صَحَّ عَلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ: الْمَصَائِبُ وَالْأَمْرَاضُ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: " «مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا» ". وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يُصِيبُ عَبْدٌ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلَّا نَقَصَ مِنْ دَرَجَاتِهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَرِيمًا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.

5160 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إِلَّا أَنْ عِنْدَ مُسْلِمٍ: (حُفَّتْ) بَدَلَ (حُجِبَتْ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5160 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُجِبَتِ النَّارُ) أَيْ: أُحِيطَتْ (بِالشَّهَوَاتِ) : كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا (وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ) : كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إِلَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ: (حُفَّتْ) بَدَلَ (حُجِبَتْ) : يَعْنِي لَفْظُ حُجِبَتْ لِلْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُ حُفَّتْ لِمُسْلِمٍ فَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْنًى، وَقَدْ وَافَقَ مُسْلِمًا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ، لَكِنَّ حَدِيثَهُمْ فِيهِ تَقَدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مُخَالِفٌ لِلْبُخَارِيِّ فِي تَرْتِيبِهِ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ بِلَفْظِ: ( «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» ) وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَاهُ لَا يُوصَلُ إِلَى الْجَنَّةِ إِلَّا بِارْتِكَابِ الْمَكَارِهِ، وَلَا يُوصَلُ إِلَى النَّارِ إِلَّا بِارْتِكَابِ الشَّهَوَاتِ، وَكَذَلِكَ بِهَا مَحْجُوبَتَانِ بِهِمَا، فَمَنْ هَتَكَ الْحِجَابَ وَصَلَ إِلَى الْمَحْجُوبِ، فَهَتْكُ حِجَابِ الْجَنَّةِ بِاقْتِحَامِ الْمَكَارِهِ، وَهَتْكُ حُجُبِ النَّارِ بِارْتِكَابِ الشَّهَوَاتِ، وَأَمَّا الْمَكَارِهُ فَيَدْخُلُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ وَالْعَادَاتُ، وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَالصَّبْرُ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الَّتِي النَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الْمُبَاحَةُ فَلَا تَدْخُلُ فِي هَذَا اهـ. وَيُنَاسِبُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ بَنَى مَكَّةَ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ وَالدَّرَجَاتِ» " أَيْ: لَا تَحْصُلُ دَرَجَاتُهَا إِلَّا بِالتَّحَمُّلِ عَلَى مَكْرُوهَاتِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

5161 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتُقِشَ. طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثُ رَأْسُهُ، مُغَبَّرَةٌ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ» ) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5161 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعِسَ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَيُفْتَحُ أَيْ: خَابَ وَخَسِرَ (عَبْدُ الدِّينَارِ) أَيِ: الَّذِي اخْتَارَهُ عَلَى رِضَا مَعْبُودِهِ الْجَبَّارِ بِأَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَأَنْ لَا يَصْرِفَهُ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ) : وَهَذَانَ مِثَالَانِ وَخُصَّا بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهُمَا النَّقْدَانِ الْحَاصِلُ بِهِمَا جَمِيعُ مَقَاصِدِ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ. (وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ) : وَهِيَ ثَوْبُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعْلَمٍ، وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي لِبْسِهَا الْخُيَلَاءُ وَالرُّعُونَةُ وَالرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ، وَمِنْ كَمَالِ مَيْلِ النَّفْسِ إِلَيْهَا وَعَدَمِ الطَّاقَةِ عَلَى مُفَارَقَتِهَا، فَكَأَنَّهُ عَبْدٌ لَهَا،

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست