responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2450
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27] اه. فَالْمُرَادُ بِالْخَائِنِ هُوَ الْفَاسِقُ، وَهُوَ مَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً، أَوْ أَصَرَّ عَلَى الصَّغَائِرِ (وَلَا مَجْلُودٍ حَدًّا) : أَيْ: حَدَّ الْقَذْفِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ مَنْ جُلِدَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ الْمَجْلُودَ فِيهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ. وَقَالَ الْقَاضِي: أَفْرَدَ الْمَجْلُودَ حَدًّا وَعَطَفَهُ عَلَيْهِ لِعِظَمِ جِنَايَتِهِ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الزَّانِي غَيْرَ الْمُحْصَنِ وَالْقَاذِفَ وَالشَّارِبَ. قَالَ الْمُظْهِرُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا جُلِدَ قَاذِفٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ، وَأَمَّا قَبْلَ الْجَلْدِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. قُلْتُ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] قَالَ صَاحِبُ الْمَدَارِكِ: نَكَّرَ شَهَادَةً فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ، فَتَعُمَّ كُلَّ شَهَادَةٍ؛ فَرَدُّ الشَّهَادَةِ مِنَ الْحَدِّ عِنْدَنَا، وَيَتَعَلَّقُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، أَوْ بَعْضِهِ عَلَى مَا عُرِفَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَتَعَلَّقُ رَدُّ شَهَادَتِهِ بِنَفْسِ الْقَذْفِ فَعِنْدَنَا جَزَاءُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ الرَّمْيُ الْجَلْدُ، وَرَدُّ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَهُوَ مُدَّةُ حَيَاتِهِمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ جَزَاءِ الشَّرْطِ، وَكَأَنَّهُ حِكَايَةُ حَالِ الرَّامِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [آل عمران: 89] ; أَيِ: الْقَذْفِ (وَأَصْلَحُوا) ; أَيْ: أَحْوَالَهُمْ؛ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْفَاسِقِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ; أَيْ: يَغْفِرُ ذُنُوبَهُمْ وَيَرْحَمُهُمْ قَالَ الْمُظْهِرُ: وَقَالَ غَيْرُهُ ; أَيْ: غَيْرُ أَبِي حَنِيفَةَ: الْقَذْفُ مِنْ جُمْلَةِ الْفُسُوقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ، بَلْ إِنْ تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، سَوَاءٌ جُلِدَ، أَوْ لَمْ يُجْلَدْ وَإِنْ يَتُبْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ جُلِدَ، أَوْ لَمْ يُجْلَدْ. (وَلَا ذِي غِمْرٍ) : بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ; أَيْ: حِقْدٍ وَعَدَاوَةٍ (عَلَى أَخِيهِ) : أَيِ الْمُسْلِمِ، يَعْنِي: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوٍّ، سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهُ فِي النَّسَبِ، أَوْ أَجْنَبِيًّا وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا قَالَ: عَلَى أَخِيهِ تَلْيِينًا لِقَلْبِهِ وَتَقْبِيحًا لِصَنِيعِهِ (وَلَا ظَنِينٍ) : أَيْ: وَلَا عَلَى مُتَّهَمٍ (فِي وَلَاءٍ) : بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْتَمِي إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ (وَلَا قَرَابَةٍ) : أَيْ: وَلَا عَلَى ظَنِينٍ فِي قَرَابَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَنْتَسِبُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ إِلَى غَيْرِ ذَوِيِهِ، وَإِنَّمَا رَدَّ شَهَادَتَهُ ; لِأَنَّهُ يَنْفِي الْوُثُوقَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا مِنَ الشُّرَّاحِ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي مَنْ قَالَ: أَنَا عَتِيقُ فُلَانٍ وَهُوَ كَاذِبٌ فِيهِ بِحَيْثُ يَتَّهِمُهُ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ: وَيُكَذِّبُونَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّهُ فَاسِقٌ ; لِأَنَّ قَطْعَ الْوَلَاءِ عَنِ الْمُعْتِقِ وَإِثْبَاتَهُ لِمَنْ لَيْسَ بِمُعْتِقِهِ كَبِيرَةٌ، وَرَاكِبُهَا فَاسِقٌ. وَكَذَلِكَ الظَّنِينُ فِي الْقَرَابَةِ، وَهُوَ الدَّاعِي الْقَائِلُ: أَنَا ابْنُ فُلَانٍ، أَوْ أَنَا أَخُو فُلَانٍ مِنَ النَّسَبِ، وَالنَّاسُ يُكَذِّبُونَهُ فِيهِ (وَلَا الْقَانِعِ) : كَالْخَادِمِ وَالتَّابِعِ (مَعَ أَهْلِ الْبَيْتِ) : قَالَ الْمُظْهِرُ: الْقَانِعُ السَّائِلُ الْمُقْتَنِعُ الصَّابِرُ بِأَدْنَى قُوتٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا أَنَّ مَنْ كَانَ نَفَقَةَ أَحَدٍ كَالْخَادِمِ وَالتَّابِعِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ; لِأَنَّهُ يَجُرُّ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ إِلَى نَفْسِهِ ; لِأَنَّ مَا حَصَلَ مِنَ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ يَعُودُ نَفْعُهُ إِلَى الشَّاهِدِ ; لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ نَفَقَتِهِ، وَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ جَرَّ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ إِلَى نَفْسِهِ كَالْوَالِدِ يَشْهَدُ لِوَلَدِهِ، أَوِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، أَوِ الْغَرِيمِ يَشْهَدُ بِمَالٍ لِلْمُفْلِسِ عَلَى أَحَدٍ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِآخَرَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ خِلَافًا لِمَالِكٍ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَيَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ) : بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ وَقَدْ يُكْسَرُ ; أَيِ: الشَّامِيُّ (الرَّاوِي) : أَيْ: رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ (مُنْكَرُ الْحَدِيثِ) : بِفَتْحِ الْكَافِ ; أَيْ: مُنْكَرٌ حَدِيثُهُ، فَفِي شَرْحِ النُّخْبَةِ: مَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ، أَوْ كَثُرَتْ غَفْلَتُهُ، أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُ، فَحَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَفَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ وَلَا ذِي الْحِنَّةِ» ". رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالظِّنَّةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ; أَيِ: التُّهْمَةُ، وَالْحِنَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ ; أَيِ: الْعَدَاوَةُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست