responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 974
(كُلُّ مَوْلُودٍ مِنْ بَنِي آدَمَ) : وَتَخْصِيصُهُمْ تَشْرِيفٌ لَهُمْ (فِي هَذِهِ السَّنَةِ) ، أَيْ: الْآتِيَةِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ (وَفِيهَا أَنْ يُكْتَبَ كُلُّ هَالِكٍ) ، أَيْ: مَيِّتٌ (مِنْ بَنِي آدَمَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] مِنْ أَرْزَاقِ الْعِبَادِ وَآجَالِهِمْ، وَجَمِيعِ أُمُورِهِمْ إِلَى الْأُخْرَى الْقَابِلَةِ (وَفِيهَا تُرْفَعُ أَعْمَالُهُمْ) ، أَيْ: تُكْتَبُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي تُرْفَعُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَلِهَذَا سَأَلَتْ عَائِشَةُ: مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَخْ، أَيْ كَمَا سَيَأْتِي، وَالِاسْتِفْهَامُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ، يَعْنِي إِذَا كَانَتِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الْكَائِنَةُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ تُكْتَبُ قَبْلَ وُجُودِهَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ، فَقَرَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَجَابَ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: حَذَفَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبِلَهُ، وَالْمَعْنَى تُرَفْعُ أَعْمَالُهُمْ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَلَا يُنَافِيهِ رَفْعُهَا كُلَّ يَوْمٍ أَعْمَالَ اللَّيْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَعْمَالَ النَّهَارِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَكُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ رَفْعٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ مَا يَقَعُ فِي السَّنَةِ، وَالثَّانِي رَفْعٌ خَاصٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَالثَّالِثَ رَفْعٌ لِجَمِيعِ مَا يَقَعُ فِي الْأُسْبُوعِ وَكَانَ حِكْمَةُ تَكْرِيرِ هَذَا الرَّفْعِ مَزِيدُ تَشْرِيفِ الطَّائِعِينَ وَتَقْبِيحِ الْعَاصِينَ، وَقَيْدُ شَارِحٌ الْأَعْمَالِ بِالصَّالِحَةِ: وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] وَوَاضِحٌ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ لِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّفْعِ فِيهَا الْقَبُولُ وَهُوَ غَيْرُ الْمُرَادِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. (وَفِيهَا تَنْزِلُ) : بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَرُوِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا (أَرْزَاقُهُمْ) ، أَيْ: أَسْبَابُ أَرْزَاقِهِمْ أَوْ تَقْدِيرِهَا، وَهُوَ يَشْمَلُ حِسِّيهَا وَمَعْنَوِيهَا.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ تَنْزِيلُ عِلْمِ مَقَادِيرِهَا لِلْمُوَكَّلِينَ بِهَا، أَوْ أَسْبَابِهَا كَالْمَطَرِ بِأَنْ يَنْزِلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، أَوْ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى السَّحَابِ الَّذِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ، وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ الْمُرَادَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] قَدْ يَشْهَدُ لِلثَّانِي، وَاحْتِمَالُ إِرَادَةِ السَّحَابِ بِالسَّمَاءِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، قِيلَ: هَذَا كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] اهـ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُرَادِ فِي الْآيَةِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَهُوَ وَإِنْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ بَلْ صَرِيحَهُ يَرُدُّهُ لِإِفَادَتِهِ فِي آيَةِ أَنَّهُ نَزَلَ فِي رَمَضَانَ، وَفِي أُخْرَى أَنَّهُ نَزَلَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَلَا تَخَالُفَ بَيْنِهِمَا ; لِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ جُمْلَةِ رَمَضَانَ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا النُّزُولِ نُزُولُهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُتَفَرِّقًا بِحَسِبِ الْحُجَّةِ وَالْوَقَائِعِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا النُّزُولَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ثَبَتَ أَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُفَرْقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَا نِزَاعَ فِي أَنْ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ يَقَعُ فِيهَا فَرْقٌ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهَا الْمُرَادَةُ مِنَ الْآيَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَادَةٌ مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ وُقُوعُ ذَلِكَ الْفَرْقِ فِي كُلٍّ مِنَ اللَّيْلَتَيْنِ إِعْلَامًا بِمَزِيدِ شَرَفِهِمَا اهـ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ الْفَرْقُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مَا يُصَدَّرُ إِلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ فِي إِحْدَاهِمَا إِجْمَالًا، وَفِي الْأُخْرَى تَفْصِيلًا، أَوْ تَخُصُّ إِحْدَاهُمَا بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالْأُخْرَى بِالْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْعَقْلِيَّةِ. (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا مِنْ أَحَدٍ) : مِنْ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ الِاسْتِغْرَاقِ (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) ، أَيْ: أَوَّلًا وَآخِرًا بِدَلَالَةِ الْإِطْلَاقِ، لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ (إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّه تَعَالَى) :

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 974
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست