responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3194
مَعْجُونٌ مِنَ الْمَاءِ الْحِسِّيِّ وَالْمُطَهِّرِ الْمَعْنَوِيِّ الْمُؤَثِّرِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَهَذَا مِنْ طِبِّ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِي غَفَلُوا عَنْهُ الْحُكَمَاءُ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ حَيْثُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ عَنْ حَقِيقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ غَيْرِ بَاعِثٍ مِنَ الْأُمُورِ النَّقْلِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ فَقَالَ: أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ; فَإِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَصَوَّرَ حَالَةَ الْغَضَبِ وَمَنْشَأَهُ، ثُمَّ الْإِرْشَادَ إِلَى تَسْكِينِهِ، فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ هَذَا الْمَخْرَجَ لِيَكُونَ أَجْمَعَ وَأَنْفَعَ، وَلِلْمَوَانِعِ أَزْجَرَ، وَهَذَا التَّصْوِيرُ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ اهـ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ عِلَاجٌ آخَرُ مُسْتَقِلٌّ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجُرْزِيُّ فِي الْحِصْنِ، حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ غَضِبَ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُّ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنِّسَائِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ، وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200] وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «إِذَا غَضِبَ الرَّجُلُ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ سَكَنَ غَضَبُهُ» " وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا عِلَاجٌ قَوْلِيٌّ سَهْلُ التَّنَازُلِ وَالْحُصُولِ، وَالْوُضُوءَ مُعَالَجَةٌ فِعْلِيَّةٌ صَعْبُ الْوُصُولِ، لَا سِيَّمَا وَالْوُضُوءُ مُقَدِّمَةٌ لِلصَّلَاةِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْجُونِ الْمُسَهِّلِ الْمُخْرِجِ لِلْمَوَادِّ الْفَاسِدَةِ مِنْ أَصْلِهَا، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الِاسْتِعَاذَةِ فَهَمٌّ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِفْرَاغِ لِتَخْلِيَةِ الْمَعِدَةِ مِنْ آثَارِ التُّخَمَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنِ الْحَكِيمَ الْكَامِلَ يُدْرِجُ فِي الْمُعَالَجَةِ، وَيَعْلَمُ مِزَاجَ كُلِّ صَاحِبِ عِلَّةٍ بِمَا يُوَافِقُهُ، وَيُنَاسِبُهُ مِنْ خَوَاصِّ الْأَشْيَاءِ الْمُفْرَدَةِ وَالْمُرَكَّبَةِ وَأَنْوَاعِ الْغَضَبِ كَالْأَمْرَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ فَعَلَى الْعَلِيلِ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمًا وَيَجْعَلَ حِسَّهُ بَيْنَ يَدَيِ الطَّيِّبِ الْحَبِيبِ الْكَامِلِ كَالْمَيْتِ بَيْنَ يَدَيِ الْغَاسِلِ، وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّهُ إِذَا أَحَسَّ بِالْغَضَبِ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ أَوَّلًا، ثُمَّ إِذَا رَأَى أَنَّهُ مَا يَزُولُ لَهُ يَقُومُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ دَوَاءُ صَبْرٍ كَرِيهٌ عَلَى الطَّبْعِ الشَّيْطَانِيِّ وَالْمِزَاجِ النَّفْسَانِيِّ، بَلْ هُوَ كَعُرُوقِ السُّوسِ يُخْرِجُ كُلَّ مَرَضٍ مَدْسُوسٍ. قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا أَحْمَدُ.

5114 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5114 - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ) أَيْ: ظَهَرَ أَثَرُ غَضَبِهِ عَلَى أَحَدٍ (وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ) : لِأَنَّ الْمُعَالَجَةَ بِالْأَضْدَادِ وَالْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ تَقْتَضِي الْخِفَّةَ وَالتَّعْلِيَةَ الَّتِي مِنْ خَوَاصِّ النَّارِ وَالْقِيَامِ لِأَجْلِ الِانْتِقَامِ، فَمُخَالَفَتُهُ بِالْجُلُوسِ الْمُشِيرِ إِلَى الْقُعُودِ عَنِ الْفِتْنَةِ نَافِعَةٌ جِدًّا (فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ) أَيْ: أَثَرُ حَرَارَتِهِ وَقُوَّةُ مَرَارَتِهِ بِالْجُلُوسِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ (فَلْيَضْطَجِعْ) : مُبَالَغَةٌ فِي الْمُعَالَجَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى رُجُوعِ الْإِسْنَادِ إِلَى مَأْخَذِهِ مِنَ التَّوْبَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّوَاضُعِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ الشَّيْطَانِ بِمُقْتَضَى جِبِلَّيَّتِهِ مِنَ الشُّعْلَةِ النَّارِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّكَبُّرِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهِ، هَذَا وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ لِئَلَّا يَحْصُلَ مِنْهُ فِي حَالِ غَضَبِهِ مَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمُضْطَجِعَ أَبْعَدُ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالْبَطْشِ مِنَ الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدَ مِنَ الْقَائِمِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخَفْضَ، لِأَنَّ الْغَصْبَ مَنْشَؤُهُ التَّكَبُّرُ وَالتَّرَفُّعُ. قُلْتُ: لَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ، فَإِنَّ كَلَامَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْبَعُ الْحِكَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الصَّنِيعُ مِنْهُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَذْهَبِ الْغَضَبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالسَّرَائِرِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) : وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

5115 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَخَيَّلَ وَاخْتَالَ، وَنَسِيَ الْكَبِيرَ الْمُتَعَالِ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَجَبَّرَ وَاعْتَدَى، وَنَسِيَ الْجَبَّارَ الْأَعْلَى، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ سَهَى وَلَهَى، وَنَسِيَ الْمَقَابِرَ وَالْبِلَى، بِئْسَ الْعَبْدُ - عَبْدٌ عَتَى وَطَغَى، وَنَسِيَ الْمُبْتَدَأَ وَالْمُنْتَهَى، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدِّينَ بِالشُّبَهَاتِ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ طَمَعٌ يَقُودُهُ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ هَوًى يُضِلُّهُ، بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ رَغَبٌ يُذِلُّهُ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ". وَقَالَا: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5115 - (وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ) : بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهَا (قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: بِئْسَ الْعَبْدُ) : لَمْ يُقِلْ بِئْسَ الرَّجُلُ أَوِ الْمَرْءُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْأَوْصَافَ الْآتِيَةَ لَيْسَتْ مِنْ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست