responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 7  صفحه : 2879
لَأَغْنِيَاءٌ أَيْ: أَعْنِي وَأَخُصُّ آلَ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَنَامِ، وَمِنْهَا قَوْلُهَا (فَقُلْتُ: لِمَ تَقُولُ هَكَذَا؟) : أَيْ: وَتَأْمُرُنِي بِالتَّوَكُّلِ وَعَدَمِ الِاسْتِرْقَاءِ، فَإِنِّي وَجَدْتُ فِي الِاسْتِرْقَاءِ فَائِدَةً، لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تُقْذَفُ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ: تُرْمَى بِمَا يُهَيِّجُ الْوَجَعَ ذَكَرَهُ التُّورِبِشْتِيُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهَا الْآتِي: فَإِذَا رَقَاهَا سَكَنَتْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ: تُرْمَى بِالرَّمَصِ أَوِ الدَّمْعِ، وَهُوَ مَاءُ الْعَيْنِ مِنَ الْوَجَعِ، وَالرَّمَصُ: بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ مَا جَمَدَ مِنَ الْوَسَخِ فِي مُؤَخِّرِ الْعَيْنِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُحْتَمَلُ بِنَاءُ الْفَاعِلِ وَلَا أُحَقِّقُ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الرِّوَايَةِ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ أَكْثَرُ ظَنِّي.
(وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ) : أَيْ: أَتَرَدَّدُ بِالرَّوَاحِ وَالْمَجِيءِ (إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ، فَإِذَا رَقَاهَا سَكَنَتْ) أَيِ: الْعَيْنُ يَعْنِي وَجَعَهَا (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا ذَلِكِ) : بِكَسْرِ الْكَافِ (عَمَلُ الشَّيْطَانِ) : أَيْ: مِنْ فِعْلِهِ وَتَسْوِيلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَجَعَ الَّذِي كَانَ فِي عَيْنَيْكِ لَمْ يَكُنْ وَجَعًا فِي الْحَقِيقَةِ، بَلْ ضَرْبٌ مِنْ ضَرَبَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَزَغَاتِهِ (كَانَ) : أَيِ: الشَّيْطَانُ (يَنْخَسُهَا) : بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: يَطْعَنُهَا (بِيَدِهِ، فَإِذَا رُقِيَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: إِذَا رَقَى الْيَهُودِيُّ (كُفَّ عَنْهَا) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ: كَفُّ الشَّيْطَانِ عَنْ نَخْسِهَا وَتَرْكِ طَعْنِهَا (إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي) : أَيْ: عِنْدَ وَجَعِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهَا (كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: اذْهِبِ) : أَمْرٌ مِنَ الْإِذْهَابِ أَيْ: أَزِلْ (الْبَأْسَ) : بِالْهَمْزِ السَّاكِنِ، وَقَدْ يُبْدَلُ أَيِ: الشِّدَّةُ، وَفِي الْمَوَاهِبِ مُطَابِقًا لِشَيْخِهِ الْعَسْقَلَانِيِّ هُوَ بِغَيْرِ هَمْزٍ لِمُؤَاخَاةِ قَوْلِهِ: (رَبَّ النَّاسِ) : أَيْ: يَا خَالِقَهُمْ وَمُرَبِّيهِمْ (وَاشْفِ) : بِهَمْزِ وَصْلٍ مَعْطُوفًا عَلَى " اذْهِبِ " عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ مُؤَكِّدَةٌ لِلْأُولَى وَهُمَا مُمَهِّدَتَانِ لِلثَّالِثَةِ (أَنْتَ الشَّافِي) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ بِتَعْرِيضِ الْخَبَرِ (لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ) : بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ مَوْضِعِ لَا شِفَاءَ عَلَى مَا فِي الْمَوَاهِبِ (شِفَاءَ) : بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِقَوْلِهِ: اشْفِ، وَالْجُمْلَتَانِ مُعْتَرِضَتَانِ (لَا يُغَادِرُ) : أَيْ: لَا يَتْرُكُ (سَقَمًا) : بِفَتْحَتَيْنِ وَبِضَمٍّ وَسُكُونٍ أَيْ مَرَضًا، وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ قَوْلِهِ " شِفَاءً "، فَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ رَدٌّ لِاعْتِقَادِهَا أَنَّ رُقْيَةَ الْيَهُودِيِّ شَافِيَةٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ الشِّفَاءَ الَّذِي لَا يُغَادِرُ سُقْمًا هُوَ شِفَاءُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ شِفَاءَ الْيَهُودِيِّ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا تَسْكِينٌ مَا، يَعْنِي بِمُعَاوَنَةِ فِعْلِ الشَّيْطَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : أَيِ: الْحَدِيثُ بِكَمَالِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَرْفُوعَيْنِ وَعَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي، فَقَدْ ذَكَرَهُ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ وَقَالَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أَهْلِهِ وَيَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ اذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءٌ لَا يُغَادِرُ سُقْمًا» ".
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ قَوْلُهُ: وَأَنْتَ الشَّافِي كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِالْوَاوِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِحَذْفِهَا، وَالضَّمِيرُ. فِي اشْفِهِ لِلتَّعْلِيلِ، أَوْ هِيَ هَاءُ السَّكْتِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ بِشَرْطَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَا يُوهِمُ نَقْصًا، وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ فِيهِ: " {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] ". وَقَوْلُهُ: لَا شِفَاءَ بِالْمَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا شِفَاؤُكَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ مَوْضِعِ لَا شِفَاءَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ مِنَ الدَّاءِ وَالتَّدَاوِي لَا يَنْجَحُ إِنْ لَمْ يُصَادِفْ تَقْدِيرَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: شِفَاءً، مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ لِقَوْلِهِ اشْفِهِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ، أَيْ: هَذَا أَوْ هُوَ، وَقَوْلُهُ: لَا يُغَادِرُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: لَا يَتْرُكُ، وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الشِّفَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، فَيُخْلِفُهُ مَرَضٌ آخَرُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَثَلًا، فَكَانَ يَدْعُو بِالشِّفَاءِ الْمُطْلَقِ لَا بِمُطْلَقِ الشِّفَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ بِرِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَرْقِي الْمَحْرُوقَ بِقَوْلِهِ: " اذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ» "، وَرَوَى النَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَالْحَاكِمُ عَنْ فُضَيْلَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَرْقِي مَنِ احْتَبَسَ بَوْلُهُ أَوْ أَصَابَتْهُ حَصَاةٌ بِقَوْلِهِ: " رَبَّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ، فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ، وَاغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، فَأَنْزِلْ شِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ وَرَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ» " فَيَبْرَأُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 7  صفحه : 2879
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست