responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3223
لِأَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِلْأَمْرَيْنِ لَا مُقْتَصِرًا عَلَى أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ هَذَا. وَقَدْ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: السَّوَابِقُ جَمْعُ سَابِقَةٍ وَهِيَ الْخَصْلَةُ الْمُفَضَّلَةُ إِمَّا السَّعَادَةُ وَإِمَّا الْبُشْرَى بِالثَّوَابِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِمَّا التَّوْفِيقُ لِلطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] وَقَوْلُهُ: " «عَرَفَ دِينَ اللَّهِ فَجَاهَدَ عَلَيْهِ» " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. هُوَ مِنْ بَابِ التَّقْسِيمِ الْحَاصِرِ، لِأَنَّ النَّاهِيَ عَنِ الْمُنْكَرِ إِمَّا سَابِقٌ أَوْ مُقْتَصِدٌ أَوْ دُونَهُمَا، فَالْفَاءَاتُ فِي قَوْلِهِ: فَجَاهَدَ فَصَدَّقَ فَسَكَتَ، مُسَبَّبَاتٌ عَنِ الْعِرْفَانِ، فَمَعْنَى الْأَوَّلِ مَنْ عَرَفَ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَتَصَلَّبَ فِي دِينِهِ، فَبَدَّلَ جُهْدَهُ فِي الْمُجَاهَدَةِ بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَقَلْبِهِ، وَمَعْنَى الثَّالِثِ مَنْ عَرَفَ دِينَ اللَّهِ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ وَسَكَتَ فَلَمْ يُجْهُدْ فِيهِ إِلَّا عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ، وَذَلِكَ بِالْكَرَاهَةِ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " فَيَبْقَى قَوْلُهُ: فَصَدَّقَ بِهِ فِي دَرَجَةِ الْمُقْتَصِدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا هُوَ دُونَ الْأَوْلَى، وَفَوْقَ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ أَنْ يُجَاهِدَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ، وَالتَّصْدِيقُ يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي اللِّسَانِ مَجَازًا فِي الْعَمَلِ، فَتَصْدِيقُهُ هُنَا مُعَبَّرٌ بِهِ عَنْ دَفْعِ الْمُنْكِرِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ.

5152 - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جِبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنِ اقْلِبْ مَدِينَةَ كَذَا وَكَذَا بِأَهْلِهَا، قَالَ: يَا رَبِّ! إِنَّ فِيهِمْ عَبْدَكَ فُلَانٌ: لَمْ يَعْصِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ ". قَالَ: " فَقَالَ: اقْلِبْهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، فَإِنَّ وَجْهَهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ فِيَّ سَاعَةً قَطُّ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5152 - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنِ اقْلِبْ) : هَمْزَةُ وَصْلٍ وَلَامٌ مَكْسُورَةٌ (مَدِينَةَ كَذَا وَكَذَا بِأَهْلِهَا) أَيْ: مَصْحُوبَةٌ مَعَهُمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنْ مُفَسِّرَةٌ لِمَا فِي أَوْحَى مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ اهـ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً وَالْبَاءَ مُقَدَّرَةٌ (فَقَالَ: يَا رَبِّ! إِنَّ فِيهِمْ عَبْدَكَ فُلَانًا لَمْ يَعْصِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ) : فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى حِفْظِ الْأَوْلِيَاءِ (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. (فَقَالَ) أَيِ: اللَّهُ تَعَالَى: (اقْلِبْهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) : فِي تَقْدِيمِهِ عَلَيْهَا إِيذَانٌ بِوَعِيدٍ شَدِيدٍ (فَإِنَّ وَجْهَهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ) أَيْ: لَمْ يَتَغَيَّرْ (فِيَّ) : بِكَسْرِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ: فِي حَقِّي وَلَأَجْلِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ غَضَبِ إِنْكَارِ الْقَلْبِ عَلَى مُرْتَكِبِ الْمُنْكَرِ (سَاعَةً) أَيْ: وَاحِدَةً (قَطُّ) أَيْ: أَبَدًا، وَفِيهِ تَوْسِعَةٌ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ لَوْ غَضِبَ عَلَيْهِ مَرَّةً لِلَّهِ لَسُومِحَ فِي بَقِيَّةِ أَوْقَاتِ عُمْرِهِ.

5153 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَا لَكَ إِذَا رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ فَلَمْ تُنْكِرْهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيُلَقَّى حُجَّتَهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! خِفْتُ النَّاسَ وَرَجَوْتُكَ» ". رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5153 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَا لَكَ إِذَا رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ فَلَمْ تُنْكِرْهُ» ) أَيْ: بِلِسَانِكَ أَوْ يَدِكَ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَيُلَقَّى) : بِتَشْدِيدِ الْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ (حُجَّتَهُ) : بِالنَّصْبِ أَيْ: بَيِّنَتَهُ عَلَيْهَا وَيُلَقَّنُ بِهَا إِذَا كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ إِنْجَاءَهُ. (فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! خِفْتُ النَّاسَ وَرَجَوْتُكَ) : فِيهِ اعْتِرَافٌ بِالذَّنْبِ، وَإِظْهَارٌ لِلْعَجْزِ، وَاعْتِمَادٌ عَلَى كَرَمِ الرَّبِّ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ يَخَافُ سَطْوَتَهُمْ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهَا عَنْ نَفْسِهِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِيهِ: أَنَّ مِثْلَ هَذَا مَعْذُورٌ فِي الشَّرْعِ فَلَا يُعَاتَبُ عَلَيْهِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى تَلَقِّي الْحُجَّةِ، بَلْ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ قَصَّرَ فِي الْجُمْلَةِ فَيُلْهِمُهُ اللَّهُ الْمَعْذِرَةَ. (رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست