responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1547
وَتَسْتُرُهُمْ كَذَلِكَ، وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَصِلُوا إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَمَوْقُوفٌ صِحَّتُهُ عَلَى نَقْلٍ مَرْفُوعٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مَدْفُوعٌ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ فِي صِحَّةِ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَغْرَبَ وَنَقَلَ عَنِ الطِّيبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ لِلِاسْتِعَانَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَوْنُ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِيهِ وَقْفَةٌ انْتَهَى. وَوَجْهُ غَرَابَتِهِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَجَرٍ (وَيَسْتُرُونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ) صَرِيحٌ فِي مَعْنَى الِاسْتِعَانَةِ دُونَ التَّعْدِيَةِ فَفِي مُعَارَضَتِهِ مُنَاقَضَةٌ. (قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ) : أَيْ: مِنْهُمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَهُوَ أَعْلَمُ) : حَالٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَرِضَةً أَوْ تَتْمِيمًا صِيَانَةً عَنِ التَّوَهُّمِ، يَعْنِي لِتَوَهُّمِ أَنْ تَكُونَ الْحَالُ مُنْتَقِلَةً، وَالْحَالُ أَنَّهَا مُؤَكِّدَةٌ، وَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنَ التَّدْقِيقِ وَغَايَةٍ فِي التَّحْقِيقِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا التَّوَهُّمِ لَوْ سَلِمَ، كَيْفَ وَالْمَقْصُودُ رَفْعُ إِيهَامٍ فَيَسْأَلُهُمْ، انْتَهَى فَتَأَمَّلْ.
(مَا يَقُولُ عِبَادِي؟) الْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ، وَفَائِدَةُ السُّؤَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَسْئُولِ التَّعْرِيضُ لِلْمَلَائِكَةِ بِقَوْلِهِمْ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30] الْآيَةَ قَالَ: أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَقُولُونَ) : أَيِ: الْمَلَائِكَةُ: (يُسَبِّحُونَكَ) : أَيْ: عِبَادُكَ يُسَبِّحُونَكَ (وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ) : بِالتَّخْفِيفِ (وَيُمَجِّدُونَكَ) : بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: يَذْكُرُونَكَ بِالْعَظَمَةِ أَوْ يَنْسِبُونَكَ إِلَى الْمَجْدِ، وَهُوَ الْكَرَمُ، وَقِيلَ: ذِكْرُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْآتِيَةِ: ذَكَرَ التَّهْلِيلَ بَدَلَ التَّمْجِيدِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ لَيْسَ لِلِاشْتِرَاطِ، بَلْ لِلتَّمْثِيلِ بِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِبَعْضِهَا وَبِغَيْرِهَا، وَالْغَرَضُ مِنَ الْكُلِّ إِفَادَةُ التَّهْلِيلِ الَّذِي هُوَ لُبُّ التَّوْحِيدِ وَخُلَاصَةُ التَّفْرِيدِ (قَالَ: فَيَقُولُ) : أَيِ: اللَّهُ (هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ) : أَقْسَمُوا زِيَادَةً فِي مَدْحِ الذَّاكِرِينَ (مَا رَأَوْكَ) : فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ تَسْبِيحَ بَنِي آدَمَ وَتَقْدِيسَهُمْ أَعْلَى وَأَشْرَفُ؛ لِأَنَّهُ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ مَعَ وُجُودِ الْمَوَانِعِ وَتَقْدِيسُ الْمَلَائِكَةِ فِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ بِلَا صَارِفٍ (قَالَ: فَيَقُولُ) : أَيِ: اللَّهُ (كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ !) : تَعَجُّبٌ وَتَعْجِيبٌ وَجَوَابٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَيْفَ؟ لِأَنَّهُ سُؤَالٌ عَنِ الْحَالِ أَيْ: لَوْ رَأَوْنِي مَا يَكُونُ حَالُهُمْ فِي الذِّكْرِ؟ (قَالَ: فَيَقُولُونَ) : وَفِي نُسْخَةٍ، يَقُولُونَ: (لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا) : أَيْ: تَعْظِيمًا (وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا) : فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ تَحَمُّلَ مَشَقَّةِ الْخِدْمَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ (قَالَ: فَيَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونَ؟) : أَيْ: مِنِّي (قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ) : فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سُؤَالَ الْجَنَّةِ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ فَإِنَّهَا دَارُ الْجَزَاءِ وَاللِّقَاءِ، وَإِنَّمَا ذُمَّ مَنْ لَا يَعْبُدُ اللَّهَ إِلَّا لِرَجَاءِ الْجَنَّةِ أَوْ لِخَوْفِ النَّارِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ لِذَاتِهِ. (قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ : فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ مَوْجُودَةٌ حِسِّيَّةٌ (فَيَقُولُونَ) : وَفِي نُسْخَةٍ قَالَ: فَيَقُولُونَ (لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا: قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: (لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا) وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً) لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ (قَالَ) : أَيِ: اللَّهُ (فَمِمَّ) : أَيْ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ (يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ) : لِأَنَّهَا أَثَرُ غَضَبِ اللَّهِ وَعِقَابُهُ وَمَحِلُّ أَصْحَابِ بُعْدِهِ وَحِجَابِهِ (قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: (يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا) : بِفِرَارِهِمْ عَمَّا يَجُرُّ إِلَيْهَا (وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً) : أَيْ: خَوْفًا فِي قُلُوبِهِمْ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْهَا، وَهَذَا بَسْطٌ عَظِيمٌ فِي السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ اقْتَضَاهُ كَثْرَةُ ذِكْرِ رَبِّ الْأَرْبَابِ فِي جَمْعِ أُولِي الْأَلْبَابِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ: مَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِأَفْضَلِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ كَمَا أَنَّ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ بِالشَّهَادَةِ، وَلِهَذَا قِيلَ: الْمُكَاشَفَةُ التَّامَّةُ لِأَوْلِيَاءِ الْأُمَّةِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مَخْصُوصٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا الْكَافِرُونَ فَكَمَا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1547
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست