responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1501
تَامًّا، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، وَمَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، فَآثَرَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى» . (تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ (قَبْلَ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ) ، أَيِ: الشَّاكِرِينَ (بِنِصْفِ يَوْمٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُقَرَاءِ هُمُ الصَّالِحُونَ الصَّابِرُونَ، وَبِالْأَغْنِيَاءِ الصَّالِحُونَ الشَّاكِرُونَ الْمُؤَدُّونَ حُقُوقَ أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ تَحْصِيلِهَا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَتَوَقَّفُونَ فِي الْعَرَصَاتِ لِلْحِسَابِ مِنْ أَيْنَ حَصَّلُوا الْمَالَ؟ وَفَى أَيْنَ صَرَفُوهُ فِي الْمَآلِ؟ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَظَّ الْفُقَرَاءِ فِي الْقِيَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ حَظِّ الْأَغْنِيَاءِ ; لِأَنَّهُمْ وَجَدُوا لَذَّةً وَرَاحَةً فِي الدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ حَالُهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَعْلَى وَأَغْلَى لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: ( «أَجْوَعُكُمْ فِي الدُّنْيَا أَشْبَعُكُمْ فِي الْآخِرَةِ» ) وَهَذَا الْحَدِيثُ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّابِرَ أَفْضَلُ مِنَ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ (وَذَلِكَ) ، أَيْ: نِصْفُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ (خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] وَلَعَلَّ هَذَا الْمِقْدَارَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُخَفَّفُ عَلَى بَعْضِهِمْ إِلَى أَنْ يَصِيرَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْخَوَاصِّ كَوَقْتِ صَلَاةٍ أَوْ مِقْدَارِ سَاعَةٍ، وَوَرَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَأَفَادَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] أَنَّ غَايَةَ مَا يَطُولُ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْفَجْرِ إِلَى الزَّوَالِ وَهُوَ نِصْفُ يَوْمٍ مِنْ أَيْامِ الْآخِرَةِ الْمُعَادِلِ لِأَلْفِ سَنَةٍ، الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] فَمَخْصُوصٌ بِالْكَافِرِينَ، فَهُوَ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

2199 - وَعَنِ الْبَرَاءَ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2199 - (وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ) ، أَيْ: قِرَاءَتَهُ (بِأَصْوَاتِكُمْ) ، أَيِ: الْحَسَنَةُ أَوْ أَظْهِرُوا زِينَةَ الْقُرْآنِ بِحُسْنِ أَصْوَاتِكُمْ، قَالَ الْقَاضِي: قِيلَ مِنَ الْقَلْبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ رُوِىَ عَنِ الْبَرَاءَ أَيْضًا عَكْسُهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ تُزَيُّنُهُ بِالتَّرْتِيلِ وَالتَّجْوِيدِ وَتَلْيِينِ الصَّوْتِ وَتَحْزِينِهِ، وَأَمَّا التَّغَنِّي بِحَيْثُ يُخِلُّ بِالْحُرُوفِ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا فَهُوَ حَرَامٌ يَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ بِهِ الْمُسْتَمِعُ وَيَجِبُ إِنْكَارُهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَسْوَأِ الْبِدَعِ وَأَفْحَشِ الْإِبْدَاعِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ) . وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَزَادَ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يُزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ (حُسْنُ الصَّوْتِ زِينَةُ الْقُرْآنِ) وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ( «لِكُلِّ شَيْءٍ حِلْيَةٌ وَحِلْيَةُ الْقُرْآنِ الصَّوْتُ الْحَسَنُ» ) يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْحُلَلَ وَالْحُلِيَّ يُزِيدُ الْحَسْنَاءَ حُسْنًا وَهُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الْعَكْسِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْقَلْبِ لَا الْعَكْسِ فَتَدَبَّرْ. وَلَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ وَقَدْ ذَكَرَ سَيِّدُنَا وَسَنَدُنَا وَمَوْلَانَا الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ، وَالْغَوْثُ الصَّمَدَانِيُّ الشَّيْخُ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيِّ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - وَرَزَقَنَا فُتُوحَهُ فِي كِتَابِهِ الْغَنِيَّةُ الَّذِي لِلسَّالِكِينَ فِيهِ الْمُنْيَةُ، أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ نَوَاحِي الْكُوفَةِ وَإِذَا الْفُسَّاقُ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي دَارِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَمَعَهُمْ مُغَنٍّ يُقَالُ لَهُ زَاذَانُ، كَانَ يَضْرِبُ بِالْعُودِ وَيُغَنِّي بِصَوْتٍ حَسَنٍ فَلَمَّا سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الصَّوْتَ لَوْ كَانَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ أَحْسَنَ، وَجَعَلَ رِدَاءَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَمَضَى فَسَمِعَ ذَلِكَ الصَّوْتَ زَاذَانُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا قَالُوا: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَايِشُ: قَالَ، قَالُوا: قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الصَّوْتَ لَوْ كَانَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ كَانَ أَحْسَنُ، فَدَخَلَتِ الْهَيْبَةُ فِي قَلْبِهِ فَقَامَ وَضَرَبَ بِالْعُودِ فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهُ، وَجَعَلَ الْمَنْدِيلَ عَلَى عُنُقِ نَفْسِهِ، وَجَعَلَ يَبْكِي بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ، فَاعْتَنَقَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَجَعَلَ يَبْكِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ لَا أُحِبُّ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ؟ فَتَابَ مَنْ ضَرْبِهِ بِالْعُودِ، وَجَعَلَ مُلَازِمًا عَبْدَ اللَّهِ حَتَّى تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، وَأَخَذَ الْحَظَّ الْوَافِرَ مِنَ الْعِلْمِ، حَتَّى صَارَ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِأَبِي مُوسَى (لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ) وَأَنَّهُ قَالَ: (لَقَدْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ) وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «لَلَّهُ أَشَدُّ أُذْنًا، أَيْ إِقْبَالًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِمْ» ) وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ ( «أَحْسَنُ النَّاسِ قِرَاءَةً مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَتَحَزَّنُ فِيهِ» ) وَأَبُو يَعْلَى ( «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِالْحُزْنِ فَإِنَّهُ نَزَلَ بِالْحُزْنِ» ) وَهُوَ مَا يُنَافِي خَبَرَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: (نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالتَّفْخِيمِ) فَإِنَّ مَعْنَاهُ التَّعْظِيمُ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجْرٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ الرِّجَالِ وَلَا يُخْضِعُ الصَّوْتَ فَيَكُونَ مِثْلَ كَلَامِ النِّسَاءِ فَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنَ الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست