responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3218
أَيِ: الرُّجُوعَ مِنَ الْغَضَبِ (فَإِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) أَيْ: إِحْدَى الْخَصْلَتَيْنِ مُقَابَلَةٌ بِالْأُخْرَى، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ وَالذَّمَّ فَاعِلُهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْحَالَتَيْنِ فِيهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ، فَلَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ: إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ وَلَا شَرُّهُمْ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ بَطِيءَ الْغَضَبِ) : فَعِيلَ مِنَ الْبُطْءِ مَهْمُوزٌ وَقَدْ يُبَدَّلُ وَيُدْغَمُ، وَهُوَ ضِدُّ السَّرِيعِ (بَطِيءَ الْفَيْءِ، فَإِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) : كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْأُولَى ( «وَخِيَارُكُمْ مَنْ يَكُونُ بَطِيءَ الْغَضَبِ سَرِيعَ الْفَيْءِ، وَشِرَارُكُمْ مَنْ يَكُونُ سَرِيعَ الْغَضَبِ بَطِيءَ الْفَيْءِ» ) : وَالتَّقْسِيمُ بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ رُبَاعِيٌّ لَا خَامِسَ لَهُ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ فِيهِ جَمِيعُ الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ وَالدَّنِيَّةِ، وَأَنَّ كَمَالَهُ أَنْ تَغْلِبَ لَهُ الصِّفَاتُ الْحَمِيدَةُ عَلَى الذَّمِيمَةِ لَا أَنَّهَا تَكُونُ مَعْدُومَةً فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134] حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَالْعَادِمَيْنِ، إِذْ أَصْلُ الْخُلُقِ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَبَدَّلُ، وَلِذَا وَرَدَ: وَلَوْ سَمِعْتُمْ أَنَّ جَبَلًا زَالَ عَنْ مَكَانِهِ فَصَدِّقُوهُ، وَإِنْ سَمِعْتُمْ أَنَّ رَجُلًا تَغَيَّرَ عَنْ خُلُقِهِ أَيْ: الْأَصْلِيِّ فَلَا تُصَدِّقُوهُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَبْدِيلِ الْأَخْلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ دُعَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِصَالِحِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِصَالِحِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئِهَا إِلَّا أَنْتَ» ".
(قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي إِعَادَةِ قَالَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ لِكَمَالِهِ لِطُولِهِ. (اتَّقُوا الْغَضَبَ) أَيْ: مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنَ السَّبَبِ، أَوْ بِالتَّعَوُّذِ مِنْهُ إِلَى الرَّبِّ (فَإِنَّهُ جَمْرَةٌ) أَيْ: حَرَارَةٌ غَرِيزِيَّةٌ وَحِدَّةٌ جِبِلِّيَّةٌ مُشْعِلَةٌ جَمْرَةَ نَارٍ مَكْمُونَةٌ فِي كَانُونِ النَّفْسِ (عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ) أَيْ: مُتَعَالِيَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَ غَلَبَتِهِ بِحَيْثُ لَا تُخَلِّي لِلْقَلْبِ وَالْعَقْلِ مَعَهَا مَجَالُ تَصَرُّفٍ وَتَعَقُّلٍ. (أَلَا تَرَوْنَ) أَيْ: أَلَا تَنْظُرُونَ (إِلَى انْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ) أَيْ: عُرُوقِ حَلْقِ الْغَضْبَانِ (وَحُمْرَةِ عَيْنَيْهِ) : كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا عِنْدَ حَرَارَةِ الطَّبِيعَةِ فِي أَثَرِ الْحُمَّى، فَإِنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ، وَكُلُّ إِنَاءٍ يَتَرَشَّحُ بِمَا فِيهِ. (فَمَنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: أَدْرَكَ ظُهُورَ أَثَرٍ مِنْهُ أَوْ مَنْ عَلِمَ فِي بَاطِنِهِ شَيْئًا مِنْهُ (فَلْيَضْطَجِعْ) أَيْ: تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَإِظْهَارًا لِعَجْزِهِ عَنْهُ (وَلِيَتَلَبَّدْ بِالْأَرْضِ) أَيْ: لِيَلْتَصِقْ وَيَلْتَزِقْ بِهَا حَالَ اضْطِجَاعِهِ، أَوْ يَزِدْ عَلَيْهِ بِالتَّمَرُّغِ فِي تُرَابِهَا حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُهُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّعَةِ عَنِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَتِذْكَارِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنَ التُّرَابِ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَتَكَبَّرَ وَيَتَجَبَّرَ عَلَى الْأَصْحَابِ، وَأَنَّ الْأَنَانِيَّةَ النَّاشِئَةَ عَنْ غَلَبَةِ الْعُنْصُرِ النَّارِيَّةِ مِنْ صِلَةِ الشَّيْطَانِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْإِفْسَادِ، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ يَقْتَضِي التَّوَاضُعَ وَالتَّحَمُّلَ، وَسَائِرَ مَا يَقْتَضِي صَلَاحَ الْعِبَادِ وَالْمَعَادِ.
(قَالَ) أَيْ: أَبُو سَعِيدٍ (وَذَكَرَ) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الدَّيْنَ) أَيْ: أَنْوَاعُ قَضَائِهِ (فَقَالَ: مِنْكُمْ مَنْ يَكُونُ حَسَنَ الْقَضَاءِ) أَيْ: مُسْتَحْسَنُ الْأَدَاءِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (وَإِذَا كَانَ) أَيِ: الدَّيْنُ (لَهُ) أَيْ: عَلَى أَحَدٍ (أَفْحَشَ فِي الطَّلَبِ لَمًّا) : بِأَنَّ لَمْ يُرَاعِ الْأَدَبَ وَآذَى فِي تَقَاضِيهِ وَعَسَّرَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي الطَّلَبِ (فَإِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) أَيْ: فَالْخَصْلَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ مُتَسَاقِطَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ سَيِّئَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيِ: الدَّيْنُ (أَجْمَلَ) أَيْ: أَسْهَلَ وَأَيْسَرَ (فِي الطَّلَبِ) أَيْ: فِي طَلَبِ دَيْنِهِ (فَإِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) : إِذْ لَا خَيْرَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا ( «وَخِيَارُكُمْ مَنْ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَحْسَنَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ» ) أَيِ: الدَّيْنُ (أَجْمَلَ فِي الطَّلَبِ، وَشِرَارُكُمْ مَنْ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَسَاءَ الْقَضَاءَ وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيِ: الدَّيْنُ (أَفْحَشَ فِي الطَّلَبِ) : فَالتَّقْسِيمُ عَقْلِيٌّ رُبَاعِيٌّ (حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ) : قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: غَايَةَ قَوْلِهِ قَامَ فِينَا خَطِيبًا أَيْ: قَامَ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا إِلَّا ذَكَرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ أَيْ: وَقَعَتْ (عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ وَأَطْرَافِ الْحِيطَانِ) : جَمْعُ حَائِطٍ بِمَعْنَى

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست