responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1678
السَّدَادِ وَدَفَعُوا مَا وَسْوَسَ بِهِ إِلَيْهِمْ (فَقَالُوا لِلرَّجُلِ) أَيْ: بَعْدَ سُكُونِهِ لِكَمَالِ غَضَبِهِ (لَا تَسْمَعُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَلَا تَسْمَعُ (مَا يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) أَيْ: فَتَمْتَثِلُ وَتَقُولُ ذَلِكَ (قَالَ: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يُهَذَّبْ بِأَنْوَارِ الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ بِالدِّينِ، وَتَوَهَّمَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالْجُنُونِ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْغَضَبَ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ وَلِذَا يَخْرُجُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنِ اعْتِدَالِ حَالِهِ وَيَتَكَلَّمُ بِالْبَاطِلِ وَيَفْعَلُ الْمَذْمُومَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ لَهُ أَوْصِنِي ( «لَا تَغْضَبْ) فَرَدَّدَ مِرَارًا فَقَالَ: (لَا تَغْضَبْ» ) وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى لَا تَغْضَبْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ مَفْسَدَةِ الْغَضَبِ وَمَا يَنْشَأُ مِنْهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى غَيْرَ أَنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ، «فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَقَالَ: أَتَرَى بِي بَأْسًا؟ أَمْجَنُونٌ أَنَا؟ اذْهَبْ» ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ هُوَ مُعَاذٌ، فَهَذَا أَيْضًا نَشَأَ عَنْ غَضَبٍ وَقِلَّةِ احْتِمَالٍ وَسُوءِ أَدَبٍ اهـ وَكَوْنُهُ مُعَاذًا إِنْ صَحَّ وَأَنَّهُ ابْنُ جَبَلٍ تَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ قُرْبَ إِسْلَامِهِ اهـ أَيْ: وَصَدَرَ عَنْهُ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ شَدِيدِ الْفَرَحِ وَكَثِيرِ الْخَوْفِ ; لِأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي آخِرِ الْأَمْرِ صَارَ مِنْ أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ وَأَكَابِرِهِمْ بِبَرَكَةِ تَرْبِيَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي هُوَ الْحَبِيبُ وَالطَّبِيبُ لِلْعُشَّاقِ وَالْمَجَانِينِ، إِلَى أَنْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَقِّهِ: " «أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» " وَوَلَّاهُ الْيَمَنَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يَا مُعَاذُ إِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلَاتِكَ فَقُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» " وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَرَّرَ فِيهِ قَوْلُهُ وَطَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُوصِيَهُ، «فَقَالَ لَهُ: لَا تَغْضَبْ، فَأَعَادَ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا تَغْضَبْ» " (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

2419 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَسَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2419 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ» ) بِكَسْرِ الدَّالِّ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ دِيكٍ كَقِرَدَةٍ جَمْعُ قِرْدٍ وَفِيَلَةٍ جَمْعُ فِيلٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْجَمْعِ لِأَنَّ سَمَاعَ وَاحِدٍ كَافٍ (فَاسْأَلُوا) بِالْهَمْزِ وَنَقَلَهُ، أَيْ: فَاطْلُبُوا (اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا) قَالَ الْقَاضِيَ عِيَاضٌ: سَبَبُهُ رَجَاءُ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَاسْتِغْفَارِهِمْ وَشَهَادَتِهِمْ بِالتَّضَرُّعِ وَالْإِخْلَاصِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّ عِنْدَ ذِكْرِهِمْ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ، فَضْلًا عَنْ وُجُودِهِمْ وَحُضُورِهِمْ (وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ) وَفِي رِوَايَةٍ نَهِيقَ الْحَمِيرِ أَيْ: صَوْتَهُ (فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ) وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ الرَّجِيمِ (فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا) وَوَقَعَ فِي الْمَصَابِيحِ: فَإِنَّمَا رَأَتْ شَيْطَانًا عَلَى تَأْوِيلِ الدَّابَّةِ وَرِعَايَةِ الْمُقَابَلَةِ، قِيلَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ عِنْدَ حُضُورِ أَهْلِ الصَّلَاحِ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ ذَلِكَ طَلَبُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى نُزُولِ الْغَضَبِ وَالْعَذَابِ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِعَاذَةُ عِنْدَ مُرُورِهِمْ خَوْفًا أَنْ يُصِيبَهُ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الدِّيكُ أَقْرَبُ الْحَيَوَانَاتِ صَوْتًا إِلَى الذَّاكِرِينَ اللَّهَ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ غَالِبًا أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ، وَأَنْكَرُ الْأَصْوَاتِ صَوْتُ الْحِمَارِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ صَوْتًا إِلَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَلِذَا شَبَّهَ صَوْتَ الْحِمَارِ بِصِيَاحِ الْكُفَّارِ حَالَ كَوْنِهِمْ فِي النَّارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إِذَا سَمِعَ نُبَاحَ الْكِلَابِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1678
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست