responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1683
2424 - وَعَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ يَقُولُ: (سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ» ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2424 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ) أَيْ: عَادَتُهُ وَدَأْبُهُ وَمِنْ آدَابِهِ (إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ) أَيْ: دَخَلَ فِي وَقْتِ السَّحَرِ وَهُوَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ (يَقُولُ: سَمِعَ) بِالتَّخْفِيفِ (سَامِعٌ) أَيْ: لِيَسْمَعْ سَامِعٌ وَلْيَشْهَدْ مَنْ سَمِعَ أَصْوَاتَنَا (بِحَمْدِ اللَّهِ) أَيْ: بِحَمْدِنَا لِلَّهِ تَعَالَى (وَحُسْنِ بَلَائِهِ) أَيْ: وَبِاعْتِرَافِنَا بِحُسْنِ إِنْعَامِهِ (عَلَيْنَا) وَبِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ عَلَيْنَا فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْحَمْلُ عَلَى الْخَبَرِ أَوْلَى لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى سَمِعَ مَنْ كَانَ لَهُ سَمْعٌ بِأَنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنُحْسِنُ نِعَمَهُ وَأَفْضَالَهُ عَلَيْنَا، وَالْمَعْنَى إِنَّ حَمْدَنَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ وَإِنْعَامِهِ عَلَيْنَا أَشْهَرُ وَأَشْيَعُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَلَى ذَوِي سَمْعٍ، وَسَامِعٌ نَكِرَةٌ قُصِدَ بِهِ الْعُمُومُ كَمَا فِي: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ، وَالْبَلَاءُ هُنَا النِّعْمَةُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَبْلُو عِبَادَهُ مَرَّةً بِالْمِحَنِ لِيَصْبِرُوا وَطَوْرًا بِالنِّعَمِ لِيَشْكُرُوا، فَالْمِحْنَةُ وَالْمِنْحَةُ جَمِيعًا بَلَاءٌ لِمَوَاقِعِ الِاخْتِبَارِ قَالَ تَعَالَى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35] وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ قِيلَ: سَمَّعَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِهَا فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ أَيْ: بَلَّغَ سَامِعٌ قَوْلِي هَذَا إِلَى غَيْرِهِ وَقَالَ مِثْلَهُ؛ تَنْبِيهًا عَلَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَضَبَطَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْبَاءُ فِي بِحَمْدِ اللَّهِ زَائِدَةٌ عَلَى التَّشْدِيدِ وَبِمَعْنَى عَلَى عَلَى التَّخْفِيفِ اهـ. وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ بَلَّغَ النَّاسَ بِكَذَا وَسَمِعَ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ شَهِدَ فَيَتَعَيَّنُ وُجُودُ الْبَاءِ لِأَنَّهُ يُقَالُ شَهِدَ بِكَذَا سَوَاءً الْمَشْهُودُ لَهُ أَوِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الطِّيبِيِّ: الْبَلَاءُ النِّعْمَةُ أَوْ الِاخْتِبَارُ بِالْخَيْرِ لِيَتَبَيَّنَ الشُّكْرُ أَوْ بِالشُّكْرِ لِيَظْهَرَ الصَّبْرُ فَكَلَامٌ حَسَنٌ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ هُنَا فِي الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ الْحَمْدَ يُؤْذِنُ بِالنِّعْمَةِ فَوَجَبَ حَمْلُ الْبَلَاءِ عَلَى الِاخْتِبَارِ لِيَجْمَعَ الْعَبْدُ مَرَاتِبَ الْكَمَالِ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5] أَيْ: لِكُلِّ مُؤْمِنٍ فَإِنَّ الْإِيمَانَ نِصْفَانِ نِصْفُهُ صَبْرٌ وَنِصْفُهُ شُكْرٌ، وَنُكْتَةُ اخْتِيَارِ (عَلَى) تَغْلِيبٌ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّا مَقْهُورُونَ تَحْتَ حُكْمِهِ وَأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ، وَالتَّكْلِيفُ وَاقِعٌ عَلَيْنَا لِقَوْلِهِ: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأحزاب: 72] " فَانْدَفَعَ بِهَذَا اعْتِرَاضُ ابْنِ حَجَرٍ عَلَى الطِّيبِيِّ أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ الْمَعْنَى الثَّانِي لَقِيلَ لَنَا، مَعَ أَنَّ مُنَاوَبَةَ حُرُوفِ الْجَرِّ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ شَائِعٌ سَائِغٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْمُنَاقَشَاتِ مِنَ النَّفْسِيَّاتِ لَا مِنَ الْمُنَافَسَاتِ ثُمَّ مِنَ الْغَرِيبِ أَنَّهُ غَفَلَ عَنْ هَذَا الْمَبْحَثِ وَجَوَّزَ أَنَّ الْوَاوَ فِي وَحُسْنِ بَلَائِهِ بِمَعْنَى الْمَعِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَيْنَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ بِسَمِعَ، بَلِ الْمُلَائِمُ لَهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ الْحَمْدِ مُضَافًا إِلَى مَفْعُولِهِ أَيْ: سَمِعَ بِحَمْدِنَا إِيَّاهُ وَحُسْنِ إِنْعَامِهِ الْمُوجِبِ لِلْحَمْدِ وَالشُّكْرِ عَلَيْنَا، فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ فَبَطَلَ مَقُولُهُ، وَمِمَّا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَاوَ فِي وَحُسْنِ بَلَائِهِ يَصِحُّ كَوْنُهَا لِلْعَطْفِ وَبِمَعْنَى مَعَ عَلَى رِوَايَةِ التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَقَوْلِ الشَّارِحِ: هِيَ عَلَى التَّشْدِيدِ لِلْعَطْفِ وَعَلَى التَّخْفِيفِ بِمَعْنَى مَعَ لِأَنَّ حُسْنَ الْبَلَاءِ غَيْرُ مُسَمَّعٍ بَلْ مُبَلَّغٍ اهـ. يَرُدُّهُ مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمُخَفَّفَةِ إِنَّهُ بِمَعْنَى شَهِدْتُمْ كَلَامَهُ، وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَهُ إِذَا كَانَ السَّمْعُ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ الْمُتَبَادِرِ إِلَى الْفَهْمِ لَا مُطْلَقًا لِيَرِدَ عَلَيْهِ مَا يَرِدُ (رَبَّنَا) مُنَادًى بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ (صَاحِبْنَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْ: أَعِنَّا وَحَافِظْنَا (وَأَفْضِلْ) أَيْ: تَفَضَّلْ (عَلَيْنَا) بِإِدَامَةِ النِّعْمَةِ مَزِيدِهَا وَالتَّوْفِيقِ لِلْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا (عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ) قِيلَ: تَعَوَّذَ كَقَوْلِهِمْ قُمْ قَائِمًا أَيْ: قِيَامًا، أُقِيمَ اسْمُ فَاعِلٍ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، أَوْ مِنْ فَاعِلِ يَقُولُ، أَوْ أَسْحَرَ فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَرُوِيَ عَائِذٌ بِالرَّفْعِ أَيْ: أَنَا عَائِذٌ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: أَعُوذُ عَوْذًا بِاللَّهِ، أَوْ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. وَيُرِيدُ أَنَّ عَائِذًا إِذَا كَانَ مَصْدَرًا فَهُوَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا كَانَ حَالًا فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَجَوَّزَ النَّوَوِيُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا وَأَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: إِنِّي أَقُولُ هَذَا فِي حَالِ اسْتِعَاذَتِي مِنَ النَّارِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِئَلَّا يَنْخَرِمَ النَّظْمُ وَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَمِدَ اللَّهَ عَلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ الْخَطِيرَةِ وَأَمَرَ بِاسْتِمَاعِهَا كُلَّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ السَّمَاعُ لِفَخَامَتِهِ وَطَلَبِ الثَّبَاتِ عَلَيْهِ - قَالَهُ هَضْمًا لِنَفْسِهِ وَتَوَاضُعًا لِلَّهِ وَلِيَضُمَّ الْخَوْفَ مَعَ الرَّجَاءِ تَعْلِيمًا لِأُمَّتِهِ اهـ. وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ نَسَبَ النَّوَوِيَّ إِلَى نَفْسِهِ وَفَضِيلَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِأَصْلِ الْكَلَامِ وَفَصْلِهِ فَقَالَ: نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ يَقُولُ أَيْ: أَقُولُ ذَلِكَ فِي حَالِ كَوْنِي مُسْتَعِينًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَجْهُ غَرَابَتِهِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ يَقُولُ، أَوْ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، وَإِذَا قِيلَ أَيْ: أَقُولُ ذَلِكَ إِلَخْ فَهُوَ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالصَّوَابُ أَنَّ النَّوَوِيَّ يَقُولُ فِي فَاعِلِ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ هُوَ أَقُولُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الطِّيبِيِّ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا زَعْمُ شَارِحٍ أَنَّ عَائِذًا إِنْ كَانَ مَصْدَرًا أَيْ: أَعُوذُ عِيَاذًا أُقِيمَ اسْمُ الْفَاعِلِ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، وَإِنْ كَانَ حَالًا كَانَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي فَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا غَفْلَةٌ عَمَّا تَقَرَّرَ فِي الْحَالِ الرَّافِعِ لِتَأْوِيلِهِ بِالْمَصْدَرِ، وَلِزَعْمِهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي اهـ. فَتَأَمَّلْ فِيهِ يَظْهَرْ لَكَ عَجَائِبُ وَغَرَائِبُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالْحَاكِمُ وَزَادَ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1683
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست