responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1432
وَالْعَجَبُ مِنَ ابْنِ الْهُمَامِ حَيْثُ قَالَ: وَمَنَعَ الْمُحَقِّقُونَ كَوْنَ الضِّيَافَةِ عُذْرًا كَالْكَرْخِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ، وَاسْتَدَلَّا بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» ". أَيْ: فَلْيَدْعُ لَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: ثَبَتَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْتِدَاءٍ ثَبَتَ، ثُمَّ لَا يَقْوَى قُوَّةَ حَدِيثِ سَلْمَانَ، يَعْنِي حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ: «آخَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبَى الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا آكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الْآنَ. قَالَ: فَصَلَّيْنَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنْ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: (صَدَقَ سَلْمَانُ) » .
وَهَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الضِّيَافَةَ عُذْرٌ، وَكَذَا مَا أَسْنَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَى جَابِرٍ قَالَ: «صَنَعَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا، فَدَعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ، فَلَمَّا أَتَى بِالطَّعَامِ تَنَحَّى رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (مَا لَكَ؟) قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (تَكَلَّفَ أَخُوكَ وَصَنَعَ طَعَامًا ثُمَّ تَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ، كُلْ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ) » اهـ.
قَالَ الشُّمُنِّيُّ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ: ( «أَخُوكَ تَكَلَّفَ وَصَنَعَ لَكَ طَعَامًا وَدَعَاكَ، أَفْطِرْ وَاقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ» ) وَرَوَاهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي صَنَعَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

2078 - عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ لَهَا: (أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا؟) قَالَتْ: لَا. قَالَ: (فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ ; وَالتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ. وَفِيهِ: «فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ: (الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2078 - (عَنْ أُمِّ هَانِئٍ) : بِهَمْزٍ بَعْدَ نُونٍ مَكْسُورَةٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ (قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ) أَيِ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ (فَتْحِ مَكَّةَ) : بِالْجَرِّ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ (جَاءَتْ فَاطِمَةُ) : أَيْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْيَسَارِ كَانَ بِإِشَارَةٍ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَوْ إِيمَاءً إِلَى قَصْدِ تَوَجُّهِ قَلْبِهِ وَخَاطِرِهِ إِلَيْهَا بِحُسْنِ الْمُقَابَلَةِ وَالِالْتِئَامِ، وَإِمَّا تَوَاضُعًا مِنْهَا مَعَ بِنْتِ عَمِّهَا، وَأُخْتِ زَوْجِهَا، وَعَمَّةِ أَوْلَادِهَا، مَعَ إِمْكَانِ أَنَّهَا كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهَا، وَإِمَّا لِشَغْلِ الْيَمِينِ أَوَّلًا بِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا: (وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ) : فَإِنَّ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ جَلَسَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا حَالٌ أَيْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ وَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِمَّا عَطْفًا عَلَى تَقْدِيرِ: وَجَاءَتْ أُمُّ هَانِئٍ، فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْكَلَامُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: وَأَنَا جَالِسَةٌ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ جَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّجْرِيدِ كَأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ نَفْسِهَا بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ وَضَعَ كَلَامَهُ مَكَانَ كَلَامِهَا اهـ. يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ نَقَلَ بِالْمَعْنَى. (فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ) : أَيِ: الْأَمَةُ (بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ) : أَيْ: مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَنَاوَلَتْهُ) : أَيِ الْجَارِيَةُ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مُقَدَّرٌ وَهُوَ الْإِنَاءُ (فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ) : أَيِ الْإِنَاءَ. وَفِي الْمَصَابِيحِ: ثُمَّ نَاوَلَهَا أَيْ: بَقِيَّةَ الْمَشْرُوبِ (أُمَّ هَانِئٍ) : إِمَّا لِكَوْنِهَا عَنِ الْيَمِينِ، أَوْ لِسَبْقِهَا بِالْإِيمَانِ، أَوْ لِكِبَرِ سِنِّهَا أَوْ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمِّ أَهْلِ الْبَيْتِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - (فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ أَفْطَرْتُ) : يَحْتَمِلُ الْمُضِيَّ وَالْحَالَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا سَيَأْتِي (وَكُنْتُ صَائِمَةً) : أَيْ: فَمَا الْحُكْمُ؟ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنَّمَا لَمْ تَذْكُرْ هَذَا قَبْلَ تَنَاوُلِهَا إِيثَارًا لِمَا آثَرَهَا بِهِ مِنَ التَّقَدُّمِ عَلَى بِنْتِهِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ عِنْدَهَا أَشْرَفُ وَأَعْلَى مِنَ الصَّوْمِ اهـ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست