responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1627
بِالْعُجَابِ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى كُفْرِهِ، لِيَكُونَ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ الْمَلَكِ حَيْثُ قَالَ: إِدْخَالُهُ النَّارَ كَانَ مُجَازَاةً لَهُ عَلَى قَسَمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِلْمُذْنِبِ ذَنْبَهُ، لِأَنَّهُ جَعَلَ النَّاسَ آيِسِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَحَكَمَ بِأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ غَفُورٍ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَالِغٌ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَصَدَرَ هَذَا الْكَلَامُ عَنْهُ فِي حَالِ غَضَبِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلَّهُ لَسُومِحَ بِهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَغْرُورًا بِاجْتِهَادِهِ مُحْتَقِرًا لِلْمُذْنِبِ لِأَجْلِ الْإِصْرَارِ عَلَى ذَنْبِهِ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ، وَلِذَا قِيلَ: مَعْصِيَةٌ أَوْرَثَتْ ذُلًّا وَاسْتِصْغَارًا خَيْرٌ مِنْ طَاعَةٍ أَوْجَبَتْ عُجْبًا وَاسْتِكْبَارًا.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: " لَا يَا رَبِّ " أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَحَلِفَهُ فَاسْتَحَقَّ الْعِقَابَ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ لِأَنَّهُ آيَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْهَا كُفْرٌ لِمَنِ اسْتَحَلَّهُ كَهَذَا الرَّجُلِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَلِفُهُ السَّابِقُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْحُكْمِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَعَلَى صَاحِبِهِ بِأَنَّهُ يَئِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ يَأْسِ الْمُجْتَهِدِ وَاسْتِحْلَالِهِ وَكُفْرِهِ، غَيْرُ صَحِيحٍ، مَعَ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيلِ يَكُونُ عَلَى مُعْتَقَدِ الْمُعْتَزِلِيِّ مِنْ عَدَمِ تَجْوِيزِ غُفْرَانِ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ، وَعَلَيْهِ ظَوَاهِرُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْآيَاتِ فِي الْوَعِيدِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِتَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ. نَعَمْ فِي الْحَدِيثِ رَدٌّ بَلِيغٌ عَلَى مُعْتَقَدِهِمْ، حَيْثُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَفَرَ لِلْمُذْنِبِ وَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِ الْمُذْنِبِ وَتَوْبَتِهِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
وَرَوَى الْبَغَوِيُّ بِإِسْنَادِهِ فِي الْمَعَالِمِ، عَنْ ضَمْضَمَ بْنِ جَوْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَنَادَانِي شَيْخٌ فَقَالَ لِي: يَا يَمَامِيٌّ تَعَالَ. وَمَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ: لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَدًا وَلَا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ. قُلْتُ: وَمَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِبَعْضِ أَهْلِهِ إِذَا غَضِبَ أَوْ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِخَادِمَتِهِ. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ رَجُلَيْنِ " الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ بِدُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ. اهـ. وَتَعْلِيلُ ابْنِ حَجَرٍ هُنَا بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا صَيَّرَتْهُ إِلَى النَّارِ الْمُؤَبَّدَةِ عَلَيْهِ خَطَأٌ ظَاهِرٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

2348 - «وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا " وَلَا يُبَالِي» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَفِي: " شَرْحِ السُّنَّةِ " " يَقُولُ " بَدَلَ: " يَقْرَأُ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2348 - (وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ) أَيِ: ابْنِ السَّكَنِ ( «قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ: يَا عِبَادِيَ» : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِهَا {الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر: 53] أَيْ: بِالْمَعَاصِي لَا تَقْنَطُوا: بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا أَيْ لَا تَيْأَسُوا {مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ} [الزمر: 53] : اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ {يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] أَيْ: ذُنُوبَ الْكُفَّارِ بِالتَّوْبَةِ، وَذُنُوبَ الْأَبْرَارِ بِهَا وَبِالْمَشِيئَةِ (وَلَا يُبَالِي) أَيْ: مِنْ أَحَدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْوَعِيدِيَّةِ، وَهُوَ يَحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْآيَةِ فَنُسِخَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً مِنْ عِنْدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَاهُ كَفَّارَةً، فَنَزَلَتْ» هَذِهِ الْآيَةُ. اهـ. فَالْخِطَابُ لِلْكَفَّارِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُمْ بِالْإِيمَانِ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: " يَقُولُ) أَيْ: يَا عِبَادِي إِلَخْ (بَدَل َ " يَقْرَأُ) أَيِ: السَّابِقَ فِي رِوَايَةِ الْأَوَّلِينَ، فَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ.

2349 - «- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِ اللَّهِ: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2349 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] أَيْ: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ} [النجم: 32] قِيلَ: مِنْ كُلِّ ذَنَبٍ فِيهِ حَدٌّ، وَالْفَوَاحِشُ مَا فِيهِ وَعِيدٌ أَوْ مُخْتَصٌّ بِالزِّنَا أَوِ الْبُخْلِ {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] بِفُتْحَتَيْنِ أَيِ الصَّغَائِرَ: فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْتَنِبُوهَا لِأَنَّ اللَّمَمَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ مِنْهُ، وَأَغْرَبَ ابْنُ الْمَلَكِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنَّهَا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1627
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست