responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3181
وَالْمُخْتَارُ هُوَ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْعُزْلَةِ عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ وَعَوَامِّهِمْ، وَالْخِلْطَةُ بِالصَّالِحِينَ مِنْهُمْ وَخَوَاصِّهِمْ، وَالِاجْتِمَاعُ مَعَ عَامَّتِهِمْ فِي نَحْوِ جُمْعَتِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ بَعْدَ حُصُولِ الْعِلْمِ الْمُحْتَاجِ إِلَى الْعَمَلِ، وَوُصُولِ الزُّهْدِ الْمُوجِبِ لِقَطْعِ الطَّمَعِ عَنِ الْخُلُقِ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: الْعُزْلَةُ بِغَيْرِ عَيْنِ الْعِلْمِ زَلَّةٌ وَبِغَيْرِ زَايِ الزُّهْدِ عِلَّةٌ، وَهَذَا طَرِيقُ الْكُمَّلِ مِنَ الصُّوفِيَّةِ الصَّفِيَّةِ كَالنَّقْشَبَنْدِيَّةِ وَالشَّاذِلِيَّةِ وَالْبَكْرِيَّةِ فَهُمْ كَائِنُونَ بَائِنُونَ قَرِيبُونَ غَرِيبُونَ فَرْشِيُّونَ عَرْشِيُّونَ، كَمَا قِيلَ: كُنْ وَسَطًا وَامْشِ جَانِبًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) : وَفِي الْجَامِعِ بِلَفْظِ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُهُ النَّاسُ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

5088 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5088 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ) أَيِ: ابْنِ أَنَسٍ كَمَا فِي الْمَعَالِمِ (عَنْ أَبِيهِ) : الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْنَاهُ هُوَ ابْنُ جَبَلٍ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أِلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مُعَاذُ بْنُ أَنَسٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ، فَإِنَّهُ وَلَدُ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ فَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ: هُوَ مُعَاذُ بْنُ أَنَسٍ الْجُهَنِيُّ، مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ مِصْرَ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَهُمْ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ سَهْلٌ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ كَظَمَ غَيْظًا) أَيِ: اجْتَرَعَ غَضَبًا كَامِنًا فِيهِ (وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُنَفِّذَهُ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ: يُمْضِيَهُ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى إِنْفَاذِهِ، فَيَجُوزُ تَخْفِيفُ الْفَاءِ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَجَوَابُ الشَّرْطِ (دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: شَهَرَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَتَبَاهَى بِهِ، وَيُقَالُ فِي حَقِّهِ: هَذَا الَّذِي صَدَرَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْعَظِيمَةُ (حَتَّى يُخَيِّرَهُ) أَيْ: يَجْعَلُهُ مُخَيَّرًا (فِي أَيِّ الْحَوَرِ شَاءَ) أَيْ: فِي أَخْذِ أَيِّهِنَّ شَاءَ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ الْمَنِيعَةَ وَإِيصَالِهِ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ. وَفِي النِّهَايَةِ: كَظْمُ الْغَيْظِ تَجَرُّعُهُ وَاحْتِمَالُ سَبَبِهِ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا حُمِدُ الْكَظْمُ لِأَنَّهُ قَهْرٌ لِلنَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، وَلِذَلِكَ مَدَحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134] ، وَمَنْ نَهَى النَّفْسَ عَنْ هَوَاهُ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ، وَالْحُورَ الْعَيْنَ جَزَاهُ. قُلْتُ: وَهَذَا الثَّنَاءُ الْجَمِيلُ وَالْجَزَاءُ الْجَزِيلُ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى مُجَرَّدِ كَظْمِ الْغَيْظِ، فَكَيْفَ إِذَا انْضَمَّ الْعَفْوُ إِلَيْهِ أَوْ زَادَ بِالْإِحْسَانِ عَلَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْإِحْسَانُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى الْمُسِيءِ، فَإِنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى الْمُحْسِنِ مُتَاجَرَةٌ، وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ هَؤُلَاءِ فِي أُمَّتِي قَلِيلٌ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ كَانُوا كَثِيرًا مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي مَضَتِ اهـ. وَهُوَ قَدْ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حِبَّانَ. قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ إِلَخْ. وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ - أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ - فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ - ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ - وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 10 - 14] (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.

5089 - وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " «مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا وَأَمَانًا» ".
وَذُكِرَ حَدِيثُ سُوْيَدٍ: " «مَنْ تَرَكَ لِبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ» " فِي " كِتَابِ اللِّبَاسِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5089 - (وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ وَهْبٍ) : ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّابِعِينَ، وَقَالَ: هُوَ شَيْخٌ لِابْنِ عَجْلَانَ (عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَبِيهِ) أَيِ: الصَّحَابِيُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ أَيْضًا صَحَابِيًّا، وَأَنْ يَكُونَ تَابِعِيًّا (قَالَ) أَيْ: بَدَلَ الْجَزَاءِ السَّابِقِ مَعَ مُحَافَظَةِ الْإِبْقَاءِ عَلَى شَرْطِهِ إِلَّا قَوْلَ أَنْ يُنَفِّذَهُ، فَإِنَّ أُصُولَ هَذَا الْحَدِيثِ اتَّفَقَتْ عَلَى تَبْدِيلِهِ عَلَى إِنْفَاذِهِ (مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي ذَمِّ الْغَضَبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَذَكَرَ حَدِيثَ سُوَيْدٍ) أَيِ: ابْنِ وَهْبٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ (وَمَنْ تَرَكَ لِبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ) أَيْ: وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ (فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ) : وَهُوَ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ عَنْ تَكْرِيرٍ أَسْقَطَهُ، وَأَنْ يَكُونَ حَوَّلَهُ مِنْ هُنَا إِلَى ذَلِكَ الْبَابِ لِمُنَاسَبَتِهِ إِلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست