responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1401
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ صَوْمَهُ أَفْضَلُ لِتَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ " وَإِنْ شِئْتَ " أَيِ: اخْتَرْتَ الْإِفْطَارَ " فَأَفْطِرْ " بِهَمْزَةِ قَطْعٍ، فَإِنَّهُ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 184] أَيْ: وَأَفْطَرَ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] أَيْ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ عَدَدِ تِلْكَ الْأَيَّامِ، قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: هَذَا التَّخْيِيرُ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا ابْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنْ صَامَ فِي السَّفَرِ قَضَى فِي الْحَضَرِ، وَإِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَكَأَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْفِطْرُ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ أَيْسَرُهَا لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] وَأَمَّا الَّذِي يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ وَلَا يُطِيقُهُ فَإِفْطَارُهُ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ: " «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» "، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَجْهُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» " وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أُولَئِكَ الْعُصَاةُ " فِيمَنْ بَلَغَ لَهُ إِنْ صَامُوا أَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَقْبَلْ قَلْبُهُ رُخْصَةَ اللَّهِ - تَعَالَى، فَأَمَّا مَنْ رَأَى الْفِطْرَ مُبَاحًا وَقَوِيَ عَلَى الصَّوْمِ فَصَامَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّخْيِيرِ، فَمَا رُوِيَ عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صَوْمِ الْعُصَاةِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشِّيعَةُ وَبَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِمَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَعْذُورٌ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى حَدِيثِ التَّخْيِيرِ بِخِلَافِهِمْ فَإِنَّهُمُ اطَّلَعُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوهُ لِغَيْرِ مَقْنَعٍ، فَغَيْرُ مُقْنِعٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ أَفْضَلَهُمَا أَيْسَرُهُمَا بَعْدَ نَقْلِهِ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ، فَمُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ مَعَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَيْسَرَ هُوَ الْأَفْضَلُ يَرْجِعُ فِي التَّحْقِيقِ إِلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، فَتَدَبَّرْ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ» " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْدُبُ التَّمَسُّكَ بِالرُّخْصَةِ إِذَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا، وَتَرْكَ التَّنَطُّعِ وَالتَّعَمُّقِ، وَمَنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَهُوَ لَهُ أَفْضَلُ مُسَارَعَةً لِبَرَأَةِ الذِّمَّةِ وَلِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ عُلَمَائِنَا: وَصَوْمُ سَفَرٍ لَا يَضُرُّهُ أَحَبُّ، وَفِي الْهِدَايَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْفِطْرُ أَفْضَلُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِنَا وَلَمْ يُحْكَ ذَلِكَ عَنْهُ إِنَّمَا هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَسَيَأْتِي لَفْظُ مُسْلِمٍ.

2020 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسِتَّ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2020 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا) أَيْ: جَاهَدْنَا الْكُفَّارَ (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِيهِ تَجْرِيدٌ أَوْ تَأْكِيدٌ لِأَنَّ الْغَزْوَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَهُ بِخِلَافِ السَّرِيَّةِ (لَسِتَّ عَشْرَةَ) أَيْ: لَيْلَةً (مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى غَلَطِ مَنْ قَالَ: إِنَّ أَحَدًا إِذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ فِي أَثْنَاءِ رَمَضَانَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ (فَمِنَّا مَنْ صَامَ) وَهُمُ الْأَقْوِيَاءُ (وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ) وَهُمُ الضُّعَفَاءُ أَوْ خُدَّامُ الْكُبَرَاءِ (فَلَمْ يَعِبْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: لَمْ يَلُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَا يَجِدُ، أَيْ: لَا يَغْضَبُ وَلَا يَعْتَرِضُ (الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ) لِأَنَّهُ عَمِلَ بِالرُّخْصَةِ (وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ) لِعَمَلِهِ بِالْعَزِيمَةِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَرُوِيَ أَيْضًا: «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَصُومُ الصَّائِمُ وَيُفْطِرُ الْمُفْطِرُ، وَلَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، مَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذِهِ غَيْرُ غَزْوَةِ الْفَتْحِ، لِأَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ اسْتُشْهِدَ قَبْلَهَا بِمُؤْتَةَ، وَغَيْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ لِأَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ حَضَرَ هَذِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ يَوْمَ بَدْرٍ اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَافَرَ أَيَّامَ رَمَضَانَ غَيْرَ هَاتَيْنِ الْغَزْوَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي الصَّحِيحِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ حَرٌّ شَدِيدٌ حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ رَمَضَانَ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا مَنَّا أَحَدٌ صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ يُوَافِقُ الرِّوَايَةَ الْأَخِيرَةَ لِمُسْلِمٍ، وَالرَّبِيعُ نَسَبَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى إِلَى الشَّيْخَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست