responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2615
رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (هَذَا فُلَانٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ) فَابْعَثُوا لَهُ، فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ فَقَالَ: دَعُونِي آتِيهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ " وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَدَعَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَتِ: اذْهَبْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَصَالِحْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ أَرَادَتْ قُرَيْشٌ الصُّلْحَ حِينَ بَعَثَتْ هَذَا) . فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرَى بَيْنَهُمَا الْقَوْلُ، حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُمَا الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يُوضَعَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ عَامَهُمْ هَذَا.
وَقَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبِيُّ الْكَاتِبَ يَعْنِي عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَقَالَ - أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) . فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ مَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ) ، ثُمَّ قَالَ: (هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَكَتَبَ: (هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَهْلَ مَكَّةَ) الْحَدِيثَ اهـ. مَا بَيْنَهُمَا. قَالَ: وَقَوْلُهُ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَقَوْلُهُ أَمَّا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِلَخْ. فَقَالَ الْعُلَمَاءُ: وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تَرْكِ كِتَابَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَكَتَبَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، وَكَذَا وَافَقَهُمْ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد اللَّهِ، وَتَرَكَ كِتَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ لِلْمَصْلَحَةِ الْمُهِمَّةِ الْحَاصِلَةِ بِالصُّلْحِ، مَعَ أَنَّهُ لَا مَفْسَدَةَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا الْبَسْمَلَةُ وَبِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ، وَكَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد اللَّهِ هُوَ أَيْضًا رَسُولُهُ، وَلَيْسَ فِي تَرْكِ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ وَلَا فِي تَرْكِ وَصْفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَا بِالرِّسَالَةِ مَا يَنْفِيهَا فَلَا مَفْسَدَةَ فِيمَا طَلَبُوهُ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْمَفْسَدَةُ تَكُونُ لَوْ طَلَبُوا أَنْ يَكْتُبُوا مَا لَا يَحِلُّ مِنْ تَعْظِيمِ آلِهَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ.
(فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ: حَقًّا (مَا صَدَدْنَاكَ) أَيْ: مَا مَنَعْنَاكَ (عَنِ الْبَيْتِ) أَيْ: عَنْ طَوَافِ بَيْتِ اللَّهِ لِلْعُمْرَةِ (وَلَا قَاتَلْنَاكَ) أَيْ: أَوَّلًا وَلَا هَمَمْنَا بِقِتَالِكَ آخِرًا، (وَلَكِنِ اكْتُبْ) أَيْ: مُرِ الْكَاتِبَ أَنْ يَكْتُبَ (مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) ، بِالنَّصْبِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ فَإِنَّهُ فَاعِلُ قَاضَى وَصَالَحَ (فَقَالَ النَّبِيُّ) : وَفِي نُسْخَةٍ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي: (اكْتُبْ) أَيْ: يَا عَلِيُّ (مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) : فِيهِ الْوَجْهَانِ. قَالَ صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ: وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ: (امْحُهُ) فَقَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ وَهِيَ لُغَةٌ فِي أَمْحُوهُ. قَالَ الْعُلَمَاءُ وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ عَلِيٌّ مِنْ بَابِ الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتِيمَ مَحْوٍ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَتَّمَ مَحْوَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَلِيٍّ تَرْكُهُ اهـ. (ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرِنِي مَكَانَهَا) فَأَرَاهُ مَكَانَهَا فَمَحَاهُ، وَكَتَبَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي الْمَغَازِي: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَقَدِيمًا تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ ; فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ، فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَرَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَأَنَّ الَّذِي قَالَهُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ شِعْرًا:
بَرِئْتُ مِمَّنْ شَرَى دُنْيَا بِآخِرَةٍ
وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَتَبَا فَجَمَعَهُمُ الْأَمِيرُ فَاسْتَظْهَرَ الْبَاجِيَّ عَلَيْهِمْ بِمَا لَدَيْهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ: هَذَا لَا يُنَافِي الْقُرْآنَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ الْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَ النَّفْيَ بِمَا قَبْلَ وُرُودِ الْقُرْآنِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] وَبَعْدَ مَا تَحَقَّقَتْ وَتَقَرَّرَتْ بِذَلِكَ مُعْجِزَتُهُ وَأُمِنَ الِارْتِيَابُ فِي ذَلِكَ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ ذَلِكَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2615
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست