responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 878
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ كَمَا لَا يَخْفَى، (فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا) : وَانْفِرَادُهُ لِكَوْنِهِ ضَرُورَةً غَيْرُ مَكْرُوهٍ، (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا) : بِسَبَبِ الْعُذْرِ (يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : قِيلَ: يَصْنَعُ صُنْعَهُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ أَوْضَحُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُقْتَدِيًا بِأَبِي بَكْرٍ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ التَّقَدُّمَ عِنْدَهُمْ جَائِزٌ اهـ.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا تَقَدُّمَ حَيْثُ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا بِثَبْتٍ، وَلَعَلَّ الْمَالِكِيَّةَ لَهُمْ دَلِيلٌ غَيْرُ هَذَا التَّعْلِيلِ، (وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ: يَصْنَعُونَ مِثْلَ مَا صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ بِجَنْبِهِ قَائِمًا ; لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إِمَامَ الْقَوْمِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامَهُ ; إِذِ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَأْمُومِ لَا يَجُوزُ، بَلِ الْإِمَامُ كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِهِ، كَذَا حَرَّرَهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: يُسْمِعُ) : مِنَ الْإِسْمَاعِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: يُبَلِّغُ (أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ التَّكْبِيرَ) أَيْ: تَكْبِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُكَبِّرًا لَا إِمَامًا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي أُخْرَى لَهُ، أَيْضًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمُ التَّكْبِيرَ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي الدِّرَايَةِ وَبِهِ يُعْرَفُ جَوَازُ رَفْعِ الْمُؤَذِّنِينَ أَصْوَاتَهُمْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهَا اهـ.
أَقُولُ: لَيْسَ مَقْصُودًا خُصُوصُ الرَّفْعِ الْكَائِنِ فِي زَمَانِنَا بَلْ أَصْلُ الرَّفْعِ لِإِبْلَاغِ الِانْتِقَالَاتِ، أَمَّا خُصُوصُ هَذَا الَّذِي تَعَارَفُوهُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مُفْسِدٌ، فَإِنَّهُ غَالِبًا يَشْتَمِلُ عَلَى مَدِّ هَمْزَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ أَكْبَرُ أَوْ بَائِهِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَمِلْ فَلِأَنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي الصِّيَاحِ زِيَادَةً عَلَى حَاجَةِ الْإِبْلَاغِ وَالِاشْتِغَالِ بِتَحْرِيرَاتِ النَّغَمِ إِظْهَارًا لِلصِّنَاعَةِ النَّغَمِيَّةِ لَا إِقَامَةً لِلْعِبَادَةِ، وَالصِّيَاحُ مُلْحَقٌ بِالْكَلَامِ الَّذِي سَاقَهُ ذَلِكَ الصِّيَاحُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ أَنَّهُ إِذَا ارْتَفَعَ بُكَاؤُهُ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَا تَفْسُدُ، وَلِمُصِيبَةٍ بَلَغَتْهُ تَفْسُدُ ; لِأَنَّهُ فِي التَّعَرُّضِ الْأَوَّلِ تَعَرَّضٌ لِسُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ، وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: إِنَّ الْمُرَادَ إِذَا حَصَلَ بِهِ الْحُرُوفُ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَا تَفْسُدُ، وَفِي الثَّانِي لِإِظْهَارِهَا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَا فَقَالَ: وَامُصِيبَتَاهُ؟ أَوْ أَدْرِكُونِي فَهُوَ مُفْسِدٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَهُنَا مَعْلُومٌ أَنَّ قَصْدَهُ إِعْجَابُ النَّاسِ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: اعْجَبُوا مِنْ حُسْنِ صَوْتِي وَتَحْرِيرِي فِيهِ أَفْسَدَ، وَحُصُولُ الْحُرُوفِ لَازِمٌ مِنَ التَّلْحِينِ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ يَصْدُرُ مِمَّنْ فَهِمَ مَعْنَى الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ، كَمَا لَا أَرَى تَحْرِيرَ النَّغَمِ فِي الدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْقُرَّاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَصْدُرُ مِمَّنْ فَهِمَ مَعْنَى الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا نَوْعُ لَعِبٍ فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ فِي الشَّاهِدِ سَائِلُ حَاجَةٍ مِنْ مَلِكٍ أَدَّى سُؤَالَهُ وَطَلَبَهُ بِتَحْرِيرِ النَّغَمِ فِيهِ مِنَ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ، وَالتَّغْرِيبِ فِي الرُّجُوعِ كَالتَّغَنِّي نُسِبَ أَلْبَتَّةَ إِلَى قَصْدِ السُّخْرِيَةِ وَاللَّعِبِ ; إِذْ مَقَامُ طَلَبِ الْحَاجَةِ التَّضَرُّعُ لَا التَّغَنِّي.
قُلْتُ: وَأَغْرَبُ مِنْهُ أَنَّهُ تَفَرَّعَ عَلَى تَطْوِيلِ الْمُكَبِّرِينَ حَتَّى فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ أَنَّهُ يَزِيدُ الْإِمَامُ فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَيَقِفُ فِي حَالَاتِ الِانْتِقَالَاتِ انْتِظَارًا لِفَرَاغِهِمْ مِنَ التَّمْطِيطَاتِ، فَانْقَلَبَ الْأَمْرُ وَانْعَكَسَ الْمَوْضُوعُ، وَبَقِيَ الْإِمَامُ تَابِعًا وَالْمُكَبِّرُ هُوَ الْمَتْبُوعُ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَيُصَلِّي الْقَائِمُ خَلْفَ الْقَاعِدِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَالْقَاعِدُ خَلْفَ قَائِمٍ جَائِزٌ اتِّفَاقًا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَجُوزُ لِصَحِيحٍ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَرِيضٍ يُصَلِّي قَاعِدًا وَإِنْ كَانَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، وَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ كَانَ مَخْصُوصًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ صُلِّيَ بَعْضُهُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْضُهُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَجُوزُ الْيَوْمَ هَذَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَذَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَلَا يُنَافِيهِ تَجْوِيزُ الشَّافِعِيَّةِ بَعْضَ الصُّوَرِ إِذْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الصِّدِّيقَ نَوَى الِانْتِقَالَ مِنَ الْإِمَامَةِ إِلَى الْمَأْمُومِيَّةِ، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْأَحْوَالِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 878
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست