responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1167
أَصَابَهُ، سَهُلَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ، وَأَمَّا التَّلَفُّظُ بِذَلِكَ مَعَ الْجَزَعِ فَقَبِيحٌ، وَسُخْطٌ لِلْقَضَاءِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّ كُلَّ مَا مَدَحَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ خَصْلَةٍ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِهَا كَمَا أَنَّ الْمَذْمُومَةَ فِيهِ تَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: التَّلَفُّظُ بِذَلِكَ مَعَ الْجَزَعِ قَبِيحٌ فَمَرْدُودٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ خَلْطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالْعَمَلِ السُّوءِ كَالِاسْتِغْفَارِ مَعَ الْإِصْرَارِ قَالَ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102] . (اللَّهُمَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وَفِيهِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْآيَةِ مُطْلَقُ الدُّعَاءِ، وَفِي الْحَدِيثِ الدُّعَاءُ الْخَاصُّ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ مَحْذُوفٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُحْتَمَلُ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَلِّمَ أَمَتَهُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ كُلَّهُ بِخُصُوصِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكَلُّفِ مَا ذَكَرَ فِيهِمَا اهـ. وَالِاحْتِمَالُ مُسَلَّمٌ وَالظَّاهِرُ مَمْنُوعٌ. (آجِرْنِي) بِسُكُونِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَبِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْجِيمِ. (فِي مُصِيبَتِي) الظَّاهِرُ أَنَّ فِي بِمَعْنَى بَاءِ السَّبَبِيَّةِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إِنَّهَا بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] فَغَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَجَرَهُ يُؤْجِرُهُ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ، وَكَذَلِكَ آجَرَهُ يَأْجُرُهُ اهـ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا يَعْنِي مُجَرَّدَهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الزَّيْنُ: آجَرَهُ اللَّهُ يَأْجُرُهُ وَيَأْجِرُهُ أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ لَكِنَّ الْكَسْرَ مَعَ الْقَصْرِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النُّسَخِ. قَالَ مِيرَكُ: رُوِيَ بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْجِيمِ، وَبِالْقَصْرِ وَضَمِّهَا، وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ مَقْصُورٌ لَا يُمَدُّ وَمَعْنَى أَجَرَهُ اللَّهُ أَعْطَاهُ أَجْرَهُ وَجَزَاءَ صَبْرِهِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ بِهَمْزِ الْوَصْلِ. قُلْتُ: هَذَا سَهْوٌ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْهَمْزَةَ الْمَوْجُودَةَ إِنَّمَا هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ، وَهَمْزَةُ الْوَصْلِ سَقَطَتْ فِي الدَّرْجِ. (وَاخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا) أَيِ: اجْعَلْ لِي خَلَفًا مِمَّا فَاتَ عَنِّي فِي هَذِهِ الْمُصِيبَةِ. (إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا) قَالَهُ الطِّيبِيُّ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ يُقَالُ: لِمَنْ ذَهَبَ مَا لَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُ مِثْلِهِ بِأَنْ ذَهَبَ وَالِدُهُ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْهُ بِغَيْرِ أَلْفٍ أَيْ: كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً مِنْهُ عَلَيْكَ، وَيُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ أَوْ وَلَدٌ أَوْ مَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُ مِثْلِهِ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَيْ: رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ مِثْلَهُ. (فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ) تَعْنِي زَوْجَهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِانْتِفَاضِ جُرْحِهِ الَّذِي جُرِحَ بِأُحُدٍ، وَهُوَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، أَسْلَمَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ. (قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟) قَالَ الطِّيبِيُّ: تَعْجَبُ مِنْ تَنْزِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا عَلَى مُصِيبَتِهَا فِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمَغَازِي فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بِالظَّعِينَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَخَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَابْنَ عَمَّتِهِ، اسْتِعْظَامًا لِأَبِي سَلَمَةَ اهـ. يَعْنِي عَلَى زَعْمِهَا. (أَوَّلُ بَيْتٍ) اسْتِئْنَافٌ فِيهِ بَيَانٌ لِلتَّعَجُّبِ وَتَعْلِيلٌ لَهُ، وَالتَّقْدِيرُ فَإِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ أَيْ: أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ. (هَاجَرَ) أَيْ: مَعَ عِيَالِهِ. (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - بِنَاءً عَلَى الْمُتَابَعَةِ. (ثُمَّ أَنِّي قُلْتُهَا) أَيْ: كَلِمَةَ الِاسْتِرْجَاعِ، وَالدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ بَعْدَهَا. (فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - أَيْ: بِأَنْ جَعَلَنِي زَوْجَتَهُ، وَكَانَ عِوَضَ خَيْرٍ لِي مِنْ زَوْجِي أَبِي سَلَمَةَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، قَالَهُ مِيرَكُ.

1619 - وَعَنْهَا قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرَهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ; فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ: " لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ ; فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ": ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1619 - (وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. (قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرَهُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ إِذَا نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِ طَرْفُهُ، وَضَمُّ الشِّينِ مِنْهُ غَيْرُ مُخْتَارٍ، نَقَلَهُ السَّيِّدُ عَنِ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: شَقَّ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ أَيْ: بَقِيَ بَصَرُهُ مَفْتُوحًا هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَالشِّينُ مَفْتُوحَةٌ بِلَا خِلَافٍ نَقَلَهُ مِيرَكُ، وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ: أَنَّهُ يُقَالُ: شَقَّ بَصَرُ الْمَيِّتِ وَلَا يُقَالُ: شَقَّ الْمَيِّتُ بَصَرَهُ، وَهُوَ الَّذِي حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَصَارَ يَنْظُرُ إِلَى الشَّيْءِ وَلَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِ طَرْفُهُ، ذَكَرَهُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست