responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2243
وَأَمَانَةِ اللَّهِ كَانَ يَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْأَمَانَةَ مِنَ الصِّفَاتِ، فَقَدْ قِيلَ: الْأَمِينُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوِ الْمُرَادُ أَمَانَةُ اللَّهِ كَلِمَتُهُ وَهَى كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَأَمَّا الصِّفَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا اسْمُ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَضَمَّنُ ذَاتًا وَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَهُوَ كَالْعِزَّةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَظِيمِ، فَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِ الْحَلِفِ بِهَا مُتَعَارَفًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ أَوِ الذَّاتِ، وَهُوَ قَوْلُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ. قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِمْ: وَأَمَانَةِ اللَّهِ إِنَّهُ يَمِينٌ ثُمَّ سُئِلَ مَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ رَآهُمْ يَحْلِفُونَ بِهِ، فَحَكَمَ بِأَنَّهُ يَمِينٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى وَاللَّهِ الْأَمِينِ، فَالْمُرَادُ بِالْأَمَانَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا لَفْظُ الْيَمِينِ، كَعِزَّةِ اللَّهِ الَّتِي فِي ضِمْنِ الْعَزِيزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ ; لِأَنَّ الْغَيْرَ هُوَ مَا يَصِحُّ انْفِكَاكُهُ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ وُجُودًا، وَلَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ يَمِينًا لِعَدَمِ التَّعَارُفِ، وَفِي الْهِدَايَةِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا قَالَ: وَحَقِّ اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَالِفٍ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَرِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: يَعْنِي إِذَا أُطْلِقَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ عُدَّ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى، وَقَالَ تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ} [المؤمنون: 71] وَهُوَ حَقِيقَةٌ أَيْ كَوْنُهُ تَعَالَى ثَابِتَ الذَّاتِ أَيْ مَوْجُودَهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ الْحَقِّ، وَالْحَلِفُ بِهِ مُتَعَارَفٌ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ يَمِينًا، وَهَذَا قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَلَهُمَا: أَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُرَادُ بِهِ طَاعَةُ اللَّهِ، إِذِ الطَّاعَاتُ حُقُوقُهُ وَصَارَ ذَلِكَ مُتَبَادِرًا شَرْعًا وَعُرْفًا، حَتَّى كَأَنَّهُ حَقِيقَةٌ حَيْثُ لَا يَتَبَادَرُ سِوَاهُ، أَمَّا لَوْ قَالَ: وَالْحَقِّ يَكُونُ يَمِينًا بِالْإِجْمَاعِ، وَعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ يَمِينٌ إِذَا أُطْلِقَ عِنْدَنَا، وَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَكُونُ يَمِينًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ ; لِأَنَّ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ يَحْتَمِلُ الْعِبَادَاتِ، فَلَا يَكُونُ يَمِينًا بِغَيْرِ النِّيَّةِ، وَكَذَا أَمَانَةُ اللَّهِ. عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، فَعِنْدَنَا وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: هُوَ يَمِينٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِالنِّيَّةِ ; لِأَنَّهَا فُسِّرَتْ بِالْعِبَادَاتِ. قُلْنَا: غَلَبَ إِرَادَةُ الْيَمِينِ إِذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ حَرْفِ الْقَسَمِ فَوَجَبَ عَدَمُ تَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ أَيِ الْمَذْكُورَ فِي الْأَصْلِ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ إِنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ كَوْنِهِ يَمِينًا، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتَضِي مِنْهُ الْحَلِفَ بِهِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْكَفَّارَةَ عِنْدَنَا، وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

3421 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ قَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ ; فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3421 - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ بُرَيْدَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ قَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ ") : أَيْ لَوْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ لَمْ أَفْعَلْهُ (" فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا ") : أَيْ فِي حَلِفِهِ عَلَى زَعْمِهِ (" فَهُوَ كَمَا قَالَ ") . فِيهِ مُبَالَغَةُ تَهْدِيدٍ وَزَجْرٍ مَعَ التَّشْدِيدِ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ، فَإِنَّهُ يَمِينٌ غَمُوسٌ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ عُقُوبَتَهُ فِي دِينِهِ دُونَ مَالِهِ اهـ. وَسَبَقَ تَحْقِيقُهُ فِيمَا مَضَى (وَإِنْ كَانَ صَادِقًا) : أَيْ فِي حَلِفِهِ عَلَى زَعْمِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا فِي الْوَاقِعِ أَمْ لَا (" فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا ") . أَيْ يَكُونُ بِنَفْسِ هَذَا الْحَلِفِ آثِمًا. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا أَقْرَبُ مِنَ الْيَمِينِ بِالْأَمَانَةِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ صَادِقٌ وَلَيْسَ بِصَادِقٍ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ. فَتَأَمَّلْ فِيمَا مَضَى قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: قَوْلُهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ إِنْ فَعَلَ كَذَا يَمِينٌ عِنْدَنَا، وَكَذَا إِذَا قَالَ: هُوَ بَرِيءٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) .

3422 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اجْتَهَدَ فِي الْيَمِينِ قَالَ: " لَا، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3422 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا اجْتَهَدَ) : أَيْ بَالَغَ فِي الْيَمِينِ (" قَالَ: لَا ") ، أَيْ لَيْسَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ فَيَشْمَلُ الْيَمِينَ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ أَوَّلًا عَنِ الشَّيْءِ، وَإِذَا أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْيَمِينِ قَالَ ذَلِكَ. (" وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ ") : أَيْ رُوحُهُ أَوْ ذَاتُهُ (" بِيَدِهِ ") . أَيْ بِتَصَرُّفِهِ وَتَحْتَ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ. فِي النِّهَايَةِ: الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي طَلَبِ الْأَمْرِ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الْجُهْدِ وَهُوَ الطَّاقَةُ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْقَسَمُ بَلِيغًا لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَسْخِيرِهِ لِنَفْسِهِ الزَّكِيَّةِ الطَّاهِرَةِ عَنْ دَنَسِ الْآثَامِ، وَأَنَّهَا أَعَزُّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى شَأْنُهُ، فَيَكُونُ أَشْرَفَ أَقْسَامِ الْقَسَمِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَكَذَا أَحْمَدُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست