responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3179
وَاحِدًا اكْتَفَى بِالْجَوَابِ عَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمُعَوِّلُ وَالثَّانِي مُؤَكِّدٌ مُحْمَلٌ مُجْمَلٌ فَقَالَ قَبْلَ قَوْلِهِمْ: بَلَى (عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ) : بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ فِيهِمَا أَيْ: تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ سَهْلٍ طَلْقٍ حَلِيمٍ لَيِّنِ الْجَانِبِ، قِيلَ: هُمَا يُطْلَقَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِالتَّشْدِيدِ، وَعَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ بِالتَّخْصِيصِ لِلْمَدْحِ وَبِالتَّشْدِيدِ لِلذَّمِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: هَيِّنٌ فَعِيلٌ مِنَ الْهَوْنِ وَهُوَ السُّكُونُ وَالْوَقَارُ وَالسُّهُولَةُ فَعَيْنُهُ وَاوٌ، فَأُبْدِلَتْ وَأُدْغِمَتْ، وَأَمَّا اللَّيِّنُ فَيَأْتِي (قَرِيبٌ) أَيْ: مِنَ النَّاسِ بِمُجَالَسَتِهِمْ فِي مَحَافِلِ الطَّاعَةِ وَمُلَاطَفَتِهِمْ قَدْرَ الطَّاعَةِ (سَهْلٌ) أَيْ: فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَمْحُ الْقَضَاءِ سَمْحُ الِاقْتِضَاءِ سَمْحُ الْبَيْعِ سَمْحُ الشِّرَاءِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ الْمُؤْمِنَ الْكَامِلِ، هَذَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ هَذَا جَوَابٌ عَنِ السُّؤَالَيْنِ وَالْجَوَابُ الظَّاهِرُ عَنْهُمَا كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، ثُمَّ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَالَ عَنِ الْأَوَّلِ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، وَعَلَى الثَّانِي تَحْرُمُ النَّارُ عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، فَأَتَى بِجَوَابٍ مُوجَزٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا بِالتَّفْصِيلِ وَلَوْ أَتَى بِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُهُ: كُلِّ هَيِّنٍ لَمْ يَدُلَّ عَلَى التَّفْصِيلِ اهـ. وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْهُ، فَإِنَّ دَلَالَةَ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ عَلَى التَّفْصِيلِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَةِ الْجَوَابِ الْمُوجَزِ عِنْدَهُ عَلَيْهِ، كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، فَإِنَّ تَقْدِيرَهُ حِينَئِذٍ هُوَ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، وَيَكُونُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْوَصْفَيْنِ، وَهُوَ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ، وَمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، بَلْ لَوْ حَقَّقْتَ النَّظَرَ وَدَقَّقْتَ التَّأَمُّلَ لَوَجَدْتَ أَنَّ جَوَابَهُ الْمُوجِزَ عَلَى زَعْمِهِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ أَصْلًا، بَلْ دَلَالَتُهُ إِجْمَالِيَّةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ: وَالْبَرْدَ، فَكَذَلِكَ هُنَا يُقَدَّرُ: وَعَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ الْقَرِينَةَ الثَّانِيَةَ زَائِدَةٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْجَامِعِ بِلَفْظِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ غَدًا عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيبٍ سَهْلٍ» ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ جَابِرٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

5085 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، وَالْفَاجِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5085 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْمُؤْمِنُ) أَيْ: الْبَارُّ (غِرٌّ) : بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (كَرِيمٌ) أَيْ: مَوْصُوفٌ بِالْوَصْفَيْنِ أَيْ: لَهُ الِاغْتِرَارُ لِكَرَمِهِ، وَلَهُ الْمُسَامَحَةُ فِي حُظُوظِ الدُّنْيَا لَا لِجَهْلِهِ (وَالْفَاجِرُ خَبٌّ) : بِفَتْحِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَتُكْسَرُ وَتَشْدِيدِ مُوَحَّدَةٍ أَيْ: خَدَّاعٌ (لَئِيمٌ) أَيْ: بَخِيلٌ لَجُوجٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْوَصْفُ الثَّانِي سَبَبٌ لِلْأَوَّلِ؟ وَهُوَ نَتِيجَةُ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ، فَكِلَاهُمَا مِنْ بَابِ التَّذْيِيلِ وَالتَّكْمِيلِ. وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: لَيْسَ بِذِي مَكْرٍ فَهُوَ يَنْخَدِعُ لِانْقِيَادِهِ وَلِينِهِ وَهُوَ ضِدُّ الْخَبِّ، يُرِيدُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمَحْمُودَ مِنْ طَبْعِهِ الْغِرَارَةُ وَقِلَّةُ الْفِطْنَةِ لِلشَّرِّ وَتَرْكُ الْبَحْثِ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِيهِ جَهْلًا، وَلَكِنَّهُ كَرَمٌ وَحُسْنُ خُلُقٍ، وَالْفَاجِرُ مِنْ عَادَتِهِ الْبَحْثُ لَا عَلَى أَنَّهُ عَقْلٌ مِنْهُ، بَلْ خُبْثٌ وَلُؤْمٌ اهـ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِنَّ الْكَرِيمَ إِذَا خَادَعْتَهُ انْخَدَعَا
وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ لَمْ يُجَرِّبُوا الْأُمُورَ، فَهُمْ قَلِيلُو الشَّرِّ مُنْقَادُونَ، فَإِنَّ مَنْ آثَرَ الْخُمُولَ وَإِصْلَاحَ نَفْسِهِ الْمُتَزَوِّدَ لِمِعَادِهِ وَنَبَذَ أُمُورَ الدُّنْيَا، فَلَيْسَ غِرَّا فِيمَا قَصَدَهُ وَلَا مَذْمُومًا بِنَوْعٍ مِنَ الذَّمِّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ لِمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» " وَلِأَنَّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَنْخَدِعُ فِي مَقَامِ اللِّينِ وَالتَّعَطُّفِ مَعَ الْأَغْيَارِ، رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُلَّمَا صَلَّى عَبْدٌ لَهُ أَعْتَقَهُ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: مَنْ خَادَعَنَا بِاللَّهِ نَنْخَدِعْ. قُلْتُ: وَمِنْ ذَلِكَ انْخِدَاعُ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِكَلَامِ إِبْلِيسَ حَيْثُ قَاسَمَهَا إِنِّي لَكُمَا لِمَنِ النَّاصِحِينَ. قَالَ: وَلَفْظُ الْحَدِيثِ أَيْضًا يُسَاعِدُهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَصَفَهُ بِالْغُرُورِ أَيْ: بِوَصْفٍ غَيْرِ كَامِلٍ كَمَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَرِيمٌ) ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهِ ذَلِكَ نَقْصًا، وَالْخَبُّ بِالْفَتْحِ الْخَدَّاعُ وَهُوَ الْحَرِيزُ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ النَّاسِ بِالْفَسَادِ، يُقَالُ: رَجُلٌ خَبٌّ، وَقَدْ تُكْسَرُ خَاؤُهُ، وَأَمَّا الْمَصْدَرُ فَبِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ اهـ. فَالْكَسْرُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَتَأَمَّلْ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا الْحَاكِمُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «الْمُؤْمِنُ هَيِّنٌ لَيِّنٌ حَيِيٌّ تَخَالُهُ مِنَ اللِّينِ أَحْمَقَ» .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست