responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1269
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا لَمَا اعْتَذَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مُطَالَبَةِ زَكَاةِ مَالِ التِّجَارَةِ عَلَى خَالِدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، وَقِيلَ: تَظْلِمُونَهُ بِدَعْوَى مَنْعِ الزَّكَاةِ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَ تَبَرُّعًا سِلَاحَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ قَصَدَ بِاحْتِبَاسِهَا إِعْدَادَهَا لِلْجِهَادِ دُونَ التِّجَارَةِ، وَقِيلَ: تَظْلِمُونَهُ بِطَلَبِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فَإِنَّهُ قَدِ احْتَبَسَ الْأَدْرَاعَ وَالْأَعْتُدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ الَّتِي هِيَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَقِيلَ: بِدَعْوَى أَنَّهُ غَنِيٌّ وَقَدِ احْتَبَسَ مِنْ رَهْنِ أَسْلِحَتِهِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِأَجْلِ مَرْضَاةِ اللَّهِ، فَـ " فِي " تَعْلِيلِيَّةٌ (وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ) أَيْ صَدَقَةُ الْعَبَّاسِ لِلسَّنَةِ الذَّاهِبَةِ (عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا) أَيْ مِثْلُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ فِي كَوْنِهَا فَرِيضَةً عَامٌ آخَرُ، لَا فِي السِّنِينَ وَالْقَدْرِ، قِيلَ: أَخَّرَ عَنْهُ زَكَاةَ عَامَيْنِ لِحَاجَةٍ بِالْعَبَّاسِ، وَتَكَفَّلَ بِهَا عَنْهُ، وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ وَضَمَّنَهَا إِيَّاهُ، وَلَمْ يَقْبِضْهَا وَكَانَتْ دَيْنًا عَلَى الْعَبَّاسِ لِأَنَّهُ رَأَى بِهِ حَاجَةً، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى السَّاعِي قُلْتُ أَحْوَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِهِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ اهـ وَلَا مَنْعَ إِذَا رَأَى الْخَلِيفَةُ مِثْلَ هَذَا فِي بَعْضِ رَعَايَاهُ رِعَايَةً لِحَالِهِ مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى عَدَمِ فَوْتِ مَالِهِ، وَقِيلَ: تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ سَنَتَيْنِ تَقْدِيمًا عَامَ شَكَا الْعَامِلُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّا تَسَلَّفْنَا مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ "، وَرُوِيَ: إِنَّا تَعَجَّلْنَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِالْحَمْلِ عَلَى وُقُوعِ الْقَضِيَّتَيْنِ (ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْهَمْزَةُ اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَمَا نَافِيَةٌ، أَيْ مَا عَلِمْتَ (أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ النُّونِ، أَيْ مِثْلُهُ وَنَظِيرُهُ، إِذْ يُقَالُ لِنَخْلَتَيْنِ نَبَتَا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ صِنْوَانٌ، وَلِأَحَدِهِمَا صِنْوٌ، وَالْمَعْنَى أَمَا تَنَبَّهْتَ أَنَّهُ عَمِّي وَأَبِي، فَكَيْفَ تَتَّهِمُهُ بِمَا يُنَافِي حَالَهُ، لَعَلَّ لَهُ عُذْرًا، وَأَنْتَ تَلُومُهُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تُؤْذِهِ رِعَايَةً لِجَانِبِي (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

1779 - وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: «اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَخَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِى اللَّهُ، فَيَأْتِي أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقْرًا لَهُ خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعِرُ "، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبِطَيْهِ ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغَتُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِي قَوْلِهِ: " هَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ يُتَذَرَّعُ بِهِ إِلَى مَحْظُورٍ فَهُوَ مَحْظُورٌ، وَكُلُّ دَخِيلٍ فِي الْعُقُودِ يُنْظَرُ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ كَحُكْمِهِ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ أَمْ لَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1779 - (وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنَ الْأِزْدِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَبِيلَةٌ مِنْ بُطُونِ قَحْطَانَ (يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ) بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّاءِ، فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ، وَقَدْ تُفْتَحُ نِسْبَةً إِلَى بَنِي لُتَبٍ، قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَهَا، قَالُوا: وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ بِإِسْكَانِهَا، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْجَامِعِ: بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ التَّاءِ وَالْمَعْنَى جَعَلَهُ عَامِلًا (عَلَى الصَّدَقَةِ) وَسَاعِيًا فِي أَخْذِهَا (فَلَمَّا قَدِمَ) أَيِ الْمَدِينَةَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْعَمَلِ (قَالَ: هَذَا) إِشَارَةٌ لِبَعْضِ مَا مَعَهُ مِنَ الْمَالِ (لَكُمْ وَهَذَا) إِشَارَةٌ لِبَعْضٍ آخَرَ (أُهْدِيَ لِي فَخَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيِ النَّاسَ لِيُعَلِّمَهُمْ وَلِيُحَذِّرَهُمْ مِنْ فِعْلِهِ (فَحَمِدَ اللَّهَ) أَيْ شَكَرَهُ شُكْرًا جَزِيلًا (وَأَثْنَى عَلَيْهِ) أَيْ ثَنَاءً جَمِيلًا (ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ (فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ) أَيْ أَجْعَلُهُمْ عُمَّالًا (عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ) أَيْ جَعَلَ حَاكِمًا فِيهِ (فَيَأْتِي أَحَدُهُمْ) أَيْ مِنَ الْعُمَّالِ وَرُوعِيَ فِيهِ الْإِجْمَالُ وَلَمْ يُبَيِّنْ عَيْنَهُ سِتْرًا وَتَكَرُّمًا عَلَيْهِ (فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذِهِ) أُنِّثَ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ وَهِيَ (هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي) أَيْ أُعْطِيَتْ لِي، أَوْ أُرْسِلَتْ إِلَيَّ هَدِيَّةً (فَهَلَّا جَلَسَ) أَيْ لِمَ لَمْ يَجْلِسْ (فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَوْ لِلشَّكِّ، وَهَذَا تَغْيِيرٌ لِشَأْنِهِ، وَتَحْقِيرٌ لَهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ التَّعْظِيمُ مِنْ حَيْثُ عَمَلِهِ (فَيَنْظُرَ) بِالنَّصْبِ عَلَى جَوَابِ قَوْلِهِ فَهَلَّا يَجْلِسُ أَيْ فَيَرَى أَوْ يَنْتَظِرُ (أَيُهْدَى لَهُ) أَيْ شَيْءٌ فِي بَيْتِهِ الْأَصْلِيِّ (أَمْ لَا) لِعَدَمِ الْبَاعِثِ الْعَرَضِيِّ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً لِأَنَّهُ لَا يُعْطِهِ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا لِطَمَعٍ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ زَكَاتِهِ، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ يُعْطَى لِغَيْرِ هَذَا الْغَرَضِ أَيْضًا، لَكِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُعْطَى مِنْ حَيْثُ الْعَمَلِ، وَلَهُ أُجْرَةُ الْعَمَلِ مِنْ هَذَا الْمَالِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جِهَتَيْنِ، فَهُوَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ، وَمَا أُعْطِي لَهُ يَكُونُ دَاخِلًا مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ (وَالَّذِي نَفْسِي) أَيْ ذَاتِي أَوْ رُوحِي (بِيَدِهِ) أَيْ بِقَبْضَةِ تَصَرُّفِهِ (لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ) أَيْ خُفْيَةً أَوْ عَلَانِيَةً (مِنْهُ) أَيْ مَالِ الصَّدَقَةِ (شَيْئًا) أَيْ أَصَالَةً أَوْ تَبَعًا (إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ صَارَ سَبَبًا لِمَجِيئِهِ (يَحْمِلُهُ) حَالٌ أَوِ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ (عَلَى رَقَبَتِهِ) أَيْ تَشْهِيرًا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست