responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2456
بِهَا الدَّرَجَاتِ الْعُلَى تَعَرَّضَ بِجِهَادِهِ لِطَلَبِ النَّصْرِ وَالْمَغْفِرَةِ، فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِبُغْيَتِهِ وَوَعَدَ لَهُ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا السَّلَامَةَ وَالرُّجُوعَ بِالْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ. وَإِمَّا الْوَصْلَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْفَوْزَ بِمَرْتَبَةِ الشَّهَادَةِ، وَقَوْلُهُ: (بِمَا نَالَ) عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي ; وَارِدٌ عَلَى تَحَقُّقِ وَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُصُولِهِ، وَقَوْلُهُ: (إِلَّا ; إِيمَانٌ بِي) بِالرَّفْعِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: (إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا) بِالنَّصْبِ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ ; أَيْ: لَا يُخْرِجُهُ مُخْرِجٌ وَلَا يُحَرِّكُهُ مُحَرِّكٌ إِلَّا إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: عَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمَّ عَامَّ الْفَاعِلِ ; أَيْ لَا يُخْرِجُهُ مُخْرِجٌ وَلَا يُحَرِّكُهُ مُحَرِّكٌ إِلَّا إِيمَانٌ وَتَصْدِيقٌ، وَعَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمَّ عَامَّ الْمَفْعُولِ لَهُ ; أَيْ: لَا يُخْرِجُهُ الْمُخْرِجُ وَلَا يُحَرِّكُهُ الْمُحَرِّكُ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا لِلْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ. وَقَالَ الْأَشْرَفُ: فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ ; أَيِ انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ قَائِلًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي. قُلْتُ: فَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَهُوَ حَالٌ عَنِ اللَّهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقَلَ كَلَامَهُ تَعَالَى أَوَّلًا بِالْمَعْنَى، ثُمَّ عَادَ إِلَى نَقْلِ نَظْمِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: انْتَدَبْتُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِي إِلَخْ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْأَوْفَقُ أَنْ يَكُونَ الْتِفَاتًا إِذْ لَوْ قِيلَ لَا إِيمَانَ بِهِ لَكَانَ مُجْرًى عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى الْإِضْمَارِ، فَعُدِلَ تَفْخِيمًا لِشَأْنِ الْمُخْرِجِ وَمَزِيدًا لِاخْتِصَاصِهِ وَقُرْبِهِ، وَالْجَارُّ مِنْ أَنْ أَرْجِعَهُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ بِأَنْ قَالَ: إِمَّا أَنْ أَرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: يُرْوَى، أَوْ غَنِيمَةٍ وَهُوَ لَفْظُ الْكِتَابِ، وَيُرْوَى بِالْوَاوِ وَهُوَ أَوْجَهُ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَسَدُّهُمَا مَعْنًى. قُلْتُ: فِيهِ بَحَثٌ إِذْ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ إِلَّا بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ وَهِيَ قَدْ تَحْصُلُ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ، فَالرِّوَايَةُ بَأَوْ هِيَ الْأَصْلُ وَالْأَوْلَى، وَتُحْمَلُ الْوَاوُ عَلَى مَعْنَاهَا لِيَتِمَّ الْمَعْنَى عَلَى الْمَبْنَى، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالُوا: مَعْنَاهُ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ مَعَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِلَا غَنِيمَةٍ إِنْ لَمْ يَغْنَمُوا، أَوْ مَعَ الْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ مَعًا إِنْ غَنِمُوا، وَقِيلَ: إِنَّ (أَوْ) هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ ; أَيْ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ إِذْ وَقَعَ بِالْوَاوِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَكَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
قَالَ الطِّيبِيُّ: (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ وَرَدَ فِي التَّنْزِيلِ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: 6] كَذَا ذَكَرَهُ الْقُتَيْبِيُّ. قُلْتُ: لَا مَانِعَ مِنْ وُرُودِ (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ إِيرَادِهِ هَاهُنَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي تَحْقِيقِ الْمَعْنَى، مَعَ أَنَّ الْمِثَالَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ (أَوْ) فِيهِ لِلتَّنْوِيعِ ; أَيْضًا إِمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُلْقِيَاتِ، أَوْ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمُكَلَّفِينَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: أَوْ غَنِيمَةٍ عَطْفٌ عَلَى أَجْرٍ، وَأَدْخَلَهُ عَلَى أَرْجِعَهُ فَيَكُونُ صِلَةَ أَنْ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَ الْخَارِجَ فِي سَبِيلِهِ إِمَّا بِأَنْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ مَعَ أَجْرٍ بِلَا غَنِيمَةٍ، أَوْ أَجْرٍ مَعَ غَنِيمَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُسْتَشْهَدَ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُدْخِلَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فِي الشُّهَدَاءِ: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] وَأَنْ يُرَادَ دُخُولُهُ الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ بِلَا حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مُكَفِّرَةً لِذُنُوبِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

3790 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ ; مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3790 - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا) : أَيْ فُقَرَاءَ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَطِيبُ) : أَيْ لَا تَرْضَى (أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي) ، لِعَدَمِ مَرْكُوبِهِمْ (وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ) : أَيْ جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ (تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ) ، بِكَسْرِ الدَّالِ ; أَيْ تَمَنَّيْتُ (أَنْ أُقْتَلَ) : بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ; أَيْ أُسْتَشْهَدَ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِحْيَاءِ (ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا) ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (ثُمَّ أُقْتَلَ) . وَفِي تَرْكِهِ، ثُمَّ أُحْيَا مُبَالَغَةٌ بَلِيغَةٌ لَا تَخْفَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ فَضِيلَةُ الْغَزْوِ وَالشَّهَادَةِ وَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَالْخَيْرِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَفِيهِ أَنَّ الْجِهَادَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَا مِنَ الْعَيْنِ. قُلْتُ: وَفِيهِ بَحْثٌ إِذْ قَدْ يَصِيرُ عَيْنًا، وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الشَّفَقَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالرَّأْفَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُ بَعْضَ مَا يَخْتَارُهُ لِلرِّفْقِ بِالْمُسْلِمِينَ يَعْنِي الَّذِينَ لَا مَرْكُوبَ لَهُمْ، فَإِنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ يُؤْثَرُ أَهَمُّهَا اه. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ صَدَرَ مِنْهُ هَذَا التَّمَنِّي مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ التَّمَنِّيَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2456
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست