responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1469
وَبَطْنُهُ التَّدَبُّرَ لَهُ، وَقِيلَ: ظَهْرُهُ مَا اسْتَوَى فِيهِ الْمُكَلَّفُونَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ وَمُوجِبِهِ، وَبَطْنُهُ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّفَاوُتُ فِي فَهْمِهِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَإِنَّمَا أَرْدَفَ قَوْلَهُ يُحَاجُّ الْعِبَادَ بِقَوْلِهِ لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُطَالِبُ بِقَدْرِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ وَفَهْمِهِ، وَالْجُمْلَةُ خَالِيَةٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُحَاجُّ، أَيْ فَمَنِ اتَّبَعَ ظَوَاهِرَهُ وَبَوَاطِنَهُ فَقَدْ أَدَّى بَعْضَ حُقُوقِ الرُّبُوبِيَّةِ وَقَامَ بِأَفْضَلِ وَظَائِفِهِ الْعُبُودِيَّةِ (وَالْأَمَانَةُ) وَهِيَ كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ أَوِ الْخَلْقِ لَزِمَ أَدَاؤُهُ وَفُسِّرَتْ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] بِأَنَّهَا الْوَاجِبُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ (وَالرَّحِمُ) اسْتُعِيرَتْ لِلْقَرَابَةِ بَيْنَ النَّاسِ (تُنَادِي) بِالتَّأْنِيثِ، أَيْ قَرَابَةُ الرَّحِمِ أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَمَانَةِ وَالرَّحِمِ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنَ الثَّلَاثَةِ (أَلَا) حَرْفُ تَنْبِيهٍ (مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ) ، أَيْ بِالرَّحْمَةِ (وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ) ، أَيْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ إِخْبَارًا وَدُعَاءً، قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ، أَيْ هِيَ بِمَنْزِلَةٍ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَضِيعُ أَجْرَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُهْمِلُ مُجَازَاةَ مَنْ ضَيَّعَهَا وَأَعْرَضَ عَنْهَا، كَمَا هُوَ حَالُ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَ السَّلَاطِينَ الْوَاقِفِينَ تَحْتَ عَرْشِهِ فَإِنَّ التَّوَصُّلَ إِلَيْهِمْ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُمْ وَشُكْرَهُمْ وَشِكَايَتَهُمْ تَكُونُ مُؤَثِّرَةً تَأْثِيرًا عَظِيمًا، وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مَا يُحَاوِلُهُ الْإِنْسَانُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ دَائِرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَامَّةِ النَّاسِ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ وَأَهْلِهِ، فَالْقُرْآنُ وَصْلَةٌ إِلَى أَدَاءِ حَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْأَمَانَةُ تَعُمُّ النَّاسَ فَإِنَّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ وَسَائِرَ حُقُوقِهِمْ أَمَانَاتٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَمَنْ قَامَ بِهَا فَقَدْ أَقَامَ الْعَدْلَ وَمَنْ وَاصَلَ الرَّحِمَ وَرَاعَى الْأَقَارِبَ بِدَفْعِ الْمَخَاوِفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَقَدْ أَدَّى حَقَّهَا، وَقَدَّمَ الْقُرْآنَ لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَعْظَمُ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَعَقِبَهُ بِالْأَمَانَةِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الرَّحِمِ وَلِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَدَاءِ حَقِّ الرَّحِمِ، وَصَرَّحَ بِالرَّحِمِ مَعَ اشْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مُحَافَظَتِهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا أَحَقُّ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِالْحِفْظِ (رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ: وَفَى إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ وَاهٍ.

2134 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارَتْقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2134 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يُقَالُ) ، أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَتَوَجُّهِ الْعَامِلِينَ إِلَى مَرَاتِبِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَكَاسِبِهِمْ (لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ) ، أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَلِ لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَلْعَنُهُ (اقْرَأْ وَارَتْقِ) ، أَيْ إِلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ أَوْ مَرَاتِبِ الْقُرْبِ (وَرَتِّلْ) ، أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ فِي قِرَاءَتِكَ فِي الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ وَالشُّهُودِ الْأَكْبَرِ كَعِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ (كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ) ، أَيْ قِرَاءَتُكَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى وَفْقِ الْأَعْمَالِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (فِي الدُّنْيَا) مِنْ تَجْوِيدِ الْحُرُوفِ وَمَعْرِفَةِ الْوُقُوفِ النَّاشِئِ عَنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ وَمَعَارِفِ الْفُرْقَانِ (فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ «مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ» فَالْقُرَّاءُ يَتَصَاعَدُونَ بِقَدْرِهَا، قَالَ الدَّانِيُّ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَدَدَ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ، فَقِيلَ: وَمِائَتَا آيَةٍ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ، وَقِيلَ: وَأَرْبَعَ عَشَرَةَ، وَقِيلَ: وَتِسْعَ عَشَرَةَ، وَقِيلَ: وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيلَ: وَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ، وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الدَّيْلَمَيِّ فِي سَنَدِهِ كَذَّابٌ: " «دَرَجُ الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ آيِ الْقُرْآنِ، بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةٌ، فَتِلْكَ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ وَمِائَتَا آيَةٍ وَسِتَّ عَشَرَةَ آيَةٍ، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِقْدَارُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» " قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ التَّرَقِّيَ يَكُونُ دَائِمًا، فَكَمَا أَنَّ قِرَاءَتَهُ فِي حَالِ الِاخْتِتَامِ اسْتَدْعَتْ الِافْتِتَاحَ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ كَذَلِكَ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ وَالتَّرَقِّي فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَهُمْ كَالتَّسْبِيحِ لِلْمَلَائِكَةِ لَا تَشْغَلُهُمْ مِنْ مُسْتَلَذَّاتِهِمْ بَلْ هِيَ أَعْظَمُ مُسْتَلَذَّاتِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَنَالُ هَذَا الثَّوَابَ الْأَعْظَمَ إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ، فَإِنْ قُلْتَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّاحِبَ هُوَ الْحَافِظُ دُونَ الْمُلَازِمِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ، قُلْتُ: الْأَصْلُ فِيمَا فِي الْجَنَّةِ أَنَّهُ يَحْكِي مَا فِي الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ فِي الدُّنْيَا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُلَازِمَ لَهُ نَظَرًا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1469
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست