responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2339
حَتَّى مَلَكَ مِنْهُ مَا لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ مِنَ التَّصَرُّفِ، فَمِلْكُهُ الْإِقَامَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنَ الْإِمَامِ، وَلَنَا مَا رَوَى الْأَصْحَابُ فِي كُتُبِهِمْ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا: «أَرْبَعٌ إِلَى الْوُلَاةِ الْحُدُودُ وَالصَّدَقَاتُ وَالْجُمُعَاتُ وَالْفَيْءُ» ; وَلِأَنَّ الْحَدَّ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ فَلَا يَسْتَوْفِيهِ إِلَّا نَائِبُهُ وَهُوَ الْإِمَامُ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَوْنِهِ حَقَّ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ نَائِبُهُ مُسْلِمٌ، لَكِنَّ الِاسْتِنَابَةَ تُعْرَفُ بِالسَّمْعِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَنَابَ فِي حَقِّهِ الْمُتَوَجِّهِ مِنْهُ عَلَى الْأَرِقَّاءِ مَوَالِيهِمْ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنَفْسِهِ ظَاهِرَةٌ، وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِقَامَةَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَانَ مُمْتَثِلًا، فَجَازَ كَوْنُ الْمُرَادِ ذَكَرَهُ لِلْإِمَامِ لِيَأْمُرَ بِإِقَامَتِهِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَثْبُتِ الْمُعَارِضُ الْمَذْكُورُ لَا يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ عَلَى الظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ كَوْنِ الْقَائِلِ: أَقَامَ فُلَانٌ أَوْ جُلِدَ فُلَانٌ، أَنَّهُ بَاشَرَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَحَدُ دَائِرَةٍ فِيهِمَا لَا فِي ثَلَاثَةٍ، وَهُمَا هَذَانِ مَعَ رَفْعِهِ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَحُدَّهُ نَعَمْ مَنِ اسْتَقَرَّ اعْتِقَادُهُ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْحُدُودِ إِلَى الْإِمَامِ فَالْمُتَبَادِرُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ الْأَخِيرِ بِخُصُوصِهِ اه. كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُحَقِّقِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ لَا يَعِيبُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا يُعَيِّرْهَا أَحَدٌ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ، لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ لِذَنْبِهَا. قَالَ الْقَاضِي: التَّثْرِيبُ التَّأْنِيبُ وَالتَّعْيِيرُ، وَكَانَ تَأْدِيبُ الزُّنَاةِ قَبْلَ شَرْعِ الْحَدِّ هُوَ التَّثْرِيبَ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُمْ بِالْجَلْدِ، وَنَهَى عَنِ الِاقْتِصَارِ بِالتَّثْرِيبِ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا أَسْقَطَ التَّغْرِيبَ عَنِ الْمَمَالِيكِ نَظَرًا لِلسَّادَةِ صِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ حَدِّ الزِّنَا عَلَى الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ، وَأَنَّ السَّيِّدَ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَتَفَحَّصَ عَنْ جُرْمِهِمَا، وَيَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ لِلْجُمْهُورِ. قُلْتُ: الصَّرَاحَةُ مَمْنُوعَةٌ ; لِأَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَذَا لَفْظُ أَحَدِكُمْ فَيَشْمَلُ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ الْفَرْدُ الْأَكْمَلُ فَيَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ إِلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ الْعَالِمُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِّ مِنَ الشُّرُوطِ، وَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِكِينَ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْمَالِكَ مُتَّهَمٌ فِي ضَرْبِهِ وَقَتْلِهِ أَنَّهُ لِذَلِكَ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ جَوَّزَ لَهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ لَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادٌ كَثِيرٌ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ رِوَايَةُ: إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، وَرِوَايَةُ: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . وَلَعَلَّ وَجْهُ التَّخْصِيصِ أَنَّ الزِّنَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فِي الْجَوَارِي وَالْعَبِيدِ أَيَّامَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي الْحَدِّ مَعَ الْأَحْرَارِ، لَكِنْ بِطْرِيقِ التَّنْصِيصِ كَمَا دَلَّ عَلَى الْآيَةِ. (ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ) ، فِيهِ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِّ وَالتَّثْرِيبِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِيهِ أَنَّ الزَّانِيَ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الزِّنَا تَكَرَّرَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَأَمَّا إِذَا زَنَا مَرَّاتٍ وَلَمْ يُحَدَّ، فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ، (ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا) : أَيْ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ أَوْ قَبْلَهَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: فَلْيَجْلِدْهَا لِيَكُنْ سَبَبُ جَلْدِهَا بِالْمُرَافَعَةِ، لِيَحْصُلَ تَأْدِيبُهَا، وَلَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهَا، وَعُلِمَ عَدَمُ النَّفْعِ فِيهَا، فَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ إِقَامَةِ حَدِّهَا. (وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيُسَكَّنُ أَيْ: وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهَا قَلِيلًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ تَرْكُ مُخَالَطَةِ الْفُسَّاقِ وَأَهْلِ الْمَعَاصِي، وَهَذَا الْبَيْعُ الْمَأْمُورُ بِهِ مُسْتَحَبٌّ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: هُوَ وَاجِبٌ، وَفِيهِ جَوَّزَ بَيْعَهُ الشَّيْءَ الثَّمِينَ بِثَمَنٍ حَقِيرٍ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِيهِ خِلَافٌ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ فَإِنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَهُ خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ، وَعَلَى الْبَائِعِ بَيَانُ حَالِ السِّلْعَةِ وَعَيْبِهَا لِلْمُشْتَرِي. قُلْتُ: هَذَا كَلَامٌ بِرَأْسِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ إِذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكْرَهُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَيَرْتَضِيهِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ؟ فَالْجَوَابُ: لَعَلَّ الزَّانِيَةَ تَسْتَعِفُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهَا أَوْ بِصَوْنِهَا أَوْ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهَا، أَوْ تَزْوِيجِهَا. قُلْتُ: إِذَا ظَهَرَ الْعَيْبُ فَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ، فَالسُّؤَالُ سَاقِطٌ مَنْ أَصِلِهِ، نَعَمْ يَحْتَاجُ الْجَوَابُ عَمَّنْ يَشْتَرِيهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ بَيْعَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّغْرِيبِ زَجْرًا وَسِيَاسَةً وَدَلَالَةً إِلَى أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّرْبِيَةِ عِنْدَهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست