responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1541
آخَرَ: (وَالذَّاكِرَاتُ) : أَيِ: اللَّهَ، وَحَذْفُهُ لِلِاكْتِفَاءِ، أَوْ لِأَنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ تُوجَدُ كَثِيرًا فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: الذَّاكِرَاتُهُ، فَحَذَفَ الْهَاءَ كَمَا حُذِفَ فِي التَّنْزِيلِ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ، وَلِأَنَّهُ مَفْعُولٌ وَحَذْفُهُ شَائِعٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ صَحِيحٌ، وَالذَّاكِرُ الْكَثِيرُ هُوَ أَنْ لَا يَنْسَى الرَّبَّ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَا الذِّكْرُ بِكَثْرَةِ اللُّغَاتِ، وَالْمُرَادُ هُمُ الْمُسْتَخْلَصُونَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ، الْمُسْتَغْنُونَ لِذِكْرِهِ، الْمُولَعُونَ بِفِكْرِهِ، الْقَائِمُونَ بِوَظِيفَةِ شُكْرِهِ، الْمُعْتَزِلُونَ عَنْ غَيْرِهِ، هَجَرُوا الْخِلَّانَ، وَتَرَكُوا الْأَوْطَانَ، وَقَطَعُوا الْأَسْبَابَ، وَلَازَمُوا الْبَابَ، وَانْفَصَلُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَانْفَطَمُوا عَنِ اللَّذَّاتِ، لَا لَذَّةَ لَهُمْ إِلَّا بِذِكْرِهِ، وَلَا نِعْمَةَ لَهُمْ إِلَّا بِشُكْرِهِ، إِذْ لَا يَصِحُّ مَقَامُ التَّفْرِيدِ بَعْدَ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ إِلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] أَيِ: انْقَطِعْ إِلَيْهِ انْقِطَاعًا كُلِّيًّا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ " مَا " بِمَعْنَى " مِنْ "، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ " مَا " هَاهُنَا تَغْلِيبُ غَيْرِ ذَوِي الْعُقُولِ لِكَثْرَتِهِمْ عَلَى ذَوِي الْعُقُولِ لِقِلَّتِهِمْ، لِمَا عَرَفْتَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا لَهَا حَظٌّ مِنَ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْخَشْيَةِ مِنْهُ عَلَى مَا حَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لَمَّا قَرُبُوا أَيِ: الصَّحَابَةُ مِنَ الْمَدِينَةِ اشْتَاقُوا إِلَى الْأَوْطَانِ، فَتَفَرَّدَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَسَبَقُوا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُتَخَلِّفِينَ: " سِيرُوا فَقَدْ قَرُبَ الدَّارُ، وَهَذَا جُمْدَانُ، وَسَبَقَكُمُ الْمُفَرِّدُونَ " يُقَالُ فَرَّدَ بِرَأْيِهِ وَأَفْرَدَ وَفَرَدَ بِمَعْنَى انْفَرَدَ بِهِ، وَيُقَالُ: فَرَّدَ نَفْسَهُ إِذَا تَبَتَّلَ لِلْعِبَادَةِ، وَأَمَّا جَوَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سُؤَالِهِمْ، فَمِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ أَيْ: دَعُوا سُؤَالَكُمْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ، وَسَلُوا عَنِ السَّابِقِينَ إِلَى الْخَيْرَاتِ الَّذِينَ أَفْرَدُوا أَنْفُسَهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَرَجٍّ لَا يُدْرَكُ أَهُوَ الْوَاقِعُ أَمْ لَا. حَيْثُ قَالَ: لَعَلَّهُمْ كَانُوا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَلَمَّا قَرَبُوا إِلَخْ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ فِي الْجَوَابِ: قَالَ الْمُسْتَهْتَرُونَ: بِفَتْحِ التَّاءَيْنِ أَيْ: الْمُبَالِغُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ: يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ، فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا.

2263 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» " (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2263 - (وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ ": أَيْ: رَبَّهُ سَوَاءٌ ذَكَرَ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ " مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ": لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَالْحَيُّ يُزَيِّنُ ظَاهِرَهُ بِنُورِ الْحَيَاةِ وَالتَّصَرُّفِ التَّامِّ فِيمَا يُرِيدُ، وَبَاطِنَهُ بِنُورِ الْعِلْمِ وَالْإِدْرَاكِ، وَكَذَا الذَّاكِرُ مُزَيَّنٌ ظَاهِرُهُ بِنُورِ الطَّاعَةِ، وَبَاطِنُهُ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ، وَغَيْرُ الذَّاكِرِ ظَاهِرُهُ عَاطِلٌ وَبَاطِنُهُ بَاطِلٌ، وَقِيلَ: مَوْقِعُ التَّشْبِيهِ النَّفْعُ لِمَنْ يُوَالِيهِ، وَالضُّرُّ لِمَنْ يُعَادِيهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: فِي الْحَدِيثِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مُدَاوَمَةَ ذِكْرِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ تُورِثُ الْحَيَاةَ الْحَقِيقِيَّةَ الَّتِي لَا فَنَاءَ لَهَا كَمَا قِيلَ: أَوْلِيَاءُ اللَّهِ لَا يَمُوتُونَ وَلَكِنْ يَنْتَقِلُونَ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلِمُسْلِمٍ: ( «الْبَيْتُ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» ) فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: مَثَلُ بَيْتِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْقَلْبُ، فَإِنَّهُ بَيْتُ الرَّبِّ، فَطُوبَى لِمَنْ أَحْيَاهُ وَعَمَّرَهُ، وَيَا حَسْرَتَى عَلَى مَنْ أَخْرَبَهُ وَغَمَرَهُ.

2264 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» . " (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2264 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي ": أَيِ: الْمُؤْمِنِ (بِي) : وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: إِنْ ظَنَّ خَيْرًا، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا، وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَا يَظُنَّ بِي إِلَّا خَيْرًا، وَالْمَعْنَى أَنِّي عِنْدَ يَقِينِهِ لِي فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى فَضْلِي، وَالِاسْتِيثَاقِ بِوَعْدِي، وَالرَّهْبَةِ مِنْ وَعِيدِي، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدِي. أُعْطِيهِ إِذَا سَأَلَنِي، وَأَسْتَجِيبُ لَهُ إِذَا دَعَانِي. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الظَّنُّ لَمَّا كَانَ وَاسِطَةً بَيْنَ الْيَقِينِ وَالشَّكِّ، اسْتُعْمِلَ تَارَةً بِمَعْنَى الْيَقِينِ، وَذَلِكَ إِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُهُ، وَبِمَعْنَى الشَّكِّ إِذَا ضَعُفَتْ عَلَامَاتُهُ، وَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] أَيْ: يُوقِنُونَ وَعَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ} [القصص: 39]

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست