responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3168
كَمَا لَا تَنْفَعُ الشَّمْسُ
وَضَوْءُ الْعَيْنِ مَمْنُوعٌ
وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقْلِ» " وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " «مَا كَسَبَ أَحَدٌ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ عَقْلٍ يَهْدِيهِ إِلَى هُدَى أَوْ يَرُدَّهُ عَنْ رَدَى» " وَهَذَا الْعَقْلُ هُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا لَا يَنْفَعُ مَسْمُوعٌ بِلَا مَطْبُوعٍ، كَذَلِكَ لَا يَنْفَعُ مَطْبُوعٌ بِلَا مَسْمُوعٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُكَمَاءَ مَعَ أَنَّهُمْ أَكْبَرُ الْعُقَلَاءِ مَا نَفَعَهُمْ مُجَرَّدُ عُقُولِهِمُ الْمُطَوَّعَةِ مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَتِهِمْ لِلْأَنْبِيَاءِ وَأَقْوَالِهِمُ الْمَسْمُوعَةِ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23] وَنَظِيرُهُ الْمُشَاهَدُ لِكُلِّ أَحَدٍ: الْأَصَمُّ الْخَلْقِيُّ، فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ الْمَطْبُوعِ وَلَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنَ الْعَقْلِ الْمَسْمُوعِ، ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، كَمَا أَجْمَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي آخِرِ الْفَصْلِ وَقَالَ هُنَا: (وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ) أَيْ: فِي ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ وَقَدْ طَعَنَ فِي ثُبُوتِهِ (بَعْضُ الْعُلَمَاءِ) . فَفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حَقِّهِ، لَكِنْ قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ: إِنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ اتِّفَاقًا، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي مُخْتَصَرِ الشِّيحِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْفَيْرُوزِآبَادِي أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ إِلَخْ. ضَعِيفٌ. «وَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ مِنَ الْعَقْلِ لِلْحَكِيمِ» . ضَعِيفٌ، وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيُّ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرُوهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعَقِيلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ السَّبْتِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ الدَّارُقُطْنِيُّ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمُ اهـ. وَوَجْهُ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْحَذَرِ وَالتَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ ظَاهِرٌ مِنْ نَتَائِجِ الْعَقْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

5064 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ «الرَّجُلَ لِيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ". حَتَّى ذَكَرَ سِهَامَ الْخَيْرِ كُلَّهَا: " وَمَا يُجْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا بِقَدْرِ عَقْلِهِ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5064 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ " حَتَّى ذَكَرَ سِهَامَ الْخَيْرِ) أَيْ: أَبْوَابَهُ وَأَنْوَاعَهُ (كُلَّهَا) أَيْ: جَمِيعَهَا (وَمَا يُجْزَى) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ مَا يُثَابُ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا بِقَدْرِ عَقْلِهِ) أَيْ: بِمِقْدَارِ اسْتِعْمَالِهِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعَقْلِ هُنَا الْمُسْتَفَادُ بِالْعَقْلِ، فَيُفِيدُ أَنَّ زِيَادَةَ الْمُثَوَّبَاتِ وَالدَّرَجَاتِ فِي الْعِبَادَاتِ بِاخْتِلَافِ مَرَاتِبِ عُلُومِ أَصْحَابِهَا وَعُقُولِ أَرْبَابِهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَقْلَ الْمَسْمُوعَ لَا يَنْفَعُ كُلَّ النَّفْعِ إِلَّا بِالْعَقْلِ الْمَطْبُوعِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُمَيِّزُ الَّذِي يَضَعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ وَبِهِ تَتَفَاوَتُ صَلَاةٌ عَنْ صَلَاةٍ وَصَدَقَةٌ عَنْ صَدَقَةٍ وَصَوْمٌ عَنْ صَوْمٍ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَرْكَعُ رَكْعَةً فِي مَقَامٍ تَفَضُلُ أَلْفَ رَكْعَةٍ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَرُبَّمَا يَعْمَلُ وَيَظُنُّ بِهِ خَيْرًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَبَالًا. قُلْتُ: لَا خَفَاءَ أَنَّ الْعَقْلَ الْمَطْبُوعَ لَيْسَ لَهُ التَّمْيِيزُ فِي الْأَمْرِ الْمَشْرُوعِ، وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيحُ الْعَقْلِيَّانِ، فَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْعَقْلِ الْمَسْمُوعِ، لَكِنْ بِمُسَاعَدَةِ الْعَقْلِ الْمَطْبُوعِ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَا يَنْبَغِي مِنَ الْمَعْلُومِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَفِي مَقَامٍ يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْمَسْمُوعِ فِي الطَّرِيقَةِ، وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالنِّيَّاتِ، فَمَدَارُ كَمَالِ الصَّلَاةِ مَثَلًا بَعْدَ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَآدَابِهَا الْمَسْمُوعَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَلَى حُضُورِ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ، وَقَطْعُ النَّظَرِ عَمَّا سِوَاهُ، فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَرْفُوعًا: " «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صِلَاتِهِ تُسْعُهَا ثُمْنُهَا سُبْعُهَا سُدُسُهَا خُمْسُهَا رُبْعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا» ".

5065 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَا أَبَا ذَرٍّ! لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5065 - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِيَ) أَيْ: مُخَاطِبًا (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ! لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: أَرَادَ بِالتَّدْبِيرِ الْعَقْلَ الْمَطْبُوعَ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْعَقْلَ الْمَسْمُوعَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يُحْتَسَبُ لِصَاحِبِهِ إِلَّا بِالْعَقْلِ الْمَطْبُوعِ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَقْلَ الْمَطْبُوعَ لَا نَفْعَ لَهُ بِدُونِ الْعَقْلِ الْمَسْمُوعِ، بَلْ رُبَّمَا يَنْفَعُ الْمَسْمُوعُ بِدُونِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست