responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2469
وَسَلَامُهُ مِنْ قَوْلِهِ: (إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ) : وَكَانَ يَكْفِي عَلَى ظَنِّهِمْ أَنْ يَقُولُوا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطْنَبُوا وَأَتَوْا فِي الْخَبَرِ بِالْفَاءِ دَلَالَةً عَلَى أَنِ أَصْلَهُ الْمَوْصُولَ عِلَّةٌ لِلْخَبَرِ، فَخَصُّوا مَا أُرِيدُ الْعُمُومُ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ السُّؤَالَ عَنْ أَصْنَافِ الشَّهِيدِ الشَّامِلِ لِلْحَقِيقِيِّ وَالْحِكْمَةِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ لَفْظَةُ تَعُدُّونَ، فَلَمَّا حَصَرُوهُ فِي الْحَقِيقِيِّ قَالَ: (إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لِقَلِيلٌ) . (مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) : أَيْ حَقِيقَةً لَا شُبْهَةَ فِيهِ (وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) : أَيْ ; أَيْضًا لَكِنْ حُكْمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] وَأَيْضًا «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، «وَنِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» . وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ: " «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» ". ( «وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ) : لِأَنَّهُ مَقْتُولُ الْجِنِّ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ ( «وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ) : فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْمَبْطُونُ صَاحِبُ دَاءِ الْبَطْنِ وَهُوَ الْإِسْهَالُ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقِيلَ هُوَ الَّذِي بِهِ الِاسْتِسْقَاءُ وَانْتِفَاخُ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَمُوتُ بِدَاءِ بَطْنِهِ مُطْلَقًا اه. وَلَعَلَّ كَوْنَهُ شَهِيدًا ; لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنْ يَمُوتَ حَاضِرَ الْقَلْبِ مُنْكَشِفًا عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ: الشَّهِيدُ فَعِيلٌ مِنَ الشُّهُودِ. بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ; لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُهُ وَتُبَشِّرُهُ بِالْفَوْزِ وَالْكَرَامَةِ، أَوْ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ; لِأَنَّهُ يَلْقَى رَبَّهُ وَيَحْضُرُ عِنْدَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الحديد: 19] ، أَوْ مِنَ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ بَيَّنَ صِدْقَهُ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصَ فِي الطَّاعَةِ بِبَذْلِ النَّفْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ يَكُونُ تِلْوَ الرُّسُلِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْأُمَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ، أَوْ بِوَجَعٍ فِي الْبَطْنِ مُلْحَقٌ بِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ فِي بَعْضِ مَا يَنَالُ مِنَ الْكَرَامَةِ بِسَبَبِ مَا كَابَدَهُ مِنَ الشِّدَّةِ لَا فِي جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ وَالْفَضَائِلِ اه.
وَقَدْ جَمَعَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ مَا وَرَدَ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّهَادَةِ الْحُكْمِيَّةِ فِي كُرَّاسَةٍ مِنْهُمُ: الْغَرِيقُ وَالْحَرِيقُ وَالْمَهْدُومُ وَالْغَرِيبُ وَالْمُرَابِطُ، وَمَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوْ لَيْلَتَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَ الشُّهَدَاءَ فِي نَوْعٍ مِنَ الْمِئَوِيَّاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الشُّهَدَاءُ لَا الْمُسَاوَاةُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ: النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ " قَالُوا: الَّذِي يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: " إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ. الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ شَهَادَةٌ، وَالْحَرْقُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالسَّلُّ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ» .

3812 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، تَغْزُو وَتَسْلَمُ، إِلَّا كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورِهِمْ. وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، تَخْفُقُ وَتُصَابُ إِلَّا تَمَّ أُجُورُهُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3812 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: بِالْوَاوِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا مِنْ غَازِيَةٍ) : أَيْ: قِطْعَةٍ مِنَ الْجَيْشِ، أَوْ جَمَاعَةٍ تَغْزُو (أَوْ سَرِيَّةٍ) : هِيَ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ، وَفِي ذِكْرِهِمَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْغَزَاةِ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَقِيلَ، أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي (تَغْزُو فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ إِلَّا كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورِهِمْ) : بِضَمِّ اللَّامِ وَيُسَكَّنُ قَالَ الْقَاضِي: الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَزَا الْكُفَّارَ فَرَجَعَ سَالِمًا غَانِمًا فَقَدْ تَعَجَّلَ، فَاسْتَوْفَى ثُلُثَيْ أَجْرِهِ، وَهُمَا السَّلَامَةُ وَالْغَنِيمَةُ فِي الدُّنْيَا، وَبَقِيَ لَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ يَنَالُهُ فِي الْآخِرَةِ بِسَبَبِ مَا قَصَدَ بِغَزْوِهِ مُحَارَبَةَ أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، تَخْفُقُ) : مِنَ الْإِخْفَاقِ ; أَيْ: تَغْزُو وَلَا تَغْنَمُ (وَتُصَابُ) : أَيْ: بِجُرْحٍ، أَوْ بِقَتْلٍ، أَوْ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ (إِلَّا تَمَّ أُجُورُهُمْ) : قَالَ الْقَاضِي: وَالْمَعْنَى مَنْ غَزَا فِي نَفْسِهِ بِقَتْلٍ، أَوْ جُرْحٍ وَلَمْ يُصَادِفْ غَنِيمَةً فَأَجْرُهُ بَاقٍ بِكَمَالِهِ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ شَيْئًا فَيُوَفَّرَ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَفْظُ تَعَجَّلُوا يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ غَازٍ فِي نَزَوَاتِهِ ثَوَابٌ، فَمَنْ أَصَابَ السَّلَامَةَ وَالْغَنِيمَةَ اسْتَوْفَى ثُلُثَيْ ثَوَابِهِ فِي الدُّنْيَا بَدَلَ مَا كَانَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَجَّلَ وَمَنْ لَمْ يَغْنَمْ وَقُتِلَ أَتَمَّ أَجْرَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَجَّلْ بِشَيْءٍ بَقِيَ قِسْمَانِ مِنْ سَلَمٍ، وَأَخْفَقَ فَقَدْ تَعَجَّلَ بِثُلُثِهِ وَبَقِيَ لَهُ ثُلْثَانِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ رَجَعَ مَجْرُوحًا يُقَسَّمُ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ بِحَسَبِ جُرْحِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيِعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ اه.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2469
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست