responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1334
الْجَبَلِ " أَيْ: فِي الثِّقَلِ، قِيلَ: هَذَا تَمْثِيلٌ لِزِيَادَةِ التَّفْهِيمِ وَخَصَّهُ بِالْفَلُوِّ ; لِأَنَّ زِيَادَتَهُ بَيِّنَةٌ وَفِي الْحَدِيثِ اقْتِبَاسٌ مِنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] فَالْمُرَادُ بِالرِّبَا جَمِيعُ الْأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَالصَّدَقَاتُ تُقَيَّدُ بِالْحَلَالَاتِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: «إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ» ، وَلَعَلَّ ذِكْرَ الرَّحْمَنِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَحْمَتِهِ وَسَعَةِ كَرَمِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي يُرْتَضَى يُتَلَقَّى بِالْيَمِينِ اسْتُعْمِلَتِ الْيَمِينُ فِي مِثْلِ هَذَا، أَقُولُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ السَّلَفِ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بِحَقِيقَةِ الْحَالَاتِ مَعَ اعْتِقَادِنَا التَّنْزِيهَ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّشْبِيهِ.

1889 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1889 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ» ") مَا نَافِيَةٌ وَمِنْ فِي قَوْلِهِ: " مِنْ مَالٍ " زَائِدَةٌ أَوْ تَبْعِيضِيَّةٌ أَوْ بَيَانِيَّةٌ أَيْ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مَالًا أَوْ بَعْضَ مَالٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ مَالٍ بَلْ تَزِيدُ أَضْعَافَ مَا يُعْطَى مِنْهُ بِأَنْ يَنْجَبِرَ بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّةِ أَوْ بِالْعَطِيَّةِ الْجَلِيَّةِ أَوْ بِالْمَثُوبَةِ الْعَلِيَّةِ، " «وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ» " أَيْ: بِسَبَبِ عَفْوِهِ عَنْ شَيْءٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الِانْتِقَامِ " إِلَّا عِزًّا " قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنَّهُ إِذَا عُرِفَ بِالْعَفْوِ سَادَ وَعَظُمَ فِي الْقُلُوبِ وَزَادَ عِزُّهُ، أَوِ الْمُرَادُ عِزُّ الثَّوَابِ وَكَذَا الْمُرَادُ مِنَ الرَّفْعِ فِي قَوْلِهِ " «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ» " بِأَنْ أَنْزَلَ نَفْسَهُ عَنْ مَرْتَبَةٍ يَسْتَحِقُّهَا لِرَجَاءِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ دُونَ غَرَضٍ غَيْرِهِ " «إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» " إِمَّا رَفَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا رَفَعَهُ فِي الْأُخْرَى، قُلْتُ: وَلَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

1890 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَلِلْجَنَّةِ أَبْوَابٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مَنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1890 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ» ") أَيْ: شَفْعًا مِنْ جِنْسٍ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الزَّوْجُ يُطْلَقُ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَعَلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمَا ; لِأَنَّهُ زَوْجٌ مِنْ آخَرَ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ. فَالْمُرَادُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الِاثْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَا الصِّنْفَانِ كَمَا تَوَهَّمَ ابْنُ حَجَرٍ، فَتَدَبَّرْ، قَالَ الطِّيبِيُّ: كَدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنَ الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَسُئِلَ أَبُو ذَرٍّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: مَا الزَّوْجَانِ؟ قَالَ: فَرَسَانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ بَعِيرَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ التَّكْرِيرُ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَشْفَعُ صَدَقَتَهُ بِأُخْرَى اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا صَدَقَتَانِ إِحْدَاهُمَا سِرٌّ وَالْأُخْرَى عَلَانِيَةٌ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 274] وَقِيلَ أَيْ: صَلَاتَيْنِ أَوْ صَوْمَيْنِ حَمْلًا لِلْحَدِيثِ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ النَّافِلَةَ لِلْفُقَرَاءِ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ لِلْأَغْنِيَاءِ (مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ) أَيِ: الزَّوْجَانِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِصِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ وَنَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ: فِي مَرْضَاتِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ.
وَقِيلَ: مَخْصُوصٌ بِالْجِهَادِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ يَعْنِي وَأَعَمَّ وَأَتَمَّ وَأَشْهَرَ فَتَدَبَّرْ " «دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ» " أَيْ: دَعَتْهُ الْخَزَنَةُ مِنْ جَمِيعِ أَبَوَابِهَا، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ أَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا يُوَازِي الْأَعْمَالَ يَسْتَحِقُّ بِهَا الدُّخُولَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ عَلَى أَجْمَلِ الْأَحْوَالِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ مِنْ أَحَدِ أَبَوَابِهَا لِمَا سَيَجِيءُ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَهَا بَابٌ، وَيُقَوِّيهِ سُؤَالُ الصِّدِّيقِ " «وَلِلْجَنَّةِ أَبْوَابٌ» " أَيْ: ثَمَانِيَةٌ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَكَرَهُ اسْتِطْرَادًا وَفِيهِ أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ ظَاهِرَةٌ جِدًّا وَهُوَ أَنَّ كُلَّ بَابٍ مِنْهَا يُسَمَّى بِبَابِ عِبَادَةٍ مِنْ أُمَّهَاتِ الطَّاعَةِ يَدْخُلُ مِنْهَا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْعِبَادَةُ وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا، كُلُّهَا بِوَصْفِ الزِّيَادَةِ، دُعِيَ مِنْ جَمِيعِ الْأَبْوَابِ الْوَارِدَةِ تَكْرِيمًا لِأَرْبَابِ الْوِفَادَةِ كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ " «فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَوَاتِ» " أَيْ: مِمَّنْ يُكْثِرُ النَّفْلَ؛ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ أَوْ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا " «دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ» " أَيْ: أَوَّلًا وَهُوَ أَفْضَلُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست