responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3122
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الْمُشَابَهَةِ هُوَ الْمُنَاسَبَةُ الضِّدِّيَّةُ، فَإِنَّ بِالشَّيْءِ يُذْكَرُ ضِدُّهُ، وَالْمَعْنَى مَنْ سَتَرَ مَا شَرَعَ اللَّهُ سَتْرَهُ كَانَ كَمَنْ رَفَعَ السِّتْرَ عَمَّا لَمْ يُشْرَعْ سِتْرُهُ، أَوْ وَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ إِصْلَاحُ الْفَسَادِ فِي الْقَرِينَتَيْنِ فَلَا إِشْكَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ الْأَمْرُ الْعَظِيمُ يَعْنِي مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ فَقَدِ ارْتَكَبَ أَمْرًا عَظِيمًا كَمَنْ أَحْيَا مَوْءُودَةً، فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَيَدُلُّ عَلَى فَخَامَةِ تِلْكَ الشَّنْعَاءِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] الْكَشَّافُ: فِيهِ تَعْظِيمُ قَتْلِ النَّفْسِ وَإِحْيَائِهَا فِي الْقُلُوبِ ; لِيَسْتَمِرَّ النَّاسُ عَلَى الْجَسَارَةِ عَلَيْهَا، وَيَتَرَاغَبُوا فِي الْمُحَامَاةِ عَلَى حُرْمَتِهَا ; لِأَنَّ الْمُتَعَرِّضَ لِقَتْلِ النَّفْسِ إِذَا تَصَوَّرَ قَتْلَهَا بِصُورَةِ قَتْلِ جَمِيعِ النَّاسِ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَثَبَّطَهُ، وَكَذَلِكَ الَّذِي أَرَادَ إِحْيَاءَهَا اهـ كَلَامُهُ.
فَكَذَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتُرَ عَيْبَ مُؤْمِنٍ وَعِرْضَهُ إِذَا تَصَوَّرَ أَنَّهُ إِحْيَاءُ الْمَوْءُودَةِ عَظُمَ عِنْدَهُ سَتْرُ عَوْرَةِ الْمُؤْمِنِ، فَيَتَحَرَّى فِيهِ وَيَبْذُلُ جُهْدَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَافِيهِ اعْتِبَارُ وَجْهِ الشَّبَهِ فِيمَا سَبَقَ، نَعَمْ فِي الْآيَةِ لَمَّا عَظُمَ عَلَى صَاحِبِ الْكَشَّافِ وَجْهُ شَبَهِ قَتْلِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ بِقَتْلِ الْأَنْفُسِ جَمِيعِهَا، وَكَذَا إِحْيَاؤُهَا بِإِحْيَائِهَا اعْتُبِرَ مَعْنَى الْعَظَمَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْمُنَاسَبَةِ لِلْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ، مَعَ أَنَّ فِي الْآيَةِ مَعَانِيَ أُخَرَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْكَشَّافِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ: مَنِ اسْتَحَلَّ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ ; لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ نَفْسٍ وَنَفْسٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ قِصَاصًا كَمَا لَوْ قَتَلَ جَمِيعَ النَّاسِ وَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْجَمِيعَ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ، أَوْ كَمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وِزْرًا وَإِثْمًا، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَهُوَ تَعْظِيمٌ لِلْقَتْلِ، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى طَرِيقِ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا مِنْ حَيْثُ أَنَّ قَتْلَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ سَوَاءٌ فِي اسْتِجْلَابِ غَصْبِ اللَّهِ وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ أَيْ: فِي أَصْلِ الِاسْتِجْلَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) . وَنَقَلَ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ أَنَّهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ وَقَدْ جَاءَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ اهـ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِلَفْظِ: " «مَنْ رَأَى عَوْرَةً فَسَتَرَهَا كَانَ كَمَنْ أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

4985 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ أَحَدَكُمْ مِرْآةُ أَخِيهِ، فَإِنْ رَأَى بِهِ أَذًى فَلْيُمِطْ عَنْهُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ: " «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَنْهُ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4985 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ مِرْآةُ أَخِيهِ» ) ، بِكَسْرِ مِيمٍ وَمَدِّ هَمْزٍ أَيْ: آلَةٌ لِإِرَاءَةِ مَحَاسِنِ أَخِيهِ وَمَعَايِبِهِ، لَكِنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَإِنَّ النَّصِيحَةَ فِي الْمَلَأِ فَضِيحَةٌ، وَأَيْضًا هُوَ يَرَى مِنْ أَخِيهِ مَا لَا يَرَاهُ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا يُرْسَمُ فِي الْمِرْآةِ مَا هُوَ مُخْتَفٍ عَنْ صَاحِبِهِ فَيَرَاهُ فِيهَا أَيْ: إِنَّمَا يَعْلَمُ الشَّخْصُ عَيْبَ نَفْسِهِ بِإِعْلَامِ أَخِيهِ كَمَا يَعْلَمُ خَلَلَ وَجْهِهِ بِالنَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ (فَإِنْ رَأَى) أَيْ: أَحَدُكُمْ (بِهِ) أَيْ: بِأَخِيهِ (أَذًى) أَيْ: عَيْبًا مِمَّا يُؤْذِيهِ أَوْ يُؤْذِي غَيْرَهُ (فَلْيُمِطْ) أَيْ: فَلْيُمِطْهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنَ الْإِمَاطَةِ، وَالْمَعْنَى فَلْيُزِلْ ذَلِكَ الْأَذَى (عَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَخِيهِ إِمَّا بِإِعْلَامِهِ حَتَّى يَتْرُكَهُ أَوْ بِالدُّعَاءِ لَهُ حَتَّى يُرْفَعَ عَنْهُ، وَهَذَا وَجْهُ قَوْلٍ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَهْدَى إِلَيَّ بِعُيُوبِ نَفْسِي، وَفِي إِتْيَانِهِ - بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ النَّفْسَ مَعْدِنُ الْعُيُوبِ وَمَنْبَعُهَا وَلِذَا قِيلَ:
وُجُودُكَ ذَنْبٌ لَا يُقَاسُ بِهِ ذَنْبُ
وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ قِيلَ أَيِ: الْمُؤْمِنُ فِي إِرَاءَةِ عَيْبِ أَخِيهِ كَالْمِرْآةِ الْمَجْلُوَّةِ الَّتِي تَحْكِي كُلَّ مَا يُرْسَمُ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، وَلَوْ كَانَ أَدْنَى شَيْءٍ، فَالْمُؤْمِنُ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَخِيهِ يَسْتَشِفُّ مِنْ وَرَاءِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ تَعْرِيفَاتٍ وَتَلْوِيحَاتٍ مِنَ اللَّهِ الْكَرِيمِ، فَأَيُّ وَقْتٍ ظَهَرَ مِنْ أَحَدِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُجْتَمِعِينَ فِي عَقْدِ الْأُخُوَّةِ عَيْبٌ فَادِحٌ فِي أُخُوَّتِهِ نَافِرُوهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ بِظُهُورِ النَّفْسِ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الْوَقْتِ، فَعَلِمُوا مِنْهُ خُرُوجَهُ بِذَلِكَ عَنْ دَائِرَةِ الْجَمْعِيَّةِ فَنَافَرُوهُ ; لِيَعُودَ إِلَى دَائِرَةِ الْجَمْعِيَّةِ، قَالَ رُوَيْمٌ: لَا يَزَالُ الصُّوفِيَّةُ بِخَيْرٍ مَا تَنَافَرُوا، فَإِذَا اصْطَلَحُوا هَلَكُوا، وَهَذَا إِشَارَةٌ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست