responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2246
حَتَّى يَفْعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ، إِذْ صَارَ مَعْصِيَةً، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجْلِبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضَرًّا، وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِ: " فَلَا تَنْذُرُوا ". عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ لَكُمْ، أَوْ تَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ، إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ، فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: تَحْرِيرُهُ أَنَّهُ عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّذْرُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنِ الْقَدَرِ بِنَفْسِهِ، كَمَا زَعَمُوا، وَكَمَا نَرَى فِي عَهْدِنَا جَمَاعَةً يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ لَمَّا شَاهَدُوا مِنْ غَالِبِ الْأَحْوَالِ حُصُولَ الْمَطَالِبِ بِالنَّذْرِ، وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُسَهِّلُ الْأُمُورَ، وَهُوَ الضَّارُّ وَالنَّافِعُ. وَالنُّذُورُ كَالذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلِ، فَيَكُونُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ طَاعَةً، وَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَيْفَ وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ الْخِيَرَةَ مِنْ عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] وَ {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] قُلْتُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنَّ النَّذْرَ الْمُقَيَّدَ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مَعْصِيَةً لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الْقَيْدُ، أَعْنِي الِاعْتِقَادَ الْفَاسِدَ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ يُغْنِي عَنِ الْقَدَرِ. قَالَ: وَأَمَّا مَعْنَى " فَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ " فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْبَذْلَ وَالْإِنْفَاقَ، فَمَنْ سَمَحَتْ أَرْيَحِيَّتُهُ فَذَلِكَ، وَإِلَّا فَشَرْعُ النُّذُورِ لِيُسْتَخْرَجَ بِهِ مَالُ الْبَخِيلِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ كَوْنَ النَّاذِرِ يَصِيرُ مُلْتَزِمًا لَهُ، فَيَأْتِي بِهِ تَكَلُّفًا بِغَيْرِ نَشَاطٍ، قُلْتُ: وَهُوَ مُشَاهَدٌ كَثِيرًا فِيمَنْ يَنْذُرُ صِيَامَ الدَّهْرِ. أَوِ الْبِيضَ، أَوْ صَلَاةَ الضُّحَى وَغَيْرَهَا، أَوْ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ كُلَّ يَوْمٍ وَنَحْوَهُ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ كَوْنَهُ يَأْتِي بِالْقُرْبَةِ الَّتِي الْتَزَمَهَا فِي نَذْرِهِ عَلَى صُورَةِ الْمُعَاوَضَةِ لِلْأَمْرِ الَّذِي طَلَبَهُ، فَيَنْقُصُ أَجْرَهُ، وَشَأْنُ الْعِبَادَةِ أَنْ تَكُونَ مُتَمَحِّضَةً لِلَّهِ تَعَالَى اهـ. وَهُوَ تَوْضِيحٌ وَبَيَانٌ لِمَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي مِمَّا مَضَى. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِكَوْنِهِ قَدْ يَظُنُّ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ النَّذْرَ قَدْ يَرُدُّ الْقَدَرَ، وَيَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْمُقَدَّرِ، فَنَهَى عَنْهُ خَوْفًا مِنْ جَاهِلٍ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ النَّذْرِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنَ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ كَمَا سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

3427 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3427 - (وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ") فَإِنَّ إِطَاعَةَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ، فَكَيْفَ إِذَا أَكَّدَ بِالنَّذْرِ. (" وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ ") : أَيِ اللَّهَ (" فَلَا يَعْصِهِ ") . بِإِشْبَاعِ هَاءِ الضَّمِيرِ وَيَجُوزُ قَصْرُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ السَّكْتِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ، وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، إِذْ لَوْ كَانَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ لَبَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قُلْتُ: لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى نَفْيِ الْكَفَّارَةِ وَلَا عَلَى إِثْبَاتِهَا، وَبُيِّنَ الْحُكْمُ بِإِطْلَاقِهِ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: " «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» ". وَبِتَصْرِيحِهِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ: " «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ". قَالَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الْعِيدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ نَذَرَ نَحْرَ وَلَدِهِ فَبَاطِلٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، فَأَمَّا إِذَا نَذَرَ مُطْلَقًا فَقَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمِّ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» ". قُلْتُ: زِيَادَةُ إِذَا لَمْ يُسَمَّ تَحْتَاجُ إِلَى تَصْحِيحِهَا ثُمَّ الِاعْتِبَارُ بِمَفْهُومِهَا. قَالَ: وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَذَرَ وَلَمْ يُسَمِّهِ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ شَيْئًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِي اسْتِدْلَالِهِ مِنَ الْخَفَاءِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست