responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1656
عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قُلْتُ: وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَقَالَ وَنَبِيِّكَ، وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ وَرَسُولِكَ لَمْ يَبْقَ يُفِيدُ قَوْلُهُ: الَّذِي أَرْسَلْتَ، إِلَّا مَحْضَ التَّأْكِيدِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِأَنَّ الْبَيَانَ صَارَ مُكَرَّرًا مِنْ غَيْرِ إِفَادَةِ زِيَادَةٍ فِي الْمَعْنَى وَذَلِكَ مِمَّا يَأْبَاهُ الْبَلِيغُ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ فَائِدَةٌ مُقَدَّرَةٌ بِأَنْ يُقَالَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ إِلَيْنَا أَوْ أَرْسَلْتَهُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً مَعَ أَنَّ التَّأْكِيدَ يَقَعُ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ - فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 38 - 26] وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَا مِنْ صُبْحٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ) فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ خِلَافًا لِمَا وَهِمَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي وَجْهِ الرَّدِّ أَنَّ الْأَدْعِيَةَ الْوَارِدَةَ لَا تُغَيَّرُ عَنْ أَلْفَاظِهَا وَكَذَا الْأَحَادِيثُ، وَفِي مَعْنَاهَا التَّصَانِيفُ، وَإِنَّمَا جَازَ نَقْلُ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ بِنِسْيَانِ لَفْظِهِ فَإِنَّ مَا لَا يُدْرَكُ كُلُّهُ لَا يُتْرَكُ كُلُّهُ، وَأَمَّا نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى مَعَ حِفْظِهِ لَفْظَهُ فَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ) وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَلَابُدَّ أَيْضًا مِنْ مُرَاعَاةِ الْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ وَمُحَافَظَةِ الْمَخَارِجِ وَالصِّفَاتِ الْحَرْفِيَّةِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: النَّبِيءُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ لِلْمُبَالَغَةِ مِنَ النَّبَأِ بِمَعْنَى الْخَبَرِ ; لِأَنَّهُ أَنْبَأَ عَنِ اللَّهِ، وَيَجُوزُ فِيهِ تَحْقِيقُ الْهَمْزِ وَتَخْفِيفُهُ النَّبِيُّ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّبَاوَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ الْمُرْتَفِعُ، وَرَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْبَرَاءِ حِينَ قَالَ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ لِيَخْتَلِفَ اللَّفْظَانِ وَيَجْتَمِعَ الثَّنَاءُ بَيْنَ مَعْنَى الِارْتِفَاعِ وَالْإِرْسَالِ، وَيَكُونَ تَعْدِيدًا لِلنِّعْمَةِ فِي الْحَالَيْنِ، وَتَعْظِيمًا لِلْمِنَّةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ اهـ وَعَلَّلَ النَّهْيَ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا قَبْلَ أَنْ كَانَ رَسُولًا، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ النَّوَوِيَّ اسْتَحْسَنَ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ: سَبَبُ النَّهْيِ أَنَّ الْأَذْكَارَ تَعَبُّدِيَّةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَبِهِ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ، وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَتَعَيَّنَ أَدَاؤُهَا كَمَا هِيَ اهـ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى التَّوَارُدِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَارِدِ، وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ وَلْيَجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ.

2386 - وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمْنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُئْوِيَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2386 - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا» ) أَيْ: دَفَعَ عَنَّا شَرَّ الْمَوْذِيَاتِ، أَوْ كَفَى مُهِمَّاتِنَا وَقَضَى حَاجَاتِنَا (وَآوَانَا) قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ وَأَوَيْتُ مَقْصُورٌ، وَأَمَّا آوَانَا فَمَمْدُودٌ هَذَا هُوَ الْفَصِيحُ الْمَشْهُورُ، وَحُكِيَ الْقَصْرُ فِيهِمَا وَحُكِيَ الْمَدُّ فِيهِمَا اهـ. أَيْ: رَزَقَنَا مَسَاكِنَ وَهَيَّأَ لَنَا الْمَأْوَى، وَزَادَ ابْنُ حَجَرٍ مَعَ تَيْسِيرِ الْخَدَمِ وَتَوَفُّرِ الْمُؤَنِ فِي السَّلَامَةِ خَالِيًا مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْمِحَنِ اهـ وَهُوَ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا لَا يَخْفَى (فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْهَمْزِ فَهُوَ سَهْوٌ (وَلَا مُئْوِيَ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ وَلَهُ مُقَدَّرٌ أَيْ: فَكَمْ شَخْصٍ لَا يَكْفِيهِمُ اللَّهُ شَرَّ الْأَشْرَارِ ; بَلْ تَرَكَهُمْ وَشَرَّهُمْ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاؤُهُمْ وَلَا يُهَيِّئُ لَهُمْ مَأْوًى ; بَلْ تَرَكَهُمْ يَهِيمُونَ فِي الْبَوَادِي وَيَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَلِكَ قَلِيلٌ نَادِرٌ فَلَا يُنَاسِبُ كَمِ الْمُقْتَضِي لِلْكَثْرَةِ عَلَى أَنَّهُ افْتَتَحَ بِقَوْلِهِ أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْزِلَ هَذَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] فَالْمَعْنَى: أَنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى أَنْ عَرَّفَنَا نِعَمَهُ وَوَفَّقَنَا لِأَدَاءِ شُكْرِهِ فَكَمْ مِنْ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَلَا يَشْكُرُونَ، وَكَذَلِكَ اللَّهُ مَوْلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ رَبُّهُمْ وَمَالِكُهُمْ ; لَكِنَّهُ نَاصِرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُحِبٌّ لَهُمْ، فَالْفَاءُ فِي فَكَمْ لِلتَّعْلِيلِ، وَقَالَ مَوْلَانَا عِصَامُ الدِّينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ: فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْلَى كُلِّ أَحَدٍ أَيْ: لَا يَعْرِفُونَ مَوْلًى لَهُمْ فَلِمَ لَمْ يَتَفَرَّعْ عَلَى كَفَانَا ; بَلْ عَلَى مَعْرِفَةِ الْكَافِي الَّتِي يُسْتَفَادُ مِنَ الِاعْتِرَافِ، وَإِنَّمَا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الطَّعَامِ وَالسَّقْيِ وَكِفَايَةِ الْمُهِمَّاتِ فِي وَقْتِ الِاضْطِجَاعِ ; لِأَنَّ النَّوْمَ فَرْعُ الشِّبَعِ وَالرِّيِّ وَفَرَاغِ الْخَاطِرِ عَنِ الْمُهِمَّاتِ وَالْأَمْنِ مِنَ الشُّرُورِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَى أَوَانَا هُنَا: رَحِمَنَا، فَقَوْلُهُ: كَمْ مِمَّنْ لَا مُئْوِيَ لَهُ أَيْ: لَا رَاحِمَ وَعَاطِفَ عَلَيْهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1656
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست