responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3164
5056 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي. فَقَالَ: " خُذِ الْأَمْرَ بِالتَّدْبِيرِ، فَإِنْ رَأَيْتَ فِي عَاقِبَتِهِ خَيْرًا فَأَمْضِهِ، وَإِنْ خِفْتَ غَيًّا فَأَمْسِكْ» ". رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5056 - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي) أَيْ: بِشَيْءٍ يُزِيلُ تَحَيُّرِي فِي أَمْرِي (فَقَالَ: خُذِ الْأَمْرَ) أَيِ: الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَهُ (بِالتَّدَبُّرِ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَيْ بِالتَّفَكُّرِ فِي دُبُرِهِ وَالتَّأَمُّلِ فِي مَصَالِحِهِ وَمَفَاسِدِهِ وَالنَّظَرِ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ. (فَإِنْ رَأَيْتَ فِي عَاقِبَتِهِ خَيْرًا) أَيْ: نَفْعًا دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا (فَأَمْضِهِ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ أَيْ فَافْعَلْهُ (وَإِنْ خِفْتَ) أَيْ: رَأَيْتَ بِقَرِينَةِ الْقَرِيبَةِ فَفِيهِ تَفَنُّنٌ، وَمَا أَحْسَنَ مَوْقِعَهَ فِيِ الشَّرِّ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (غَيًّا) أَيْ: ضَلَالَةً، وَإِنَّمَا تَرَكَ مُرَاعَاةَ الْمُقَابَلَةِ لِيُفِيدَ زِيَادَةَ إِفَادَةِ الْمُشَاكَلَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَوَّلِ خَيْرٌ وَهِدَايَةٌ، وَفِي الثَّانِي شَرٌّ وَضَلَالَةٌ، وَهَذَا بَعْضُ الصَّنِيعِ مِنْ صَنَائِعِ الْبَدِيعِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: (رَأَيْتَ) ، بِمَعْنَى عَلِمْتَ أَوْ ظَنَنْتَ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّهُ مَبْنَى الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ غَالِبِهَا، وَالْمَطَالِبِ الْعُرْفِيَّةِ كُلِّهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الظَّنِّ لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُخَاطَبِ، فَإِنَّ أَرْبَابَ الْيَقِينِ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ لَا يُوجَدُ إِلَّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَكُمَّلِ الْعَارِفِينَ مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْعِلْمِ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْخَوْفُ هُنَا بِمَعْنَى الظَّنِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ لِأَنَّ مَنْ خَافَ مِنْ شَيْءٍ احْتَرَزَ عَنْهُ وَتَحَرَّى حَقِيقَتَهُ اهـ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِيُحَقِّقَ حَقِيقَتَهُ. قَالَ: وَهَذَا أَنْسَبُ لِلْمَقَامِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ (رَأَيْتَ) ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَهُمَا نَتِيجَةُ التَّفَكُّرِ وَالتَّدْبِيرِ. قُلْتُ: بَلْ هُمَا الْمُتَفَرِّعَانِ عَلَيْهِمَا الْمُنْتِجَانِ لِلْفِعْلِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْإِمْضَاءِ وَالتَّرْكِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (فَأَمْسِكْ) أَيْ: كُفَّ عَنْهُ وَاتْرُكْهُ (رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) . وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ الْمَرْفُوعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّازِقِ فِي الْجَامِعِ، وَابْنُ عُدَيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ.

5057 - وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْأَعْمَشُ. لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5057 - (وَعَنْ مُصْعَبٍ) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَبُو زُرَارَةَ (بْنُ سَعْدٍ) أَيِ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ: سَعْدٍ وَهُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ، وَأَمَّا مُصْعَبُ فَسَمِعَ أَبَاهُ وَعَلِيًّا وَابْنَ عُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَغَيْرُهُ. (قَالَ الْأَعْمَشُ) : أَيْ أَحَدُ الرُّوَاةِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْكَاهِلِيُّ الْأَسَدِيُّ مَوْلَى بَنِي كَاهِلٍ، بَطْنٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ خُزَيْمَةَ، وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ بِأَرْضِ الرَّيِّ فَجِيءَ بِهِ حَمِيلًا إِلَى الْكُوفَةِ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَاهِلٍ، فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ أَحَدُ الْأَعْلَامِ الْمَشْهُورِينَ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ وَالْقِرَاءَةِ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ أَكْثَرِ الْكُوفِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. (لَا أَعْلَمُهُ) أَيْ: قَوْلَ سَعْدٍ هَذَا (إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ نَقْلًا وَرِوَايَةً عَنْهُ، أَوْ لَا أَعْلَمُ الْحَدِيثَ إِلَّا مَرْفُوعًا إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (قَالَ: التُّؤَدَةُ) : بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيِ التَّأَنِّي (فِي كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ: مِنَ الْأَعْمَالِ (خَيْرٌ) أَيْ: مُسْتَحْسَنٌ (إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ) أَيْ: لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْخَيِّرَاتِ آفَاتٌ. وَرُوِيَ أَنَّ أَكْثَرَ صِيَاحِ أَهْلِ النَّارِ مِنْ تَسْوِيفِ الْعَمَلِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأُمُورَ الدُّنْيَوِيَّةَ لَا يُعْلَمُ عَوَاقِبُهَا فِي ابْتِدَائِهَا أَنَّهَا مَحْمُودَةُ الْعَوَاقِبِ حَتَّى يَتَعَجَّلَ فِيهَا أَوْ مَذْمُومَةٌ فَيَتَأَخَّرُ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْأُمُورِ الْأُخْرِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ - وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 148 - 133] قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} [البقرة: 268] يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ إِذَا تَحَرَّكَتْ لَهُ دَاعِيَةُ الْبَذْلِ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَعِدُهُ الْفَقْرَ وَيُخَوِّفُهُ وَيَصُدُّهُ عَنْهُ. كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْفَرْشَخِيُّ فِي الْخَلَاءِ، فَدَعَا تِلْمِيذًا لَهُ فَقَالَ: انْزِعْ عَنِّي الْقَمِيصَ وَادْفَعْهُ إِلَى فُلَانٍ. فَقَالَ: هَلَّا صَبَرْتَ حَتَّى تَخْرُجَ. قَالَ: خَطَرَ لِي بَذْلَهُ وَلَا آمَنُ عَلَى نَفْسِي أَنْ تَتَغَيَّرَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَكَذَا الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ سَعْدٍ مَرْفُوعًا.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست