responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2551
حَبَّةٌ مِنَ الْيَمَامَةِ، وَكَانَتْ قَرِيبَ مَكَّةَ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا مُحَمَّدٌ، فَانْصَرَفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَ الْحَمْلَ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى جَهَدَتْ قُرَيْشٌ، فَكَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِمْ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى ثُمَامَةَ يَحْمِلُ إِلَيْهِمُ الطَّعَامَ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -. وَذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي آخِرِ السِّيَرِ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ قَالُوا: «أَصَبَأْتَ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُ خَيْرَ الدِّينِ دِينِ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَا تَصِلُ إِلَيْكُمْ حَبَّةٌ مِنَ الْيَمَامَةِ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - إِلَى أَنْ قَالَ: «فَكَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّكَ قَدْ قَطَعْتَ أَرْحَامَنَا، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَمْلِ» . وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمَنِّ عَلَى الْكَافِرِ وَإِطْلَاقِهِ بِغَيْرِ مَالٍ.
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَا يَجُوزُ الْمَنُّ عَلَى الْأُسَارَى، وَهُوَ أَنْ يُطْلِقَهُمْ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ إِذَا رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ، وَبِقَوْلِنَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَنَّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أُسَارَى بَدْرٍ مِنْهُمُ الْعَاصِ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَأَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " فَإِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الْمَنِّ وَهِيَ آخَرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَقِصَّةُ بَدْرٍ كَانَتْ سَابِقَةً عَلَيْهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ جَوَازُ رَبْطِ الْأَسِيرِ وَحَبْسِهِ وَإِدْخَالِ الْكَافِرِ الْمَسْجِدَ، وَفِيهِ إِذَا أَرَادَ الْكَافِرُ الْإِسْلَامَ يُبَادِرُ بِهِ، وَلَا يُؤَخِّرْهُ لِلِاغْتِسَالِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي تَأْخِيرِهِ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّ اغْتِسَالَهُ وَاجِبٌ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ فِي الشِّرْكِ، سَوَاءٌ كَانَ اغْتَسِلْ مِنْهَا أَمْ لَا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنِ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ فَالْغَسْلُ مُسْتَحَبٌّ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَآخَرُونَ: يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ، وَفِي تَكْرِيرِ سُؤَالِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَأْلِيفٌ لِقَلْبِهِ، وَمُلَاطَفَةٌ لِمَنْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ مِنَ الْأُسَارَى الَّذِينَ يَتْبَعُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ كَثِيرٌ مِنَ الْخَلْقِ.

3965 - وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ " لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3965 - (وَعَنْ جُبَيْرِ) : بِالتَّصْغِيرِ (بْنِ مُطْعِمٍ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ) : أَيْ فِي شَأْنِهِمْ لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي) : أَيْ شَفَاعَةً إِلَى (هَؤُلَاءِ النَّتْنَى) : جَمْعِ نَتِنٍ بِالتَّحْرِيكِ بِمَعْنَى مُنْتِنٍ؛ كَزَمِنٍ وَزَمْنَى، وَإِنَّمَا سَمَّاهُمْ نَتْنَى إِمَّا لِرِجْسِهِمُ الْحَاصِلِ مِنْ كُفْرِهِمْ عَلَى التَّمْثِيلِ، أَوْ لِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ أَبْدَانُهُمْ وَجِيَفُهُمُ الْمُلْقَاةُ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ (لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ) ; أَيْ لِأَجْلِهِ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَابْنُ عَمِّ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ لَهُ يَدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ جَارَهُ حِينَ رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ وَذَبَّ الْمُشْرِكِينَ عَنْهُ، فَأَحَبَّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ حَيًّا فَكَافَأَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَرَادَ بِهِ تَطْيِيبَ قَلْبِ ابْنِهِ جُبَيْرٍ وَتَأْلِيفَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، تَعْرِيضٌ بِالتَّعْظِيمِ لِشَأْنِ الرَّسُولِ وَتَحْقِيرِ حَالِ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يُبَالِي بِهِمْ وَبِتَرْكِهِمْ لِمُشْرِكٍ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ يَدٌ اهـ.
قِيلَ: وَفِيهِ بَيَانُ حَسَنِ الْمُكَافَأَةِ وَجَوَازُ فَرْضِ الْمُحَالِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمَنِّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِبَاقِي الْأَئِمَّةِ، وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِ شَارِحٍ بِهَذَا لَا يُثْبِتُ الْمَنَّ ; لِأَنَّ (لَوْ) لِامْتِنَاعِ الشَّيْءِ لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ يَعْنِي فَيُفِيدُ امْتِنَاعَ الْمَنِّ، وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى بَصَرٍ بِالْكَلَامِ أَنَّ التَّرْكِيبَ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ لَتَرَكَهُمْ وَصِدْقُهُ وَاجِبٌ، وَهُوَ بِأَنْ يَكُونَ الْمَنُّ جَائِزًا، فَقَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ كَانَ يُطْلِقُهُمْ لَوْ سَأَلَهُمْ ; إِيَّاهُ وَالْإِطْلَاقُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ جَائِزٌ شَرْعًا، وَكَوْنُهُ لَمْ يَقَعْ لِعَدَمِ وُقُوعِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ لَا يَنْفِي جَوَازَهُ شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ اهـ. فَمَا اشْتُهِرَ عَلَى لِسَانِ الْمَنْطِقِيِّينَ أَنَّ " لَوِ " الشَّرْطِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْوُقُوعِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا وَرَدَ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ الشَّارِعِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) ; أَيْ عَنْ جُبَيْرٍ، وَقَدْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ كَافِرٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، وَلَمْ أُسْلِمْ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: لَوْ كَانَ مُطْعِمٌ حَيًّا إِلَخْ. وَفِي رِوَايَةٍ: سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ - أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ - أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} [الطور: 35 - 37] كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2551
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست