responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1634
وَقَوْلُهُ: كَالطَّائِيِّ نَظِيرٌ لَا مَثِيلٌ، فَفِي الْقَامُوسِ الطَّاءَةُ كَالطَّاعَةِ، الْإِبْعَادُ فِي الْمَرْعَى، وَمِنْهُ طَيِّئٌ أَبُو الْقَبِيلَةِ، أَوْ مِنْ طَاءَ يَطُوءُ إِذَا ذَهَبَ وَجَاءَ، وَالنِّسْبَةُ طَائِيٌّ، وَالْقِيَاسُ كَطَيِيِّ حَذَفُوا الْيَاءَ الثَّانِيَةَ فَبَقَى طَيِّئٌ، فَقَلَبُوا الْيَاءَ السَّاكِنَةَ أَلِفًا، وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ (مَهْلَكَةٍ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَكَسْرِهَا، مَوْضِعُ خَوْفِ الْهَلَاكِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: تُهْلِكُ مَنْ يَحْصُلُ بِهَا وَالنِّسْبَةُ مَجَازِيَّةٌ (مَعَهُ رَاحِلَتُهُ) أَيْ: دَابَّتُهُ الَّتِي يَرْحَلُ بِهَا (عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ) أَيْ: مَحْمُولَانِ عَلَيْهَا، (فَوَضَعَ رَأْسَهُ) أَيْ: لِلِاسْتِرَاحَةِ (فَنَامَ نَوْمَةً) أَيْ: خَفِيفَةً (فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، فَطَلَبَهَا) أَيِ: اسْتَمَرَّ عَلَى طَلَبِهَا (حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ) أَيِ: الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْجُوعَ، أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ (أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَالتَّقْدِيرُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، أَوْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ تَنْوِيعٌ أَيِ: اشْتَدَّ الْحَرُّ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ. اهـ. كَلَامُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ " أَوْ ". بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، أَيْ: وَمَا شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذِ الْقَوْلُ بِالتَّنْوِيعِ يُوهِمُ أَنَّ الْحَرَّ وَالْعَطَشَ خَارِجَانِ مِمَّا شَاءَ اللَّهُ وَحَاشَا اللَّهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الطِّيبِيَّ قَالَ إِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ وَالْبَلَاءِ غَيْرَ الْحَرِّ وَالْعَطَشِ. اهـ. فَمُخْتَصَرُهُ مُخِلٌّ. (قَالَ) : جَوَابُ إِذَا، أَيْ: قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ مُتَلَفِّظًا بِذَلِكَ أَوْ مُضْمِرَهُ (أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ) : لِاحْتِمَالِ أَنْ تَعُودَ الرَّاحِلَةُ إِلَيْهِ لِإِلْفِهَا لَهُ أَوْ لَا. (فَأَنَامُ) أَيِ: اضْطَجِعَ لِأَسْتَرِيحَ مِمَّا حَصَلَ لِي وَلَا أَزَالُ مُضْطَجِعًا (حَتَّى أَمُوتَ) أَيْ: أَوْ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيَّ رَاحِلَتِي، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَ اسْتِبْعَادًا لِجَانِبِ الْحَيَاةِ وَيَأْسًا عَنْ رُجُوعِ الرَّاحِلَةِ. (فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ) : عَلَى هَيْئَةِ الْمُحْتَضِرِ (لِيَمُوتَ) أَيْ: عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ (فَاسْتَيْقَظَ) أَيْ: فَنَامَ فَاسْتَنْبَهَ (فَإِذَا) : لِمُفَاجَأَةٍ (رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ) أَيْ: حَاضِرَةٌ أَوْ وَاقِفَةٌ (عَلَيْهَا زَادُهُ وَشَرَابُهُ) : الَّذِي هُوَ أَهَمُّ أَنْوَاعِ أَسْبَابِهِ (فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ فَرَحِ هَذَا الرَّجُلِ (بِرَاحِلَتِهِ وَشَرَابِهِ) : فَهَذَا " فَذْلَكَةُ " الْقِصَّةِ أُعِيدَتْ لِتَأْكِيدِ الْقَضِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] وَإِنَّهُمْ بِمَكَانٍ عَظِيمٍ عِنْدَ رَبٍّ كَرِيمٍ رَءُوفٍ رَحِيمٍ. قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ - نَوَّرَ اللَّهُ مَرْقَدَهُ الْعَالِي -: بَلَغَنَا عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الْعَامِلِينَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ: دَعَوْتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنْ يَرْزُقَنِي تَوْبَةً نَصُوحَةً فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي، ثُمَّ تَعَجَّبْتُ فِي نَفْسِي وَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! حَاجَةٌ دَعَوْتُ اللَّهَ فِيهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا قُضِيَتْ لِي إِلَى الْآنِ، فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لِي: أَتَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ؟ أَتَدْرِي مَاذَا تَسْأَلُ؟ إِنَّمَا تَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُحِبَّكَ، أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] أَهَذِهِ حَاجَةٌ هَيِّنَةٌ. اهـ. وَخَطَرَ بِالْبَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا بِالْحَالِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَاتٍ لَطِيفَةً فِي طَيِّ عِبَارَاتٍ مُنِيفَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ رُوحُ إِنْسَانٍ نَزَلَ مِنْ جِهَةِ الرُّوحَانِيَّةِ الْعُلْيَا إِلَى جِهَةِ الْبَدَنِيَّةِ السُّفْلَى فِي أَرْضِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، وَهِيَ الْمَفَازَةُ الْمُهْلِكَةُ الرَّدِيَّةُ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ مِنْ قَالَبِ الْبَدَنِ الَّذِي هُوَ مَرْحَلُ الْفَرَحِ وَالْحُزْنِ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ أَيْ: تَعَبُ تَحْصِيلِهِمَا وَكَدُّ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا، فَنَامَ نَوْمَةً غَفْلَةً عَمَّا خُلِقَ لَهُ، فَاسْتَيْقَظَ مِنْ غَفْلَتِهِ وَاسْتَنْبَهَ مِنْ رَقْدَتِهِ، وَهَذِهِ الْيَقَظَةُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ، وَأَوَّلُ مَقَامٍ مِنْ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ، وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ أَيْ: مَرْكِبُهُ وَدَابَّتُهُ الْبَدَنِيَّةُ إِلَى مَرْعَى الشَّهَوَاتِ النَّفْسِيَّةِ، فَطَلَبَهَا الرُّوحُ غَايَةَ الطَّلَبِ، لِيَرُدَّهَا مِنَ التَّعَبِ إِلَى الْمَطْلَبِ، حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ حَرُّ الشَّوْقِ وَعَطَشُ الذَّوْقِ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْأَهْوَالِ الْمُسْتَقِلَّةِ كَالْجِبَالِ. قَالَ الرُّوحُ بَعْدَ يَأْسِهِ مِنْ مَرْكِبِ الْبَدَنِ، أَنْ يَرْجِعَ إِلَى طَرِيقِ الْوَطَنِ. (أَرْجِعُ) إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ مِنْ مَحَلِّ (الِاجْتِمَاعِ) ، فَأَنَامُ عَلَى طَرِيقِ الْإِتِّبَاعِ، لِأَنَّ الرُّوحَ الْمُجَرَّدَ لَا يَأْتِي مِنْهُ الْعَمَلُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْجَسَدِ حَتَّى أَمُوتَ وَأَهْلِكَ بِالْعَذَابِ الْمُخَلَّدِ، لِأَجْلِ مَعْصِيَةِ الْبَدَنِ الْمُرْقَدِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ لِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ يَفُوتُ، فَاسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمَةِ الْغَفْلَةِ، وَتَعْبِيَةِ الْبَدَنِ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ حَاضِرَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى رَبِّهِ نَاظِرَةٌ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ حَاصِلَانِ، وَلِمَطْلُوبِهِمَا وَاصِلَانِ، فَإِنَّهُمَا لَا يَنْقُصَانِ بِطَاعَةٍ، وَلَا يَزِيدَانِ بِمَعْصِيَةٍ، فَطُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى. (رَوَى مُسْلِمٌ الْمَرْفُوعَ) أَيِ: الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا ذُكِرَ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْمَوْقُوفِ وَالْمَرْفُوعِ (فَحَسْبُ) أَيْ: فَقَطْ (وَرَوَى الْبُخَارِيُّ الْمَوْقُوفَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا) : وَهُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِلَخْ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ وَالْمَوْقُوفَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1634
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست