responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1553
وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ طِيبِ حَالِهِ وَحُسْنِ مَآلِهِ، فَيَكُونُ مُتَضَمِّنًا لِلْجَوَابِ بِبَلَاغَةِ مَقَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: إِنَّمَا عَدَلَ فِي الْجَوَابِ إِلَى أَمَارَاتٍ تَدُلُّ عَلَى حَالِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ مِنْ سَعَادَتِهِ فِي الدَّارَيْنِ إِذَا طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ، بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ مِنَ الْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهَا. اهـ.
وَإِذَا فَتَّشْتَ هَذَا الْكَلَامَ تَرَى هَبَاءً مَنْثُورًا بِلَا بَقَاءٍ وَنِظَامٍ، ثُمَّ خَطَرَ بِبَالِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّهُ زَادَ كَلِمَةَ (طُوبَى) لِتَكُونَ كَلِمَةً جَامِعَةً، وَحِكْمَةً رَابِعَةً مُسْتَقِلَّةً غَيْرَ تَابِعَةٍ لِلسُّؤَالِ الْمَانِعِ عَنِ الِاسْتِقْلَالِ، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِ الْوُرُودِ. (قَالَ: يَا رَسُولَ اللِّهِ! أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَنْ تُفَارِقَ الدُّنْيَا وَلِسَانُكَ) : الْوَاوُ لِلْحَالِيَّةِ (رَطْبٌ) : أَيْ: قَرِيبُ الْعَهْدِ أَوْ مُتَحَرِّكٌ طَرِيٌّ (مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) : وَالذِّكْرُ يَشْمَلُ الْجَلِيَّ وَالْخَفِيَّ، وَاللِّسَانُ يَحْتَمِلُ الْقَلْبِيَّ وَالْقَالَبِيَّ، وَلَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ، بَلْ هُوَ أَدْعَى إِلَى مَقَامِ الْجَمْعِ، وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ مَا يُخْتَمُ بِهِ الْأَحْوَالُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِمُفَارَقَةِ الدُّنْيَا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَبِرَطْبِ اللِّسَانِ بَلِ الْقَلْبِ بِذِكْرِ الْمَوْلَى، فَإِنَّ الْإِنَاءَ يَتَرَشَّحُ بِمَا فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ ذِكْرَهُ بِفِيهِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: رُطُوبَةُ اللِّسَانِ عِبَارَةٌ عَنْ سُهُولَةِ جَرَيَانِهِ، كَمَا أَنَّ يُبْسَهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَسُهُولَةُ الْجَرَيَانِ بِالْمُدَاوَمَةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ مُدَاوَمَةُ الذِّكْرِ، فَإِنَّ الذِّكْرَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ وَسَائِلُ إِلَيْهِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) .
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: آخِرُ كَلَامٍ فَارَقْتُ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ قُلْتُ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: ( «أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» ) وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَوْصِنِي. قَالَ: ( «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وَشَجَرٍ، وَمَا عَمِلْتَ مِنْ سُوءٍ فَأَحْدِثْ لِلَّهِ فِيهِ تَوْبَةً، السِّرُّ بِالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةُ بِالْعَلَانِيَةِ» ) اهـ. قَالَ مِيرَكُ: وَكَانَ هَذَا حِينَ أَرْسَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاكِمًا إِلَى الْيَمَنِ فِي آخِرِ وَدَاعِهِ.

2271 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا " قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: " حِلَقُ الذِّكْرِ» " (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2271 - (وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ) : مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ، أَوْ بِمَا يُوصِلُ إِلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ (فَارْتَعُوا) : كِنَايَةً عَنْ أَخْذِ الْحَظِّ الْأَوْفَرِ وَالنَّصِيبِ الْأَوْفَى (قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ) : بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتُفْتَحُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، جَمْعُ الْحَلَقَةِ مِثْلَ قَصْعَةٍ وَقِصَعٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يَسْتَدِيرُونَ كَحَلْقَةِ الْبَابِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ الْحَلْقَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَحَكَى ابْنُ عَمْرٍو: أَنَّ الْوَاحِدَ حَلَقَةٌ بِالتَّحْرِيكِ وَالْجَمْعُ حَلَقٌ بِالْفَتْحِ اهـ. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الْجِنْسَ. قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ فِي الْمَكَانِ وَالذِّكْرِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيِّدِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْمَسَاجِدِ، وَالذِّكْرُ هُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَخْ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ: وَقِيلَ: هِيَ مَجَالِسُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَذِكْرُ الْفَرْدِ الْأَكْمَلِ بِالْخُصُوصِ لَا يُنَافِي عُمُومَ الْمَنْصُوصِ. وَحَاصِلُ الْمَعْنَى، إِذَا مَرَرْتُمْ بِجَمَاعَةٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فَاذْكُرُوهُ أَنْتُمْ مُوَافَقَةً لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ الذِّكْرُ يُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ فِي حَلَقِ أَهْلِهِ، وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِالْقَلْبِ، وَقَدْ يَكُونُ بِاللِّسَانِ، وَأَفْضَلُ مِنْهُمَا مَا كَانَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ جَمِيعًا، فَإِنِ اقْتُصِرَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَالْقَلْبُ أَفْضَلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُتْرَكَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ مَعَ الْقَلْبِ بِالْإِخْلَاصِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ الرِّيَاءُ، وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الْفُضَيْلِ: تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ. وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُخَلِّصَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا، لَكِنْ لَوْ فَتَحَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مُلَاحَظَةِ النَّاسِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ طُرُقِ ظُنُونِهِمُ الْبَاطِلَةِ لَانْسَدَّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَبْوَابِ الْخَيْرِ اهـ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1553
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست