responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3188
5105 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5105 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الشَّدِيدُ) أَيِ: الْقَوِيُّ كَامِلُ الْقُوَّةِ (بِالصُّرَعَةِ) : بِضَمٍّ فَفَتَحِ هَمْزَةٍ مِنْ يُكْثِرُ الصَّرْعَ وَهُوَ إِسْقَاطُ الْمُصَارِعِ لَهُ، لِأَنَّهُ قُوَّةٌ صُورِيَّةٌ نَفْسِيَّةٌ، فَنِّيَّةُ (إِنَّمَا الشَّدِيدُ) أَيِ: الْكَامِلُ (الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْدَ الْغَضَبِ) : فَإِنَّهُ قُوَّةٌ دِينِيَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ إِلَهِيَّةٌ بَاقِيَةٌ، فَحَوَّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْنَى هَذَا الِاسْمِ مِنَ الْقُوَّةِ الظَّاهِرَةِ إِلَى الْبَاطِنَةِ، وَمِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَى الدِّينِ. وَفِي النِّهَايَةِ: الصُّرَعَةُ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُبَالِغُ فِي الصَّرْعِ الَّذِي لَا يُغْلَبُ، فَنَقَلَهُ إِلَى الَّذِي يَمْلِكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، فَإِنَّهُ إِذَا مَلَكَهَا كَانَ قَدْ قَهَرَ أَقْوَى أَعْدَائِهِ وَشَرَّ خُصُومِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ، وَهَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ وَضْعِهَا اللُّغَوِيِّ بِضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّعِ وَالْمَجَازِ، وَهُوَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَضْبَانُ بِحَالَةٍ شَدِيدَةٍ مِنَ الْغَيْظِ، وَقَدْ ثَارَتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ الْغَضَبِ، فَقَهَرَ بِحِلْمِهِ وَصَرَعَهَا بِثَبَاتِهِ كَانَ كَالصُّرَعَةِ الَّذِي يَصْرَعُ الرِّجَالَ وَلَا يَصْرَعُونَهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.

5106 - وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: " كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5106 - (وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ) : ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الصَّحَابَةِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ) : بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرٍ هُوَ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ. قَالَ شَارِحٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ النَّاسُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَرِينَتُهُ الْآتِيَةُ، فَالْحُكْمُ كُلِّيٌّ لَا غَالِبِيٌّ عَلَى مَا سَيَجِيءُ وَقَوْلُهُ: (مُتَضَعِّفٍ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيُكْسَرُ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ كَجُنُودٍ مُجَنَّدَةٍ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ وَظِلٍّ ظَلِيلٍ، وَفَائِدَةُ التَّاءِ الْمَوْضُوعِ لِلطَّلَبِ أَنَّ الضَّعْفَ الْحَاصِلَ فِيهِ كَأَنَّ مَطْلُوبٌ مِنْهُ التَّذَلُّلَ وَالتَّوَاضُعَ، مَعَ إِخْوَانِهِ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا مُتَرَجِّلًا مَعَ أَعْدَائِهِ. قَالَ تَعَالَى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَثُرَ تَوَاضُعُهُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ يَكُونُ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمُقَرَّبِينَ، كَمَا أَنَّ مَنْ يَكُونُ أَكْثَرَ تَكَبُّرًا وَتَجَبُّرًا يَكُونُ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: ضَبَطُوهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا، وَالْمَشْهُورُ الْفَتْحُ، وَمَعْنَاهُ يَسْتَضْعِفُهُ النَّاسُ وَيَحْتَقِرُونَهُ وَيَتَجَرَّأُونَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ حَالِهِ فِي الدُّنْيَا، يُقَالُ: تَضَعَّفَهُ وَاسْتَضْعَفَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ مُتَوَاضِعٌ مُتَذَلِّلٌ خَامِلٌ وَاضِعٌ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ أَغْلَبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ، كَمَا أَنَّ مُعْظَمَ أَهْلِ النَّارِ الْقِسْمُ الْأَخِيرُ (لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ) أَيْ: فِي فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ (لَأَبَرَّهُ) أَيْ: لَأَمْضَاهُ عَلَى الصِّدْقِ وَجَعَلَهُ بَارًّا غَيْرَ حَانِثٍ فِي طَلَبِهِ مِنَ الْحَقِّ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا طَمَعًا فِي كَرَمِ اللَّهِ بِإِبْرَارِهِ لَأَبَرَّهُ (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ) : بِضَمَّتَيْنِ فَتَشْدِيدٌ أَيْ: جَافٍ شَدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ، وَقِيلَ: الْجَافِي الْفَظُّ الْغَلِيظُ (جَوَّاظٍ) : بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ: جَمُوعٍ مَنُوعٍ أَوْ مُخْتَالٍ، وَقِيلَ: السَّمِينُ مِنَ التَّنْعِيمِ، وَقِيلَ: الْفَاجِرُ بِالْجِيمِ، وَقِيلَ: بِالْخَاءِ (مُسْتَكْبِرٍ) أَيْ: مُتَكَبِّرٍ عَنِ الْحَقِّ أَوْ عَلَى أَهْلِهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ مُعَاذٍ وَلَفْظُهُ: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لَا يَؤُبَّهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» " وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِلَفْظِ: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ، كُلُّ جَعْظَرِيِّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ جَمَّاعٍ مَنُوعٍ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ، كُلُّ مِسْكِينٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» ".
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: (كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ) : وَالزَّنِيمُ: الدَّعِيُّ فِي النَّسَبِ الْمُلْصَقِ بِالْقَوْمِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزَّنَمَةِ وَهِيَ شَيْءٌ يُقْطَعُ مِنْ أُذُنِ الشَّاهِ وَيُتْرَكُ مُعَلَّقًا بِهَا ذَكَرُهُ الطِّيبِيُّ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْآيَةِ الْوَارِدَةِ فِي حَقِّ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ وَأَضْرَابِهِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ اللَّئِيمُ الْمَعْرُوفُ بِلُؤْمِهِ أَوْ شَرِّهِ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الزَّنِيمُ كِنَايَةً عَنْ هَذَا الْوَصْفِ، فَإِنَّهُ لَازَمَهُ غَالِبًا، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ( «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ» ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا عَمِلَ بِعَمَلِ أَبَوَيْهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ ( «وَلَدُ الزِّنَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» ) فَلَا أَصْلَ لَهُ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست