responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3201
وَمَا أَصَابَ فِي قَوْلِهِ إِمَّا شَفَقَةً عَلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [الحجر: 88] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26] قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَهَاهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مَاءَهَا وَكَانُوا قَدْ خَمَّرُوا بِهِ عَجِينَهُمْ، فَأَمْرَهُمْ أَنْ يَعْلِفُوهَا دَوَابَّهُمْ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي الْأَكْلِ مِنْهَا. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ لَا تُتَّخَذُ سَكَنًا وَوَطَنًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى عَنْ دُخُولِهَا إِلَّا مَعَ الْبُكَاءِ، فَالْمُتَوَطِّنُ يَكُونُ دَهْرُهُ بَاكِيًا. قُلْتُ: وَيُلَائِمُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: 45] ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْأَمَاكِنَ لَهَا تَأْثِيرٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى سُكَّانِهَا مِحْنَةً وَمِنْحَةً كَمَا فِي الْأَزْمِنَةِ مِنْ مَوْسِمِ الطَّاعَاتِ وَسَاعَاتِ الْإِجَابَةِ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ: «أَنَّ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ أَلَا فَتَعَرَّضُوا لَهَا» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ «أَنَّ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ الْمَسَاجِدُ، وَأَبْغَضَهَا الْأَسْوَاقُ» ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ تَأْثِيرُ صُحْبَةِ الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْأَخْبَارُ وَأَثَارُ الْأَبْرَارِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5126 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5126 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ) : بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِفَتْحِ اسْمِ مَا أَخَذَهُ الظَّالِمُ أَوْ تَعَرَّضَ لَهُ (لِأَخِيهِ) أَيْ: فِي الدِّينِ (مِنْ عِرْضِهِ) : بَيَانٌ لِلْمَظْلِمَةِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَانِبِهِ الذِّي يَصُونُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَنَسَبِهِ وَحَسَبِهِ وَيَتَحَامَى أَنْ يَنْتَقِصَ (أَوْ شَيْءٍ) أَيْ: أَمْرٌ آخَرُ كَأَخْذِ مَالِهِ أَوِ الْمَنْعِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ، أَوْ هُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ (فَيَتَحَلَّلَهُ) أَيْ: فَلْيَطِبِ الظَّالِمُ حِلَّ مَا ذُكِرَ (مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْمَظْلُومِ فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ تَحَلَّلْتُهُ وَاسْتَحْلَلْتُهُ إِذَا سَأَلْتَهُ أَنْ يَجْعَلَكَ فِي حِلٍّ (الْيَوْمَ) أَيْ: فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: (قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ: لَا يُوجَدُ (دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ) : وَهُوَ تَعْبِيرٌ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ، وَلَوْ بَذَلَ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ فِي بَذْلِ مَظْلِمَتِهِ، لِأَنَّ أَخْذَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ الْيَوْمَ عَلَى التَّحَلُّلِ أَهْوَنُ مِنْ أَخْذِ الْحَسَنَاتِ أَوْ وَضْعِ السَّيِّئَاتِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ التَّحَلُّلِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا ظَالِمًا غَيْرَ مَعْفُوٍّ مِنْ مَظْلُومِهِ (أُخِذَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: عَمَلُهُ الصَّالِحُ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ صَاحِبِهِ الظَّالِمِ عَلَى غَيْرِهِ (بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ) : وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ كَمِّيَّةٌ وَكَيْفِيَّةٌ مُفَوَّضٌ عِلْمُهَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، هَذَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: إِنْ كَانَ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلَ مَظْلِمَتِهِ تَوَجَّهَ لِسَائِلٍ أَنْ يَسْأَلَ فَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلَ مَظْلِمَتِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ إِلَخِ اهـ. (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ: لَمْ تُوجَدْ (لَهُ حَسَنَاتٌ) أَيْ: بَاقِيَةٌ أَوْ مُطْلَقًا (أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ) أَيِ: الْمَظْلُومِ (فَحُمِلَ عَلَيْهِ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُخَفَّفًا أَيْ: فَوَضَعَ عَلَى الظَّالِمِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ نَفْسَ الْأَعْمَالِ بِأَنْ تَتَجَسَّمَ فَتَصِيرَ كَالْجَوَاهِرِ، وَأَنْ يَكُونَ مَا أَعَدَّ لَهُمَا مِنَ النِّعَمِ وَالنِّقَمِ إِطْلَاقًا لِلسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] لِأَنَّ الظَّالِمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَجْزِيٌّ بِوِزْرِ ظُلْمِهِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ تَخْفِيفًا لَهُ وَتَحْقِيقًا لِلْعَدْلِ، (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

5127 - وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ ". قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: " إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5127 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَتَدْرُونَ) أَيْ: (أَتَعْلَمُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟) كَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَكِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ وَجَامِعِ الْأُصُولِ وَشَرْحِ السُّنَّةِ، فَعَلَى هَذَا السُّؤَالُ عَنْ وَصْفِ الْمُفْلِسِ لَا عَنْ حَقِيقَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ أَجَابَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَصْفِهِ فِي قَوْلِهِ: شَتْمٌ وَأَكْلٌ وَقَذْفٌ، وَفِي مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ فِي الْمُفْلِسِ، وَهَذَا سُؤَالُ إِرْشَادٍ لَا اسْتِعْلَامٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ كَذَا وَكَذَا. قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مَا الْمُفْلِسُ مَنِ الْمُفْلِسُ، بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فِي جَوَابِ الصَّحَابَةِ، وَفِي كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا مِنَ التَّعْبِيرِ بِمَنْ (قَالُوا) أَيْ: بَعْضُ أَصْحَابِهِ (الْمُفْلِسُ فِينَا) أَيْ: فِيمَا بَيْنَنَا (مَنْ لَا دِرْهَمَ) أَيْ: مِنْ نَقْدٍ (لَهُ) :

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست