responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2479
فَيَصِيرُ مُظْلِمًا، فَإِذَا اتَّصَفَ بِصِفَةِ الرُّوحِ تَنَوَّرَ، وَكَانَ مَقَرًّا لِلْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَفَازَ وَأَفْلَحَ. قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5] وَإِذَا اتَّصَفَ بِصِفَةِ النَّفْسِ أَظْلَمَ وَكَانَ مَقَرًّا لِلشُّحِّ الْهَالِعِ فَخَابَ وَخَسِرَ وَلَمْ يُفْلِحْ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] فَأَنَّى يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ اه. وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، فَإِنَّ الْمُخْلِطَ يَمِيلُ قَلْبُهُ إِلَى الرُّوحِ تَارَةً فَتَزُولُ عَنْهُ الْخَصَائِلُ الذَّمِيمَةُ، وَقَدْ يَمِيلُ إِلَى النَّفْسِ فَيَعُودُ إِلَيْهَا الْأَحْوَالُ الدِّينِيَّةُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي آنٍ وَاحِدٍ لَهُ جَوَلَانُ وَمَيَلَانُ إِلَى الطَّرَفَيْنِ، كَجَوَلَانِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ، فَيَنْطَعُ وَيَنْعَكِسُ فِيهَا مِنْ كُلٍّ مِنَ الْحَالَيْنِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، مِنْ «أَنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: «مَثَلُ الْقُلُوبِ كَرِيشَةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ» ، وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ لِأَرْبَابِ الشُّهُودِ، وَلِذَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: " «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» " وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةً فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تَكِلْنِي إِلَى ضِعْفٍ وَعَوْرَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، وَمَنْ أَرَادَ الِاسْتِقْصَاءَ فَعَلَيْهِ بِالْأَحْيَاءِ.

3829 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3829 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ) : وَفِي رِوَايَةٍ أَبَدًا ; أَيْ: لَا يُصِيبُهُمَا أَدَقُّ إِصَابَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تَرَيَانِ النَّارَ. وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ: أَبَدًا (عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) : وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْمُجَاهِدِينَ مَعَ النَّفْسِ التَّائِبِينَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ (وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ) : وَفِي رِوَايَةٍ تَكْلَأُ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْمُجَاهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ، وَهِيَ شَامِلَةٌ ; لِأَنْ تَكُونَ فِي الْحَجِّ، أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ، أَوِ الْجِهَادِ، أَوِ الْعِبَادَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَارِسُ لِلْمُجَاهِدِينَ لِحِفْظِهِمْ عَنِ الْكُفَّارِ. قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: عَيْنٌ بَكَتْ هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْعَالِمِ الْعَابِدِ الْمُجَاهِدِ مَعَ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] حَيْثُ حَصْرُ الْخَشْيَةِ فِيهِمْ غَيْرُ مُتَجَاوَزٍ عَنْهُمْ، فَحَصَلَتِ النِّسْبَةُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ عَيْنِ مُجَاهِدٍ مَعَ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ، وَعَيْنِ مُجَاهِدٍ مَعَ الْكُفَّارِ وَالْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ مُتَرَادِفَانِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي الْإِحْيَاءِ: الْخَوْفُ سَوْطُ اللَّهِ تَعَالَى يَسُوقُ بِهِ عِبَادَهُ إِلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، لِيَنَالُوا بِهِمَا رُتْبَةَ الْقُرْبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اه. فَكُلُّ خَوْفٍ لَا يُورِثُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ خَوْفًا حَقِيقِيًّا، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْخَشْيَةَ خَوْفٌ مَعَ التَّعْظِيمِ، وَلِذَا جُرِّدَ عَنْ مَعْنَى الْخَوْفِ، وَأُرِيدَ التَّعْظِيمُ فِي قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] بِرَفْعِ الْجَلَالَةِ وَنَصْبِ الْعُلَمَاءِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ عَنْ أَنَسٍ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَفْظُهُ: " «عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» ". وَرَوَاهُ الضِّيَاءُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ، بِتَغْيِيرٍ يَسِيرٍ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ.

3830 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ:
لَوِ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ مَقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ؟ اغْزُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3830 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشِعْبٍ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا انْفَرَجَ مِنَ الْجَبَلَيْنِ وَغَيْرُهُ (فِيهِ عُيَيْنَةٌ) : تَصْغِيرُ عَيْنٍ بِمَعْنَى الْمَنْبَعِ (مِنْ مَاءٍ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: صِفَةُ عُيَيْنَةٍ جِيءَ بِهَا مَادِحَةً ; لِأَنَّ التَّنْكِيرَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى نَوْعِ مَاءٍ صَافٍ تَرُوقُ بِهِ الْأَعْيُنُ وَتَبْهَجُ بِهِ الْأَنْفُسُ (عَذْبَةٌ) : بِالرَّفْعِ صِفَةُ عُيَيْنَةٍ وَبِالْجَرِّ عَلَى الْجِوَارِ ; أَيْ طَيِّبَةً، أَوْ طَيِّبٌ مَاؤُهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَعَذْبَةٌ صِفَةٌ أُخْرَى مُمَيِّزَةٌ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ الْأَلَذَّ سَائِغٌ فِي الْمَرِّيءِ، وَمِنْ ثَمَّ أَعْجَبَ الرَّجُلَ وَتَمَنَّى الِاعْتِزَالَ عَنِ النَّاسِ فَقَالَ ; أَيِ الرَّاوِي (فَأَعْجَبَتْهُ) : أَيِ الْعُيَيْنَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْمَكَانِ (فَقَالَ) : أَيِ الرَّجُلُ (لَوِ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ) : لَوْ لِلتَّمَنِّي، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَوِ امْتِنَاعِيَّةً، قَوْلُهُ:

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست