responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1617
تَقَعُ التَّوْبَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقَبُولِ وَالرِّضَا مَوْقِعًا يَقَعُ فِي مِثْلِهِ مَا يُوجِبُ فَرْطَ الْفَرَحِ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ كَمَالُ الرِّضَا، لِأَنَّ الْفَرَحَ الْمُتَعَارَفَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَهِمُوا مِنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ مَا يُرَغِّبُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَيَكْشِفُ عَنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُنَزَّهًا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَلَمْ يُفَتِّشُوا عَنْ مَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَهَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَةُ السَّلِيمَةُ، وَقَلَّمَا يَزِيغُ عَنْهُ قَدَمُ الرَّاسِخِ. (كَانَ رَاحِلَتُهُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: كَانَتْ رَاحِلَتُهُ (بِأَرْضِ فَلَاةٍ) : بِالْإِضَافَةِ وَبِنُونٍ أَيْ: مَفَازَةٌ (فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ) أَيْ: نَفَرَتْ (وَعَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى ظَهْرِهَا (طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ) : خُصَّا لِأَنَّهُمَا سَبَبَا حَيَاتِهِ (فَأَيِسَ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ وِجْدَانِ الرَّاحِلَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا (فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا) : حَالَ كَوْنِهِ (وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ) أَيْ: مِنْ حُصُولِهَا وَوُصُولِهَا (فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ) أَيْ: فِي هَذَا الْحَالِ مُنْكَسِرُ الْبَالِ (وَإِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ) أَيْ: إِذَا الرَّجُلُ حَاضِرٌ بِتِلْكَ الرَّاحِلَةِ حَالَ كَوْنِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا تَعَبٍ (فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا) أَيْ: زِمَامِهَا فَرِحًا بِهَا فَرَحًا لَا نِهَايَةَ لَهُ، ( «ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ» ) : أَيْ: بِسَبْقِ اللِّسَانِ عَنْ نَهْجِ الصَّوَابِ وَهُوَ: أَنَا عَبْدُكَ وَأَنْتَ رَبِّي (مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) كَرَّرَهُ لِبَيَانِ عُذْرِهِ وَسَبَبِ صُدُورِهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْفَرَحِ وَالْحُزْنِ رُبَّمَا يَقْتُلُ صَاحِبَهُ وَيُدْهِشُ عَقْلَهُ، حَتَّى مَنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ إِدْرَاكِ الْبَدِيهِيَّاتِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

2333 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ فَاغْفِرْهُ ; فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ فَاغْفِرْهُ ; فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، قَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي ; فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2333 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ عَبْدًا) أَيْ: مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ) : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى أَذْنَبَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: خَبَرُ إِنَّ إِذَا كَانَ اسْمُهَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً (رَبِّ) أَيْ: يَا رَبِّ (أَذْنَبْتُ) أَيْ: ذَنْبًا (فَاغْفِرْهُ) أَيِ: الذَّنْبَ. الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ جَعَلَ اعْتِرَافَهُ بِالذَّنْبِ سَبَبًا لِلْمَغْفِرَةِ حَيْثُ أَوْجَبَ اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ لِلتَّائِبِينَ الْمُعْتَرِفِينَ بِالسَّيِّئَاتِ عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ، وَيَصِحُّ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ سَأَلَ الْمَغْفِرَةَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي سَعَةِ رَحْمَتِهِ (فَقَالَ رَبُّهُ) أَيْ: لِلْمَلَائِكَةِ (أَعَلِمَ عَبْدِي) : بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَفِعْلٍ مَاضٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قِيلَ: إِمَّا اسْتِخْبَارٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ لِلْمُبَاهَاةِ، وَإِمَّا اسْتِفْهَامٌ لِلتَّقْرِيرِ وَالتَّعْجِيبِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنِ الْخِطَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَعَلِمْتَ عَبْدِي إِلَى الْغَيْبَةِ شُكْرًا لِصَنِيعِهِ إِلَى غَيْرِهِ وَإِحْمَادًا لَهُ عَلَى فِعْلِهِ (أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ) أَيْ: إِذَا شَاءَ لِمَنْ شَاءَ (وَيَأْخُذُ بِهِ؟) أَيْ: يُؤَاخِذُ وَيُعَاقِبُ فَاعِلَهُ إِذَا شَاءَ لِمَنْ شَاءَ (غَفَرْتُ لِعَبْدِي) أَيْ: ذَنْبُهُ (ثُمَّ مَكَثَ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا (مَا شَاءَ اللَّهُ) أَيْ: لَبِثَ مُطِيعًا مُدَّةَ مَشِيئَةِ اللَّهِ (ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ، أَذْنَبْتُ ذَنْبًا) أَيْ: آخَرَ فَاغْفِرْهُ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ التَّوْبَةِ وَبِدُونِهَا (فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا) أَيْ: عَظِيمًا (يَغْفِرُ الذَّنْبَ) أَيِ: الْعَظِيمَ أَوْ جِنْسَ الذَّنْبِ تَارَةً (وَيَأْخُذُ بِهِ؟) أَيْ: أُخْرَى (غَفَرْتُ لِعَبْدِي) أَيْ: لِتَوْبَتِهِ، أَوْ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ) أَيْ: مِنَ الزَّمَانِ (ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا) : تُفِيدُ (ثُمَّ) تَرَاخِيَ الذُّنُوبِ، وَالثَّانِيَةُ يُؤَكِّدُهَا، هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ الْمُذْنِبِ وَأَنَّ طَاعَتَهُ تَغْلِبُ مَعْصِيَتَهُ وَأَنَّهُ سَرِيعُ الرُّجُوعِ إِلَى طَلَبِ مَغْفِرَتِهِ (فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ) أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ (فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ) أَيْ: بِالِاسْتِغْفَارِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1617
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست