responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3197
5117 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96] قَالَ: الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمَهُمُ اللَّهُ وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ قَرِيبٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5117 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ادْفَعْ) أَيِ: السَّيِّئَةَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ} [فصلت: 34] (بِالَّتِي) أَيْ: بِالْخَصْلَةِ الَّتِي (هِيَ أَحْسَنُ) فِيهِ مُبَالَغَةٌ عَظِيمَةٌ حَيْثُ عَدَلَ عَنِ الْحَسَنَةِ إِلَى الْأَحْسَنِ مَعَ الرُّخْصَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] أَمِ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَحْسَنُ مِنْ مُجَازَاةِ السَّيِّئَةِ بِالسَّيِّئَةِ، فَإِنَّهَا أَحْسَنُ، لِأَنَّهَا سُمِّيَتْ سَيِّئَةً فِي الْآيَةِ لِلْمُشَاكَلَةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَةِ إِلَى الْأَحْسَنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا بَعْدَهَا: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ - وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ - وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 34 - 36] فَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِهَا أَكْمَلُ الْأَخْلَاقِ الْإِنْسَانِيَّةِ الَّتِي يَعْجِزُ عَنْهَا أَكْثَرُ الْأَفْرَادِ الْبَشَرِيَّةِ.
(قَالَ) أَيِ: ابْنُ عَبَّاسٍ بَيَانًا لِلْخَصْلَةِ (الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ) : قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ غَضَبُ الْغَيْرِ، فَإِنَّهُ سَيِّئَةٌ مِنْهُ فَيُقَابِلُهُ بِالصَّبْرِ الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ مِنْ مُجَازَاتِهِ بِالْغَضَبِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: اللَّهُ يَصْبِرُ عِنْدَ أَثَرِ ظُهُورِ الْغَضَبِ، فَإِنَّ كَظْمَ الْغَيْظِ أَحْسَنُ مِنْ إِمْضَائِهِ (وَالْعَفْوُ) أَيْ: عَنِ الْمُسِيءِ (عِنْدَ الْإِسَاءَةِ) أَيْ: وَقْتَ تَحَقُّقِهَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْخَصْلَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَكَأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَثَّلَ بِأَقَلِّ الْمَطْلُوبِ مِنَ السَّالِكِ وَإِلَّا فَالسَّادَةُ الصُّوفِيَّةُ عَلَى الْمُجَازَاةِ بِأَحْسَنِ مَا يُتَصَوَّرُ لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَبِإِعْطَاءِ الْبِرِّ الْمَالِيِّ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَأَقَلُّ الْمَرَاتِبِ أَنْ يُحَلِّلَهُ وَيَدْعُوَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالْهِدَايَةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: الْوَعْدُ لَهُ بِالشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا خَوَارِقُ عَادَاتٍ تَطْوِي بِسَاطَ كَرَامَاتٍ رُبَّمَا يَكُونُ تَحْتَهَا غُرُورٌ فِي بِدَايَاتٍ أَوْ نِهَايَاتٍ، وَلِذَا قَالُوا: الِاسْتِقَامَةُ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ كَرَامَةٍ، وَقَدْ وَرَدَ " «شَيَّبَتْنِي سُورَةُ هُودٍ» " فَقِيلَ لِمَا فِيهَا مِنْ آيَةِ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112] وَقِيلَ لِمَا فِيهَا مِنْ وَقَائِعِ الْأُمَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِذَا فَعَلُوا) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنَ الْمِثَالَيْنِ وَأَمْثَالِهِمَا (عَصَمَهُمُ اللَّهُ) أَيْ: حَفِظَهُمْ مِنَ الزَّيْغِ وَالتَّعَدِّي عَلَى أَحْبَابِهِمْ (وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ) أَيْ: حَيَاءً مِنْهُمْ وَرَجَعُوا عَنْ إِسَاءَتِهِمْ إِلَيْهِمْ وَالْغَضَبِ عَلَيْهِمْ (كَأَنَّهُ) أَيِ: الْعَدُوَّ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْجَمْعُ (وَلِيٌّ) أَيْ: نَاصِرُهُمْ (حَمِيمٌ) : صَدِيقٌ يَهْتَمُّ لِأَمْرِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ وَيُحَمَّمُ بِحَرَّارَتِهِمْ وَحُرْقَتِهِمْ (قَرِيبٌ) أَيْ: ذُو قُرَابَةٍ مِنْهُمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْخَصْلَةَ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ تَقْلِبُ الْعَدَاوَةَ مَحَبَّةً، وَتَرَفَعُ الْأَخْلَاقَ الذَّمِيمَةَ مِنَ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا التَّفْسِيرُ عَلَى أَنْ تَكُونَ (لَا) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا السَّيِّئَةُ) مَزِيدَةٌ وَالْمَعْنَى لَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ، فَعَلَى هَذَا يُرَادُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الَّتِي هِيَ حَسَنَةٌ، فَوَضَعَ الْأَحْسَنَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الدَّفْعِ بِالْحَسَنَةِ، وَإِذَا لَمْ تَجْعَلْ لَا مَزِيدَةً يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْحَسَنَةَ وَالسَّيِّئَةَ مُتَقَارِنَتَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا فَخُذْ بِالْحَسَنَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مِنْ أُخْتِهَا، فَإِذَا اعْتَرَضَتْكَ حَسَنَاتٌ، فَادْفَعْ بِهَا السَّيِّئَةَ الَّتِي تَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ بَعْضِ أَعْدَائِكَ، وَمِثَالُهُ رَجُلٌ أَسَاءَ إِلَيْكَ إِسَاءَةً، فَالْحَسَنَةُ أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ، وَالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَيْهِ مَكَانَ إِسَاءَتِهِ إِلَيْكَ مِثْلَ أَنْ يَذُمَّكَ فَتَمْدَحَهُ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ انْقَلَبَ عَدُوُّكَ الْمَشَاقُّ مِثْلَ الْوَلِيِّ الْحَمِيمِ مُصَافَاةً لَكَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا) أَيْ: بِلَا إِسْنَادٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا عَلَّقَهُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ضَعِيفٌ، وَمَا رَوَاهُ بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ صَحِيحٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

5118 - وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ الْغَضَبَ لَيُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الصَّبِرُ الْعَسَلَ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5118 - (وَعَنْ بَهْزٍ) : بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ هَاءٍ فَزَايٍ تَابِعِيٌّ (ابْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ) : تَابِعِيٌّ حَسَنُ الْحَدِيثِ (عَنْ جَدِّهِ) أَيْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقَشِيرِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْغَضَبَ لَيُفْسِدُ الْإِيمَانَ) أَيْ: كَمَالَهُ أَوْ نُورَهُ وَبَهَاءَهُ، وَقَدْ يَجُرُّ إِلَى بُطْلَانِهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ كَذَلِكَ صَحَّ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ: (كَمَا يُفْسِدُ الصَّبِرُ الْعَسَلَ) : وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَيُسَكَّنُ عَلَى مَا فِي نُسْخَةٍ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: الصَّبِرُ كَكَتِفٍ وَلَا يُسَكَّنُ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ عُصَارَةُ شَجَرٍ مُرٍّ اهـ. وَأَمَّا كَسْرُ الصَّادِ وَسُكُونُ الْبَاءِ عَلَى مَا اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، فَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: كَكَتِفٍ، فَإِنَّ الْكَتِفَ فِيهِ لُغَتَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست