responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1524
كَالْعَهْدِ، وَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الْخُلْفَ لَا النَّقْضَ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْعَهْدِ الْأَمَانَ أَيْ: أَسْأَلُكَ أَمَانًا لَنْ تَجْعَلَهُ خِلَافَ مَا أَتَرَقَّبُهُ وَأَرْتَجِيهِ، أَيْ: لَا تَرُدَّنِي بِهِ فَإِنَّ دُعَاءَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُرَدُّ، وَوَضَعَ الِاتِّخَاذَ مَوْضِعَ السُّؤَالِ تَحْقِيقًا لِلرَّجَاءِ بِأَنَّهُ حَاصِلٌ، أَوْ كَانَ مَوْعُودًا بِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، أَحَلَّ الْمَسْئُولَ الْمَعْهُودَ مَحَلَّ الشَّيْءِ الْمَوْعُودِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخُلْفُ بِقَوْلِهِ: لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، (فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) : أَيْ: مِثْلُهُمْ، وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ: أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ تَمْهِيدًا لِمَعْذِرَتِهِ فِيمَا يَنْدُرُ عَنْهُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ شَتْمٍ، فَإِنَّ الْغَضَبَ الْمُؤَدِّيَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الْبَشَرِيَّةِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: إِشَارَةٌ إِلَى ظَلُومِيَّةِ الْبَشَرِ وَجَهُولِيَّتِهِ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَضَرَّعُ إِلَى اللَّهِ أَنَّهُ، لَا يَكِلْهُ إِلَى نَفْسِهِ، كَمَا وَرَدَ عَنْهُ: " «اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تَكِلْنِي إِلَى ضَعْفٍ وَعَوْرَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ» " ثُمَّ يَطْلُبُ مِنْ مَوْلَاهُ أَنَّهُ إِنْ صَدَرَ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا لَا يَلِيقُ مِنْهُ بِمُقْتَضَى الْبَشَرِيَّةِ أَنْ يَتَدَارَكَهُ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَأَنْ يُعَوِّضَ مِنْ خُصَمَائِهِ بِأَنْوَاعِ الْقُرْبَةِ (فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ) : بَيَانٌ وَتَفْصِيلٌ، لِمَا كَانَ يَلْتَمِسُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا (آذَيْتُهُ) : أَيْ: بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى (شَتَمْتُهُ) : بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: آذَيْتُهُ، وَلِذَا لَمْ يَعْطِفْ (لَعَنْتُهُ) : أَيْ: سَبَبْتُهُ (جَلَدْتُهُ) : أَيْ: ضَرَبْتُهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَكَرَ هَذِهِ الْأُمُورَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْدَادِ بِلَا تَنْسِيقٍ، وَقَابَلَهَا بِأَنْوَاعِ الْأَلْطَافِ مُتَنَاسِقَةً لِيَجْمَعَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ (فَاجْعَلْهَا) : أَيْ: تِلْكَ الْأَذِيَّةَ الَّتِي صَدَرَتْ بِمُقْتَضَى ضَعْفِ الْبَشَرِيَّةِ لَهُ أَيْ: لِمَنْ آذَيْتُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَاةً) أَيْ: رَحْمَةً وَتَلَطُّفًا وَإِكْرَامًا وَتَعْظِيمًا وَتَعَطُّفًا، تُوصِلُهُ إِلَى الْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ، (وَزَكَاةً) : أَيْ: طَهَارَةً مِنَ الذُّنُوبِ، وَالْمَعَائِبِ، وَنَمَاءَ بِرْكَةٍ فِي الْأَعْمَالِ وَالْمَنَاقِبِ (وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ) : أَيْ: تَجْعَلُ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ مُقَرَّبًا (بِهَا) : أَيْ: لِتِلْكَ الْقُرْبَةِ، أَوْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَأُخْتَيْهَا (إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: جُمْلَةُ تُقَرِّبُهُ بِهَا صِفَةٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ، وَأُخْتَيْهِ أَيْ: تُقَرِّبُهُ بِتِلْكَ الْأَذِيَّةِ، رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْمًا مِنْ حُجْرَتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ عَائِشَةُ، وَالْتَمَسَتْ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَجَذَبَتْ ذَيْلَهُ فَقَالَ لَهَا: " قَطَعَ اللَّهُ يَدَكِ " فَتَرَكَتْهُ، وَجَلَسَتْ فِي حُجْرَتِهَا مُغْضَبَةً ضَيِّقَةَ الصَّدْرِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا وَرَآهَا كَذَلِكَ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا " إِلَخْ. تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا، فَالسُّنَةُ لِمَنْ دَعَا عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ جَبْرًا لِفِعْلِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

2225 - وَعَنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَلِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَا مُكْرِهَ لَهُ» " (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2225 - (وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ» ": قِيلَ: مَنَعَ عَنْ قَوْلِهِ: إِنْ شِئْتَ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي الْقَبُولِ، وَاللَّهُ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا بُخْلَ عِنْدَهُ، فَلْيَسْتَيْقِنْ بِالْقَوْلِ، (وَلِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ) : أَيْ: لِيَطْلُبْ جَازِمًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ (إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) : اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مَفْعُولًا لَهُ لِلْعَزْمِ أَيْ: لِأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، أَوْ مَفْعُولًا بِهِ لِلْمَسْأَلَةِ أَيْ لِيَجْزِمْ مَسْأَلَتَهُ فَعَلَ مَا شَاءَ اهـ. وَكَوْنُهُ مَفْعُولًا بِهِ غَيْرُ صَحِيحِ الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ (لَا مُكْرِهَ لَهُ) : أَيْ: لِلَّهِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى فِعْلٍ أَرَادَ تَرْكَهُ، بَلْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: إِنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّقْيِيدِ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ مُوهِمٌ لِعَدَمِ الِاعْتِنَاءِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ لِاسْتِعْظَامِهِ عَلَى الْفَاعِلِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

2226 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ، وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ» " (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2226 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلِ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ» ": أَيْ: مَثَلًا (وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ) : أَيْ: لِيَجْزِمْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ (وَلْيُعَظِّمْ) : بِالتَّشْدِيدِ عَلَى (الرَّغْبَةَ) : أَيِ: الْمَيْلَ فِيهِ بِالْإِلْحَاحِ وَالْوَسَائِلِ. (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ) : يُقَالُ: تَعَاظَمَ زَيْدٌ هَذَا الْأَمْرَ أَيْ: كَبُرَ عَلَيْهِ وَعَسُرَ، أَيْ: لَا يَعْظُمُ عَلَيْهِ إِعْطَاءُ شَيْءٍ، بَلْ جَمِيعُ الْمَوْجُودَاتِ فِي أَمْرِهِ يَسِيرٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَوِ اجْتَمَعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ كُلٌّ مَسْأَلَتَهُ وَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا» " (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست