responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2471
كَلِمَةِ اللَّهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ ; أَيْ: لِيَرَى مَنْزِلَتَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ; أَيْ: لِيَحْصُلَ لَهُ الْجَنَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ) : أَيْ: كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ; أَيْ: لَا غَيْرَ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ إِرَادَةَ الْجَنَّةِ غَيْرُ مُزَاحِمَةٍ إِرَادَةَ كَوْنِ كَلِمَةِ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «قُومُوا إِلَى الْجَنَّةِ» " كَمَا سَبَقَ، فَالْمُرَادُ بِهِمَا وَاحِدٌ وَالْمَآلُ مُتَّحِدٌ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: فَالَّذِي أُقِيمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الرَّجُلِ وَمَكَانُهُ نَصْبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلِ الْمَفْعُولُ الثَّانِي أُقِيمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ، وَكَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَجَامِعِ الْأُصُولِ مَضْبُوطٌ بِالرَّفْعِ ; أَيْ: لِيَرَى النَّاسُ مَنْزِلَتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قُلْتُ: مَبْنَى كَلَامِ الْأَشْرَفِ عَلَى نَصْبِ مَكَانِهِ لَا عَلَى رَفْعِهِ. فَقَوْلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ: وَأَيْضًا لَا فَرْقَ بَيْنَ السُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ. الْمُغْرِبُ: يُقَالُ فَعَلَ ذَلِكَ سُمْعَةً لِيُرِيَهُ النَّاسَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِهِ التَّحْقِيقَ، وَسَمِعَ بِكَذَا أَشْهَرَهُ، تَسْمِيعًا، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: " «مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ أَسَامِعَ خَلْقِهِ وَحَقَّرَهُ وَصَغَّرَهُ وَنَوَّهَ اللَّهُ لِرِيَائِهِ وَبَلَائِهِ أَسْمَاعَ خَلْقِهِ فَيُفْتَضَحَ» " قُلْتُ: كَلَامُ الْأَشْرَفِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّحْقِيقِ الْأَصْلِيِّ، وَالتَّدْقِيقِ اللُّغَوِيِّ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الرِّيَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرُّؤْيَةِ، كَمَا أَنَّ السَّمْعَ هُوَ مَا أُخِذَ السُّمْعَةَ، نَعَمْ، اتُّسِعَ فِيهِمَا فَتُطْلَقُ إِحْدَاهَا عَلَى الْأُخْرَى وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَصْلِ فَيُقَالُ: رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ. قَالَ: وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ أَنْ يُرَادَ بِالذِّكْرِ الصِّيتُ وَالسُّمْعَةُ وَبِالرُّؤْيَةِ عِلْمُ اللَّهُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] يَعْنِي الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ لِلْغَنِيمَةِ وَالذِّكْرِ، وَالْمُجَاهِدُ الصَّابِرُ الَّذِي يَسْتَفْرِغُ جُهْدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قُلْتُ: هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَضْلًا أَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْقِيَامَةِ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي حَدِيثِ فَضَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ الشُّهَدَاءَ أَرْبَعَةٌ: رَجُلٌ جَيِّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللَّهَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ الَّذِي يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَعْيُنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» " هَكَذَا الْحَدِيثُ. فَيَكُونُ قَدْ سَأَلَ الرَّجُلُ عَنْ أَحْوَالِ الْمُجَاهِدِينَ بِأَسْرِهَا وَمُقَاتَلَتِهِمْ، إِمَّا لِلْغَنِيمَةِ، أَوْ لِلذِّكْرِ وَالصِّيتِ وَالْفَخْرِ رِيَاءً، أَوْ لِيَحْمَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَكَنَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ عَنِ الثَّالِثِ: " «مَنْ قُتِلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا» " إِحْمَادًا عَلَيْهِ وَشُكْرًا لِصَنِيعِهِ وَإِلَّا كَانَ يَكْفِيهِ فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ يُقَاتِلْ لِيُرَى مَكَانُهُ.
قُلْتُ: وَوَجْهُ الْعُدُولِ أَنَّ هَذَا مُبْهَمٌ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى الْمَقْصُودِ صَرِيحًا، أَوْ صَحِيحًا. قَالَ: وَالْمَكَانُ هَاهُنَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} [الأنعام: 135] الْكَشَّافُ: الْمَكَانَةُ تَكُونُ مَصْدَرًا يُقَالُ: مَكَنَ مَكَانَةً إِذَا تَمَكَّنَ أَبْلَغَ التَّمَكُّنِ، بِمَعْنَى الْمَكَانِ يُقَالُ مَكَانٌ وَمَكَانَةٌ وَمَقَامٌ وَمَقَامَةٌ ; أَيِ: اعْمَلُوا عَلَى تَمَكُّنِكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ وَأَقْصَى اسْتِطَاعَتِكُمْ وَإِمْكَانِكُمْ، أَوِ اعْمَلُوا عَلَى جِهَتِكُمْ وَحَالِكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا وَكَلِمَةُ اللَّهِ عِبَارَةٌ عَنْ دِينِ الْحَقِّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى دَعَا إِلَيْهِ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالِاعْتِصَامِ بِهِ كَمَا قِيلَ لِعِيسَى: (كَلِمَةُ اللَّهِ) وَهِيَ فَصْلٌ وَالْخَبَرُ الْعُلْيَا فَأَفَادَ الِاخْتِصَاصَ ; أَيْ: لَمْ يُقَاتِلْ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ إِلَّا لِإِظْهَارِ الدِّينِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

3815 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ". وَفِي رِوَايَةٍ: " إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3815 - (وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ) : وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّنْوِينِ، وَهِيَ أَرْضٌ بَيْنَ الشَّامِ وَالْمَدِينَةِ (فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ) : أَيْ: قَارَبَهُمْ (فَقَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا) : أَيْ: جَمَاعَاتٍ مِمَّنْ يَتَمَنَّوْنَ الْغَزْوَ، وَيُحَدِّثُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْخُرُوجِ، وَلَهُمْ مَانِعٌ ضَرُورِيٌّ (مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا) : أَيْ: سَيْرًا، أَوْ مَكَانًا (وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا) : تَخْصِيصٌ لِكَوْنِ قَطْعِ الْوَادِي أَشَقَّ، وَلِيَدُلَّ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ (إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ) : أَيْ: بِالْقَلْبِ وَالْهِمَّةِ وَالدُّعَاءِ وَالنِّيَّةِ (وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَّا شَرِكُوكُمْ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ فَفِي الْقَامُوسِ شَرِكَهُ فِي الْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ كَعَلِمَهُ يُشْرِكُهُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست