responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2464
وَفِي نُسْخَةٍ: (الْآيَةَ، قَالَ) : أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا) : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ (عَنْ ذَلِكَ) : أَيْ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْحَدِيثُ مَرْفُوعٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ. (فَقَالَ) : يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الْقَاضِي: الْمَسْئُولُ وَالْمُجِيبُ هُوَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، وَفِي فَقَالَ ضَمِيرٌ لَهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَرِينَةُ الْحَالِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَالُ الصَّحَابِيِّ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُ وَاسْتِكْشَافُهُ مِنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سِيَّمَا فِي تَأْوِيلِ آيَةٍ هِيَ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَمَا هِيَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَعَادِ، فَإِنَّهُ غَيْبٌ صِرْفٌ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إِلَّا بِالْوَحْيِ، وَلِكَوْنِهِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنَ التَّعْيِينِ أُضْمِرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَ ذِكْرُهُ.
قُلْتُ: أَيْضًا: جَلَالَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَأْبَيْ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: (أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ) : أَيْ يُخْلَقُ لِأَرْوَاحِهِمْ بَعْدَ مَا فَارَقَتْ أَبْدَانَهُمْ هَيَاكِلُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ تَتَعَلَّقُ بِهَا، وَتَكُونُ خَلَفًا عَنْ أَبْدَانِهِمْ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 169] فَيَتَوَصَّلُونَ بِهَا إِلَى نَيْلِ مَا يَشْتَهُونَ مِنَ اللَّذَائِذِ الْحِسِّيَّةِ، وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُرْزَقُونَ - فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 169 - 170] وَالطَّيْرُ جَمْعُ طَائِرٍ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَخُضْرٌ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جَمْعُ أَخْضَرَ (لَهَا) : أَيْ لِلطَّيْرِ، أَوْ لِلْأَرْوَاحِ (قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ) : بِمَنْزِلَةِ أَوْكَارِ الطَّيْرِ (تَسْرَحُ) : أَيْ تَسِيرُ وَتَرْعَى وَتَتَنَاوَلُ (مِنَ الْجَنَّةِ) : أَيْ مِنْ ثَمَرَاتِهَا وَلَذَّاتِهَا (حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي) : أَيْ تَرْجِعُ (إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ) : أَيْ فَسَتُقِرُّ فِيهَا، ثُمَّ تَسْرَحُ، وَهَكَذَا (فَاطَّلَعَ) : بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ ; أَيْ نَظَرَ (إِلَيْهِمْ) : وَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ (رَبُّهُمْ) : وَإِنَّمَا قَالَ (اطِّلَاعَةً) : لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ جِنْسِ اطِّلَاعِنَا عَلَى الْأَشْيَاءِ. قَالَ الْقَاضِي: وَعَدَّاهُ بِإِلَى، وَحَقُّهُ أَنْ يُعَدَّى بِعَلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الِانْتِهَاءِ. (فَقَالَ) : أَيْ رَبُّهُمْ ( «هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا» : يَعْنِي: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: 71] (فَفَعَلَ) : أَيْ رَبُّهُمْ (ذَلِكَ) : أَيْ مَا ذَكَرَ مِنَ الِاطِّلَاعِ وَالْقَوْلِ لَهُمْ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) : قَالَ الْقَاضِي: اطِّلَاعُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَاسْتِفْهَامُهُ عَمَّا يَشْتَهُونَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَجَازٌ عَنْ مَزِيدِ تَلَطُّفِهِ بِهِمْ وَتَضَاعُفِ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِمْ. قُلْتُ: وَلَا مَانِعَ لِلْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، بَلْ هِيَ أَحَقُّ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، (فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ ; أَيْ لَنْ يَخْلُوَا (مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا) : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ، وَمِنْ زَائِدَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَأَنْ يَسْأَلُوا بَدَلٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ يُتْرَكُوا ; أَيْ: لَنْ يُتْرَكَ سُؤَالُهُمْ (قَالُوا «يَا رَبُّ! نُرِيدُ أَنْ تُرَدَّ أَرْوَاحُنَا فِي أَجْسَادِنَا» ) : أَيِ الْأَوَّلِيَّةِ (حَتَّى نُقْتَلَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ; أَيْ نُسْتَشْهَدَ (فِي سَبِيلِكِ مَرَّةً أُخْرَى؟) : قَالَ الْقَاضِي: الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُمْ مُتَمَنًّى وَلَا مَطْلَبٌ أَصْلًا غَيْرَ أَنْ يُرْجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا فَيُسْتَشْهَدُوا ثَانِيًا لِمَا رَأَوْا بِسَبَبِهِ مِنَ الشَّرَفِ وَالْكَرَامَةِ (فَلَمَّا رَأَى) : أَيْ عَلِمَ اللَّهُ عِلْمًا تَنْجِيزِيًّا مُطَابِقًا لِمَا عَلِمَ عِلْمًا غَيْبِيًّا تَعْلِيقِيًّا (أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ) : أَيْ حَاجَةٌ مُعْتَبَرَةٌ ; لِأَنَّهُمْ سَأَلُوا مَا هُوَ خِلَافُ إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى (تُرِكُوا) : أَيْ مِنْ سُؤَالِ هَلْ تَشْتَهُونَ؟ قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: رُؤْيَةُ اللَّهِ كَانَتْ أَعْظَمَ النِّعَمِ، فَلِمَ لَمْ يَطْلُبُونَهَا؟ قُلْتُ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَوْقُوفَةً فِي ذَلِكَ عَلَى كَمَالِ اسْتِعْدَادٍ يَلِيقُ بِهَا، فَصَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عَنْ ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ حُصُولِ الِاسْتِعْدَادِ. فَإِنْ قُلْتَ: إِعَادَةُ الرُّوحِ إِلَى الْجَسَدِ إِنْ كَانَ لِطَلَبِ مَا هُمْ فِيهِ فَلَا فَائِدَةَ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَهَلَّا اشْتَهْواهُ أَوْ لَا؟ قُلْتُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الْقِيَامَ بِمُوجِبِ الشُّكْرِ فِي مُقَابَلَةِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ الْقَاضِي: الْحَدِيثُ تَمْثِيلٌ لِحَالِهِمْ، وَمَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَهْجَةِ وَالسَّعَادَةِ شَبَّهَ لَطَافَتَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ، وَتَمَكُّنَهُمْ مِنَ التَّلَذُّذِ بِأَنْوَاعِ الْمُشْتَهِيَاتِ وَالتَّبَوُّءِ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءُوا، وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَانْخِرَاطِهِمْ فِي غَارِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى الَّذِينَ هُمْ حَوْلَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ بِمَا إِذَا كَانُوا فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ إِلَى الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، وَشَبَّهَ حَالَهُمْ فِي اسْتِجْمَاعِ اللَّذَائِذِ وَحُصُولِ جَمِيعِ الْمَطَالِبِ بِحَالِ مَنْ يُبَالِغُ وَيَسْرُدُ عَلَيْهِ رَبُّهُ الْمُتَفَضِّلُ الْمُشْفِقُ عَلَيْهِ غَايَةَ التَّفَضُّلِ وَالْإِشْفَاقِ الْقَادِرُ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ بِأَنْ يُسْأَلَ مِنْهُ مَطْلُوبًا، وَيُكَرِّرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ لَا يَرَى بُدًّا مِنَ السُّؤَالِ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ إِلَّا أَنْ يُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2464
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست