responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1231
إِذَا جَرَى دَمْعُهَا. (فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: وَأَنْتَ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيِ: النَّاسُ يَبْكُونَ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْكِي كَمَا نَبْكِي! قَالَ الطِّيبِيُّ: وَأَنْتَ تَفْعَلُ كَذَا، وَتَنْفَجِعُ لِلْمَصَائِبِ كَالنَّاسِ، اسْتَغْرَبَ مِنْهُ ذَلِكَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ مُقَاوَمَةِ الْمُصِيبَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَيْهَا، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي تُشَاهِدُهَا رِقَّةٌ وَرَحْمَةٌ عَلَى الْمَقْبُوضِ، لَا مَا تَوَهَّمْتَ مِنْ قِلَّةِ الصَّبْرِ. (فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا) أَيِ: الدَّمْعَةُ أَوِ الْحَالَةُ الَّتِي تُشَاهِدُهَا. (رَحْمَةٌ) أَيْ: أَثَرُ رَحْمَةٍ. (ثُمَّ أَتْبَعَهَا) أَيْ: تِلْكَ الْمَرَّةَ مِنَ الْبُكَاءِ. (بِأُخْرَى) أَيْ: بِمَرَّةٍ أُخْرَى وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: أَتْبَعَ الدَّمْعَةَ الْأُولَى بِدَمْعَةٍ أُخْرَى، أَوْ أَتْبَعَ الْكَلِمَةَ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: إِنَّهَا رَحْمَةٌ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى. (فَقَالَ: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ) بِالنَّصْبِ وَيُرْفَعُ. (يَحْزَنُ) بِفَتْحِ الزَّايِ:، وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ ضَمِّ الزَّايِ فَخَطَأٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّهُ بِالضَّمِّ مُتَعَدٍّ، وَبِالْفَتْحِ لَازِمٌ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مِنْ شَأْنِهِمَا ذَلِكَ، وَلَا يُمْنَعَانِ مِمَّا خُلِقَا لَهُمَا، خُصُوصًا إِذَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الرَّحْمَةِ، فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَثُوبَةُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إِنَّهَا رَحْمَةٌ كَلِمَةً مُجْمَلَةً، فَعَقَّبَهَا بِالتَّفْصِيلِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَيَنْصُرُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، أَيْ: هَذِهِ الدَّمْعَةُ الَّتِي تَرَاهَا فِي الْعَيْنِ أَثَرُ رَحْمَةٍ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ. (وَلَا نَقُولُ) أَيْ: مَعَ ذَلِكَ. (إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا) وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ رَبِّنَا. (وَإِنَّا لِفِرَاقِكَ) أَيْ: بِسَبَبِ مُفَارَقَتِكَ إِيَّانَا. (يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ) أَيْ: طَبْعًا وَشَرْعًا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْزَنْ فَمِنْ قَسَاوَةِ قَلْبِهِ، وَمَنْ لَمْ يَدْمَعْ فَمِنْ قِلَّةِ رَحْمَتِهِ، فَهَذَا الْحَالُ أَكْمَلُ عِنْدَ أَرْبَابِ الْكَمَالِ، مِنْ حَالِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ مِنَ الْمَشَايِخِ فَضَحِكَ، فَإِنَّ الْعَدْلَ أَنْ يُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ سَنَدُهَا حَسَنٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَبْكِي أَوَلَمْ تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ؟ ! فَقَالَ: لَا وَلَكِنِّي نَهَيْتُ عَنِ النَّوْحِ» .

1723 - «وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ; فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا ; فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، فَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1723 - (وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: زَيْنَبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَصَوَّبَهُ غَيْرُهُ. (إِلَيْهِ) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. (إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ) أَيْ: قَرُبَ قَبْضُهُ وَمَوْتُهُ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: دَخَلَ فِي حَالَةِ الْقَبْضِ وَمُعَالَجَةِ النَّزْعِ، وَفِي النِّهَايَةِ قُبِضَ الْمَرِيضُ إِذَا تُوُفِّيَ، وَإِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ، ثُمَّ قِيلَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَاشَ حَتَّى نَاهَزَ الْحُلُمَ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ لَهُ صَبِيٌّ عُرْفًا، بَلْ لُغَةً، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ يَكْفِي هُنَا، وَقِيلَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. (فَأْتِنَا) أَيْ: احْضَرْنَا. (فَأَرْسَلَ) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا. (يَقْرَأُ السَّلَامَ) عَلَيْهَا. (وَيَقُولُ) تَسْلِيَةً لَهَا. (إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ) وَوَقَعَ فِي الْحِصْنِ: وَلِلَّهِ، وَهُوَ مَعَ مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ خِلَافُ مَا فِي الْأُصُولِ. (مَا أَعْطَى) مَا: فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ التَّقْدِيرُ: لِلَّهِ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ، وَعَلَى الثَّانِي لِلَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ، وَلَهُ مَا أَعْطَى مِنْهُمْ، أَوْ مَا هُوَ أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي تَقَدُّمِ الْمَجَازِ إِشَارَةٌ إِلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَقَدَّمَ الْأَخْذَ عَلَى الْإِعْطَاءِ مَعَ أَنَّ الْأَخْذَ مُتَأَخِّرٌ فِي الْوَاقِعِ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَأْخُذَهُ هُوَ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ أَخَذَ مَا هُوَ لَهُ، فَلَا يَنْبَغِي الْجَزَعُ ; لِأَنَّ مَنْ يُسْتَوْدَعُ الْأَمَانَةَ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْجَزَعُ إِذَا اسْتُعِيدَتْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ إِعْطَاءَ الْحَيَاةِ لِمَنْ بَقِيَ بَعْدَ الْمَيِّتِ، وَثَوَابَهُمْ عَلَى الْمُصِيبَةِ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. (وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى) قَالَ مِيرَكُ: أَيْ: كُلٌّ مِنَ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، أَوْ مِنَ الْأَنْفُسِ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ كُلٌّ مِنَ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ عِنْدَ اللَّهِ مُقَدَّرٌ مُؤَجَّلٌ. قَالَ مِيرَكُ: وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ النَّصْبُ عَطْفًا عَلَى أَنْ، فَيَنْسَحِبُ التَّأْكِيدُ عَلَيْهِ أَيْضًا، أَقُولُ: لَكِنْ لَا يُسَاعِدُهُ الرَّسْمُ، وَالرِّوَايَةُ. قَالَ: وَمَعْنَى الْعِنْدِيَّةِ الْعِلْمُ، فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ، وَالْأَجَلُ يُطْلَقُ عَلَى الْحَدِّ الْأَخِيرِ عَلَى مَجْمُوعِ الْعُمُرِ. (فَلْتَصْبِرْ) أَيْ: هِيَ. (وَلْتَحْتَسِبْ) أَيْ: تَطْلُبِ الْأَجْرَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ الْمُؤَنَّثِ، أَوِ الْحَاضِرِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) فَعَلَى هَذَا الْمُبَلِّغُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلَفَّظَ بِهِ فِي الْغَيْبَةِ اهـ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصَّبْرَ يُورِثُ الثَّوَابَ، وَالْجَزَعَ يُفَوِّتُهُ عَنِ الْمُصَابِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي التَّعْزِيَةِ، وَلِذَا قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ: فَإِذَا عَزَّى أَحَدًا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست