responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 7  صفحه : 2881
قَالَ الْأَشْرَفُ: وَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَالْخَمْرِ، وَهِيَ حَرَامٌ نَجِسَةٌ وَالتِّرْيَاقُ أَنْوَاعٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقِيلَ: الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ وَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ كُلِّهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الِانْتِزَاعِ عَنِ التَّوَكُّلِ. (أَوْ تَعَلَّقْتُ تَمِيمَةً) : أَيْ: أَخَذْتُهَا عَلَاقَةً، وَالْمُرَادُ مِنَ التَّمِيمَةِ مَا كَانَ مِنْ تَمَائِمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَرُقَاهَا، فَإِنَّ الْقِسْمَ الَّذِي اخْتَصَّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلِمَاتِهِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي جُمْلَتِهِ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ مَرْجُوُّ الْبَرَكَةِ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ السُّنَّةِ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ نَوْعُ قَدْحٍ فِي التَّوَكُّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ صَنِيعُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ قُلْتُ الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي) : أَيْ: قَصَدْتُهُ وَتَقَوَّلْتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟
فَذَلِكَ صَدَرَ لَا عَنْ قَصْدٍ وَلَا الْتِفَاتٍ مِنْهُ إِلَيْهِ أَنْ جَاءَ مَوْزُونًا، بَلْ كَانَ كَلَامًا مِنْ جِنْسِ كَلَامِهِ الَّذِي كَانَ يَرْمِي بِهِ عَلَى السَّلِيقَةِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا صَنْعَةٍ، وَلَا يُسَمَّى الْكَلَامُ الْمَوْزُونُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْوَزْنِ شِعْرًا عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ لَيْسَ بِشِعْرٍ عِنْدَ الْخَلِيلِ أَيْضًا، وَأَمَّا الشِّعْرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ جِنْسِ سَائِرِ الْكَلَامِ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، نَعَمْ تَوَجُّهُ الْبَاطِنِ إِلَيْهِ وَتَضْيِيعُ الْعُمْرِ الشَّرِيفِ وَالتَّفْكِيرُ الْكَثِيرُ الْمَانِعُ عَنِ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ الدِّينِيَّةِ فِيهِ مَذْمُومٌ، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «لِأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا حَتَّى يُرِيَهُ أَيْ: يُفْسِدَهُ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» . قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَعْنِي إِنَّ إِنْشَاءَ الشِّعْرِ حَرَامٌ عَلَيَّ، وَكَذَا شُرْبُ التِّرْيَاقِ وَتَعْلِيقُ التَّمَائِمِ حَرَامَانِ عَلَيَّ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ فَالتَّمَائِمُ وَإِنْشَاءُ الشِّعْرِ غَيْرُ حَرَامٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَذِبٌ، وَلَا هَجْوُ مُسْلِمٍ، أَوْ شَيْءٌ مِنَ الْمَعَاصِي، وَكَذَا التِّرْيَاقُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مُحَرَّمٌ شَرْعًا مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو بِالْوَاوِ عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ.

4555 - وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4555 - (وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنِ اكْتَوَى) : أَيْ: بَالَغَ فِي أَسْبَابِ الصِّحَّةِ إِلَى أَنِ اكْتَوَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مُلْجِئَةٍ (أَوِ اسْتَرْقَى) : أَيْ: بَالَغَ فِي دَفْعِ الْأَمْرَاضِ بِاسْتِعْمَالِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَلِمَاتِ كِتَابِهِ، وَلَا مِنَ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ) : أَيْ: سَقَطَ مِنْ دَرَجَةِ التَّوَكُّلِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْكَمَالِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122] وَفِي مُبَالَغَةِ مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ دَلَالَةٌ عَلَى غَفْلَتِهِ عَنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ، وَلِذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ بِقُفْلَيْنِ أَوْ بِقُفْلٍ، ثُمَّ وَصَّى الْجَارَ بِمُحَافَظَتِهِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُتَوَكِّلًا، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ رَأَى الشِّفَاءَ مِنَ الْكَيَّةِ وَالرُّقْيَةِ) اهـ. وَفِيهِ أَنَّ مَنْ رَأَى ذَلِكَ بَرِئَ مِنَ الدِّينِ لَا مِنَ التَّوَكُّلِ فَقَطْ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ رَأَى الشِّفَاءَ مِنْهُ مُنْحَصِرًا فِيهِ مِنَ الْأَسْبَابِ وَإِلَّا فَهُوَ سُبْحَانُهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَشْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَقَدْ سَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَقَامِ مِنْ كَلَامِ الْمُحَاسَبِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ.
وَفِي النِّهَايَةِ: قَدْ جَاءَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ النَّهْيُ عَنِ الْكَيِّ فَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ أَمْرَهُ، وَيَرَوْنَ أَنَّهُ يَحْسِمُ الدَّاءَ، وَإِذَا لَمْ يُكْوَ الْعُضْوُ بَطَلَ وَعَطَبَ. فَنَهَاهُمْ إِذَا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَبَاحَهُ إِذَا جُعِلَ سَبَبًا لِلشِّفَاءِ لَا عِلَّةً لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُبْرِئُهُ وَيَشْفِيهِ لَا الْكَيَّ وَالدَّوَاءَ، فَهُوَ أَمْرٌ يَكْثُرُ فِيهِ سُلُوكُ النَّاسِ يَقُولُونَ: لَوْ شَرِبَ الدَّوَاءَ لَمْ يَمُتْ، وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدِهِ لَمْ يُقْتَلْ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ. أَنْ يَكُونَ. نَهْيُهُ عَنِ الْكَيِّ إِذَا اسْتُعْمِلَ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ حُدُوثِ الْمَرَضِ، وَقَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ التَّدَاوِي وَالْعِلَاجُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ مِنْ قَبِيلِ التَّوَكُّلِ لِقَوْلِهِ: " «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» " وَالتَّوَكُّلُ دَرَجَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْجَوَازِ اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ: لَا يَتَدَاوُونَ، فَلَا بُدَّ لِتَخْصِيصٍ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 7  صفحه : 2881
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست